الثلاثاء 22 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

لا تزرعوا الكراهية في أولادكم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
§ جاءني إلى عيادتي أحد المرضى يعمل مدرسًا، وبعد الانتهاء من علاجه، جلسنا معًا نتجاذب أطراف الحديث، رأيته مهمومًا حزينًا قلت له: ما يحزنك؟.
§ قال: أحوال المدارس أصبحت أسوأ من الأعوام الماضية.
§ فقلت له: ما الذي زاد على التعليم؟ فهو سيئ منذ فترة طويلة، ويعتمد اعتمادًا كليًا على الدروس الخصوصية، التي خرَّبت ميزانية الأسرة المصرية.
§ قال: لقد دخل الصراع السياسي المدارس بشكل بشع، حتى المدارس الابتدائية لم تسلم منه. لقد اشتعل الصراع والتشاتم السياسي، بين الطلاب بعضهم البعض من جهة، وبين المدرسين، وبين بعض المدرسين والطلاب من جهة ثالثة.
§ وكلمات السر في هذه الصراعات:
§ هل أنت مع مرسي أم السيسي؟
§ هل ما حدث هو انقلاب أم ثورة؟
§ هل تحب “,”تسلم الأيادي“,”.. أم “,”شعار رابعة“,”؟
§ وزاد الطين بلة أن بعض مديري الإدارات التعليمية ألزموا مدارسهم بتشغيل أغنية
§ “,”تسلم الأيادي“,” في طابور الصباح، وهذه الأغنية بالذات تولد “,”أرتكاريا“,” حادة لدى كل المؤيدين للإخوان وللدكتور مرسي، فتتولد ردود أفعال غاضبة في الطابور مع نقاشات وخناقات حادة و“,”أرتكاريا“,” بذاءات وشتائم.
§ وقد علمت أن الوزارة لم تطلب ذلك من المدارس، ولكن بعض مديري الإدارات أرادوا التزلف لدى الحكومة الحالية ونفاقها، فأمروا بتشغيلها ولتذهب العملية التعليمية إلى الجحيم، وهؤلاء المديرون يظنون أنهم بذلك يضمنون مناصبهم، وأن ذلك قد يستر فشلهم أو فسادهم التعليمي، ولا يهمهم أن تحترق المدارس سياسيًا بمن فيها، في الوقت الذي يحاول فيه الطلبة المؤيدون لـ“,”رابعة“,” حشد الأنصار والأتباع وتوزيع إشارات رابعة، وتجهيز كل أدوات المظاهرات، واستغلال حشود الطلبة في المدارس المتجاورة لعمل مظاهرات ضد الحكومة عند خروج الآلاف من المدارس المجمعة.
§ وأحيانا تجد مظاهرة من مدرسة ابتدائية في لحظة خروجها من المدرسة، مع أن هؤلاء الأطفال لا ينبغي أن تحرق أعصابهم بالصراع السياسي، ولا تشحن نفوسهم البريئة بأحقاد السياسة وأضغانها، التي يبدو أنها دخلت مصر ولن تخرج منها.
§ لقد أخطأ قادة اعتصام “,”رابعة“,” خطأً قاتلًا، حينما جعلوا الأطفال الأبرياء يحملون أكفانهم على أيديهم في مشهد جنائزي، ضمن ما أسمي وقتها “,”مشروع شهيد “,”. وهل الطفل عليه جهاد في الشريعة الإسلامية؟. وهل الطفل مادة للصراع السياسي بين الفرقاء السياسيين؟. ولماذا نعلمه فقه الموت قبل أن يحيا، ويحب الحياة ويقبل عليها؟. وهل هذا هو الموطن الحق الذي تزهق فيه هذه الأنفس البريئة؟!
§ وأخيرًا.. قتل الأطفال في نفس اعتصام رابعة العدوية، وهرب كل القادة الذين دشنوا هذه المشاريع المجنونة.
§ ثم ما علاقة المرأة بالجهاد في الإسلام؟ إن كان ثمة جهاد، فالجهاد ليس مفروضًا عليها، وما علاقة الطفل بالموت، والقتل، والجهاد؟ وهو لم تفرض عليه الصلاة بعد. وما الجدوى من قتل كل هؤلاء الفتيات اللاتي قتلن ظلمًا وعدوانًا من الفريقين؟ فالذين جاءوا بها، ظلموها وعرضوها للقتل، وهم يعلمون أن الاقتحام قد حسم أمره، والذين قتلوها، ظلموها أيضا بسفك دماء النساء والأطفال العزل دون ذنب أو جريرة.
§ من أراد أن يسمع “,”تسلم الأيادي“,” أو “,”أناشيد رابعة“,” أو يشير بإشاراتها، فليكن ذلك خارج المدارس، وأرجوكم أن تجنبوا الأنفس البريئة الطاهرة عن قذارة الصراعات السياسية.
§ لقد حكت لي إحدى الأمهات أنها وزوجها يؤيدان الفريق السيسي، وشقيقتها تؤيد د. مرسي، وشقيقتها تأخذ أولادها وتقول لهم: ادعوا على السيسي، وادعوا على أبيكم لأنه من أتباعه لكونه ضابط شرطة، ما أحدث قطيعة للرحم بين الأسرتين، بعد أن كانت هناك محبة كبيرة بينهما.
§ لماذا نعلم أولادنا الكراهية، قبل أن نزرع فيهم الحب؟. ازرعوا الحب في قلوب الأطفال للجميع أولًا، ودون استثناء، واتركوهم عندما يكبرون، ليميزوا وحدهم بين الصواب والخطأ، والحق والباطل. وحينما يكبرون لن يكون هناك لا مرسي ولا السيسي، ولا جبهة إنقاذ ولا إخوان. سيكون هناك عالم جديد غير عالمنا هذا. فدعوهم لعالمهم ولا تفسدوه عليهم مبكرًا.