«نواب الأرض والسماء» هو العنوان الذى اختارته مجلة «الناقد» لكتابها الصادر عام ١٩٩٥ ومجمل العنوان «العنف الأصولى ونواب الأرض والسماء»، والكتاب ٣٠٤ صفحات مقسم إلى عناوين أساسية كل منها أسهم فى كتابته عدد من المفكرين المجددين والمستنيرين، والفصل الأول وعنوانه «حوار العقل والمقدس» تناوله ثمانية منهم كل منهم اختار زاوية.. وسنحاول قدر استطاعتنا المرور سريعا على كتاباتهم.
ويبدأ الكتابة عزيز العظمة بعنوان «القومية من التفاهم مع الإسلام إلى الاستسلام له» ويبدأ قائلا: «ثمة أمر غريب يصم الأصوات التى نسمعها تدعو إلى تطبيع الحركات الإسلامية سياسيا وإلى محاوراتها والقبول المبدئى بها كجزء مكون من مكونات الجسم السياسى العربي»، ويبدى عزيز العظمة تعجبه قائلا: «فإن كان الخطاب السياسى الإسلامى خطابا سياسيا يشد ويرخي، ويقترب ويبتعد.. يؤكد ويجزم ويراوغ، إلا أن دعاة الحوار والتطبيع معه يؤسسون دعوتهم على الإيمان بديمقراطية مجردة لا تشوبها السياسة وأن البازار الديمقراطى يجب أن يتسع لكل من يملك المساهمة فيه، وأن التطرف والإرهاب الإسلاميين يمكن تهذيبهما بالديمقراطية وبالحجة الرشيدة»، ويرد العظمة على التصالحيين بما كان فى التجربة الجزائرية قائلا لقد ثبت «أن الأخذ بمرجعية الديمقراطية الشكلية شأن ينطوى على سذاجة فى النظر إلى السياسة اليومية فحسب، بل يتجاهل أن الديمقراطية لا تنفصل عن توازن قوى اجتماعية وسياسية ومؤسساتية وأن مجىء الإسلاميين إلى السلطة كان من شأنه قسر العملية الاجتماعية على الاندراج فى إطار هندسة تستبعد الآخرين وتعمل على إدخال المجتمع والثقافة والدولة فى قوالب من اختراع المخيلة الأيديولوجية للإسلاميين وسننهم البالية» (ص١٤).. فى ١٩٩٥ كتب العظمة ذلك عن الجزائر وتحققت نبوءته فى ٢٠١٣ فى مصر، ويمضى العظمة قائلا: «التصالحيون يدركون أن الإسلاميين يتكلمون بلسانين لكنهم يراهنون على إمكانية تهذيب هذه الحركات قياسا على ما كان مع الأحزاب الديمقراطية المسيحية والفارق كبير.. إنهم يتجاهلون الخطاب الرجعى المتشدد الذى يشجع العنف والإرهاب (ويروى بالتفصيل شهادة الشيخ الغزالى المعتدل لصالح قاتل فرج فودة على أساس أن من يجهر بعدم تطبيق الشريعة مرتد ويستحق القتل)، ويؤكد: «هم يتلونون حسب المصلحة ولا معتدل فيهم».. ويواصل وكأنه يحكى عن وضعنا الراهن «ومعروف أن بعض الأوساط الأمريكية والأوروبية والبارزين فى السوق الأوروبية المشتركة كانوا على استعداد للترحيب باستيلاء جبهة الإنقاذ الجزائرية على السلطة وما زالوا يضغطون على الحكومة المصرية للتفاهم مع الإسلاميين ومن الواضح أن ثمة لوبى إسلامى من الصحفيين والأكاديميين الفرنجة ينشط فى الترويج لديمقراطية الإسلاميين» (١٨).. ويتحدث عن مصر قائلا «إن الإرهاب الأصولى يدفع مثقفين مصريين إلى الهروب للأمام والدعوة إلى محاورة الأصوليين ومنحهم الشرعية» ويقول «إن دعاة التصالح هم فئات من المثقفين الذين يشعرون أنهم يتامى إن لم يكونوا فى السلطة أو على علاقة إيجابية معها، فيرون فى الإسلاميين مشروع سلطة بديلة قد ترتفع بهم من فراغ سياسى إلى مواقع سلطوية» (ص٢٧).. ثم هو يعاتبهم قائلا إنهم «يبشرون باستمداء النور من الظلام، ويعتقدون أن التجهيل والتفاخر بالتخلف الاجتماعى وعقدته المتمثلة بدونية المرأة وحجابها نموذج لاستقرار فكر الجماعة ورجولة رجالها.. وهكذا فإن المثقفين الضالعين فى المصالحة التاريخية مع الإسلاميين إنما يتخلون عن مسئولية المثقف ويسمحون لشهوة السلطة بأن تدفع بهم إلى التصالح مع الانحطاط والهزيمة بزعم التصالح مع الواقع، وأن يكون التصالح السياسى فى سراب مشاركتهم السياسية مع الإسلاميين سبيلا لتصالح ثقافى واجتماعى يكون بالقطع تخليا عن المقومات الثقافية والاجتماعية للتقدم باسم الواقعية.. إنها شهوة السلطة متخلية عن العقل النقدى النابذ للظلام الفكرى والتخلف الاجتماعى والاستبداد السياسي» (ص٢٩).
وقد يستشعر القارئ قدرا من الدهشة فعزيز العظمة يتحدث عن متأسلمى الجزائر وتجربتهم وتجربة بعض المثقفين الجزائريين من التصالح معهم وموقف العرب وأمريكا المساند للتأسلم، فإذا بكل ذلك يتطابق مع موقف متأسلمى جماعة الإخوان ومع موقف دعاة التصالح معهم من حفنة من مثقفى البرجوازية الصغيرة والمتوسطة المصرية وموقف الغرب وأمريكا منهم ومنا.. ولكننى وبصراحة تامة لم أدهش فقد تكون كثيرا من المتغيرات وقعت بين عام الكتابة ١٩٩٥ وبين الحاضر.. عشرون عاما مضت لكن لا المتأسلمون تغيروا ولا المثقفون الطامعون فى التسلق الواهم على أكتاف المتأسلمين تغيروا ولا أمريكا والغرب وموقفهم المتواطئ مع التأسلم والمعادى للنهضة المصرية والرغبة المصرية فى تحدى الخصوم جميعا والرافض للمتأسلمين جميعا والسعى نحو مصر متحررة وتقدمية تسودها العدالة تغيروا.
لكن مصر تغيرت وتتغير وستتغير نحو الأفضل.
ويبدأ الكتابة عزيز العظمة بعنوان «القومية من التفاهم مع الإسلام إلى الاستسلام له» ويبدأ قائلا: «ثمة أمر غريب يصم الأصوات التى نسمعها تدعو إلى تطبيع الحركات الإسلامية سياسيا وإلى محاوراتها والقبول المبدئى بها كجزء مكون من مكونات الجسم السياسى العربي»، ويبدى عزيز العظمة تعجبه قائلا: «فإن كان الخطاب السياسى الإسلامى خطابا سياسيا يشد ويرخي، ويقترب ويبتعد.. يؤكد ويجزم ويراوغ، إلا أن دعاة الحوار والتطبيع معه يؤسسون دعوتهم على الإيمان بديمقراطية مجردة لا تشوبها السياسة وأن البازار الديمقراطى يجب أن يتسع لكل من يملك المساهمة فيه، وأن التطرف والإرهاب الإسلاميين يمكن تهذيبهما بالديمقراطية وبالحجة الرشيدة»، ويرد العظمة على التصالحيين بما كان فى التجربة الجزائرية قائلا لقد ثبت «أن الأخذ بمرجعية الديمقراطية الشكلية شأن ينطوى على سذاجة فى النظر إلى السياسة اليومية فحسب، بل يتجاهل أن الديمقراطية لا تنفصل عن توازن قوى اجتماعية وسياسية ومؤسساتية وأن مجىء الإسلاميين إلى السلطة كان من شأنه قسر العملية الاجتماعية على الاندراج فى إطار هندسة تستبعد الآخرين وتعمل على إدخال المجتمع والثقافة والدولة فى قوالب من اختراع المخيلة الأيديولوجية للإسلاميين وسننهم البالية» (ص١٤).. فى ١٩٩٥ كتب العظمة ذلك عن الجزائر وتحققت نبوءته فى ٢٠١٣ فى مصر، ويمضى العظمة قائلا: «التصالحيون يدركون أن الإسلاميين يتكلمون بلسانين لكنهم يراهنون على إمكانية تهذيب هذه الحركات قياسا على ما كان مع الأحزاب الديمقراطية المسيحية والفارق كبير.. إنهم يتجاهلون الخطاب الرجعى المتشدد الذى يشجع العنف والإرهاب (ويروى بالتفصيل شهادة الشيخ الغزالى المعتدل لصالح قاتل فرج فودة على أساس أن من يجهر بعدم تطبيق الشريعة مرتد ويستحق القتل)، ويؤكد: «هم يتلونون حسب المصلحة ولا معتدل فيهم».. ويواصل وكأنه يحكى عن وضعنا الراهن «ومعروف أن بعض الأوساط الأمريكية والأوروبية والبارزين فى السوق الأوروبية المشتركة كانوا على استعداد للترحيب باستيلاء جبهة الإنقاذ الجزائرية على السلطة وما زالوا يضغطون على الحكومة المصرية للتفاهم مع الإسلاميين ومن الواضح أن ثمة لوبى إسلامى من الصحفيين والأكاديميين الفرنجة ينشط فى الترويج لديمقراطية الإسلاميين» (١٨).. ويتحدث عن مصر قائلا «إن الإرهاب الأصولى يدفع مثقفين مصريين إلى الهروب للأمام والدعوة إلى محاورة الأصوليين ومنحهم الشرعية» ويقول «إن دعاة التصالح هم فئات من المثقفين الذين يشعرون أنهم يتامى إن لم يكونوا فى السلطة أو على علاقة إيجابية معها، فيرون فى الإسلاميين مشروع سلطة بديلة قد ترتفع بهم من فراغ سياسى إلى مواقع سلطوية» (ص٢٧).. ثم هو يعاتبهم قائلا إنهم «يبشرون باستمداء النور من الظلام، ويعتقدون أن التجهيل والتفاخر بالتخلف الاجتماعى وعقدته المتمثلة بدونية المرأة وحجابها نموذج لاستقرار فكر الجماعة ورجولة رجالها.. وهكذا فإن المثقفين الضالعين فى المصالحة التاريخية مع الإسلاميين إنما يتخلون عن مسئولية المثقف ويسمحون لشهوة السلطة بأن تدفع بهم إلى التصالح مع الانحطاط والهزيمة بزعم التصالح مع الواقع، وأن يكون التصالح السياسى فى سراب مشاركتهم السياسية مع الإسلاميين سبيلا لتصالح ثقافى واجتماعى يكون بالقطع تخليا عن المقومات الثقافية والاجتماعية للتقدم باسم الواقعية.. إنها شهوة السلطة متخلية عن العقل النقدى النابذ للظلام الفكرى والتخلف الاجتماعى والاستبداد السياسي» (ص٢٩).
وقد يستشعر القارئ قدرا من الدهشة فعزيز العظمة يتحدث عن متأسلمى الجزائر وتجربتهم وتجربة بعض المثقفين الجزائريين من التصالح معهم وموقف العرب وأمريكا المساند للتأسلم، فإذا بكل ذلك يتطابق مع موقف متأسلمى جماعة الإخوان ومع موقف دعاة التصالح معهم من حفنة من مثقفى البرجوازية الصغيرة والمتوسطة المصرية وموقف الغرب وأمريكا منهم ومنا.. ولكننى وبصراحة تامة لم أدهش فقد تكون كثيرا من المتغيرات وقعت بين عام الكتابة ١٩٩٥ وبين الحاضر.. عشرون عاما مضت لكن لا المتأسلمون تغيروا ولا المثقفون الطامعون فى التسلق الواهم على أكتاف المتأسلمين تغيروا ولا أمريكا والغرب وموقفهم المتواطئ مع التأسلم والمعادى للنهضة المصرية والرغبة المصرية فى تحدى الخصوم جميعا والرافض للمتأسلمين جميعا والسعى نحو مصر متحررة وتقدمية تسودها العدالة تغيروا.
لكن مصر تغيرت وتتغير وستتغير نحو الأفضل.