الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

عقول أطفالنا في أيدي أعدائنا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
دائما ما يأتينا الغرب بالكلمات البراقة والدعاوى التى فى ظاهرها الرحمة وفى باطنها العذاب، فينادون بالديمقراطية وحقوق الإنسان والواقع أنهم يريدون الفوضى وإسقاط الأنظمة وتفتيت الدول، ويقولون الإصلاح الدفاعى بدعوى إصلاح الجيوش لتكون بكفاءة أكبر وتكلفة أقل، والواقع أنهم يريدون تقليص أعداد القوات، وإضعاف الجيوش والسيطرة عليها ومراقبة ميزانياتها.. ويدعون إلى التنوير ونشر الثقافة، وهم يتفننون فى محو حضارتنا وقيمنا وثقافتنا، وينادون بحرية التجارة، وفتح الأسواق، وهم لا يقصدون سوى غزونا بمنتجاتهم التى ليس لنا طائل على منافستها، ونساق كالأنعام لنظل تائهين وضائعين، وهم لا يلامون لأنهم يعملون بجدية، ويخططون لتحقيق أهدافهم ولكن العبرة فينا.. نحن المغيبين الذين نسوا دينهم فأنساهم الله أنفسهم، نسينا التاريخ وأصبحنا أمة لا تقرأ، انشغلنا بقشور الدين والدنيا، ونسينا أن أول كلمة نزلت على رسولنا الكريم اقرأ.. أصبحنا لا نستوعب الدروس ولا نتعلم.. ونترك أنفسنا فى أيديهم يلهون بنا ويحركوننا كالدمى كيفما شاءوا.. هم يبحثون ويدرسون لمعرفة عوامل قوتنا لإضعافها والقضاء عليها، وفى نفس الوقت يفهمون نقاط ضعفنا، التى يستطيعون من خلالها اختراقنا، فيعرفون جيدًا كيف يقتحموننا، وبأى آليات وأساليب، يضعون خططًا طويلة الأمد، ونجد أنفسنا محاصرين بكل ما يغيبنا ويطمس هويتنا، بدءًا من برامج الأطفال والقنوات الكثيرة الموجهة لهم، التى تبث سمومها فى دماء وعقول أبنائنا دون رقابة من أهل أو دولة.. ورغم الدراسات والأبحاث التى تناولت المحتوى للكثير من برامج الرسوم المتحركة التى تمتلئ بها قنوات الأطفال، التى ترسخ العنف والعدوانية والدموية، وتمتلئ بنشر الخرافات والسحر والغيبيات، وتبتعد عن العقلانية وتصور للأطفال إمكانية التعامل مع الجن والشياطين، بالإضافة لشعارات الماسونية والإباحية والإلحاد، ناهيك عن الدعوة للقيم الغربية وتشويه قيمنا وعاداتنا لتصبح فى ذهن الأطفال مرادفا للتخلف.. ولا أعلم من المسئول فى الدولة عما يقدم إلى أطفالنا؟ فحتى البرامج التى تقدم على تليفزيون الدولة مثل برنامج «عالم سمسم» الذى يقدم منذ عام ٢٠١٠، وتتعامل معه كل الأسر بمنتهى الأريحية، فهو إنتاج مشترك بين شركة الكرمة للإنتاج وشركة أمريكية بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، من خلال المنحة المخصصة لها من هيئة المعونة الأمريكية.. ولكن لا يعلم الكثيرون أنه برنامج أمريكى تم تمصيره برعايتهم، ويخضع محتواه لرقابتهم، لأنه يمول من المعونة الأمريكية من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية «usaid»، التى أسسها الرئيس جون كيندى عام ١٩٦١، والتى رغم كونها إحدى الوكالات المستقلة، إلا أنها تخضع لتوجهات السياسة الأمريكية وللرئيس الأمريكى ووزير الخارجية ومجلس الأمن القومى، ويقوم عليها بعض اليهود الأمريكان، وأهم مقراتها فى إسرائيل.. وطبقًا لأهدافها المعلنة تسعى لمساعدة الشعوب لتحسين ظروف معيشتهم، والعيش فى دول حرة وديمقراطية، واحترام الاختلاف ونبذ الخلافات بين الشعوب.. وتسعى لتقريب وجهات النظر بين الدول العربية وإسرائيل، وتحسين الشعور تجاهها، وهى تهتم بالمناهج المدرسية للأطفال وتطويرها طبقًا لأهدافهم ومصالحهم، وتستقطب النابهين من الشباب، وتقدم لهم المنح الدراسية لاستكمال دراستهم فى أمريكا وأوروبا.. فماذا نتوقع أن نرى بين طيات البرامج التى تدعمها «كعالم سمسم» الذى يقدم الصورة المبهرة للحياة بالشكل الأمريكى، ويساهم فى نشر القيم الغربية والابتعاد عن الدين، من خلال شروطهم بعدم عرض أى شعارات دينية سواء باللفظ أو الكلمات.. وماذا ننتظر سوى «أمركة» أطفالنا، بغزو عقولهم وقلوبهم بالأفكار والقيم الأمريكية التى تبث كالسم فى العسل، فى الوقت نفسه الذى تضيع هويتنا شيئًا فشيئًا، فهل نسينا محاولاتهم المستميتة لإلغاء بعض الآيات القرآنية من المناهج التعليمية كالتى تحض على الجهاد أو الوحدة وعدم الفرقة.. بالطبع سينكر القائمون على البرنامج من المصريين التوجهات الأمريكية المفروضة، ولن يعترفوا بالأهداف والأفكار التى تخدم الأجندات الغربية، وربما لا يعلمون من الأساس!! ولكن كما يقال فى الأمثال الشعبية «الحداية ما بتحدفش كتاكيت»، ومن المفترض أن نتعلم من التاريخ ومن الحاضر أنهم لن يقدموا خدمات مجانية دون أن تعود عليهم بالفائدة الأكبر، ولن ينفقوا من أجل تربية وتعليم أبنائنا من أجل سواد أعيننا.. فهناك الكثير من الشعوب أكثر فقرًا وجهلًا ومرضًا منا، ولكنهم خارج دائرة مصالحهم، فلنعى وندرك ونقاوم، ونتعلم من أخطائنا وتجاربنا، حتى لا نظل نلدغ من نفس الجحر مائة مرة.. ويجب أن تسأل من المسئول عما يقدم إلى أطفالنا؟ وهل هناك أحد يتابع، ويرصد، ويدرس، لنكتشف، ونعى، ونواجه؟ وأين وزاراتا الإعلام والثقافة مما يقدم؟ ومتى سيصبح لدينا استراتيجية حقيقية نواجه بها الحرب الناعمة ضدنا، ونبنى أجيالًا يمكن أن يعتمد عليها فى يوم من الأيام.. هل سنظل عشوائيين لا عين ترصد أو عقل يتدبر؟ ليعلم كيف يواجه هذا الطوفان الذى يعبث بكل القيم والتقاليد، والتى لم نستقها من الدين فقط، ولكن من عراقة حضارتنا الراسخة منذ بدء الخليقة، لتأتى المجتمعات اللقيطة التى ليس لها جذور أو حضارة لتزيلها، وتحل محلها أفكارها التى تهدد تماسك الأسر والمجتمعات وتهدم الأوطان؟ علينا أن ننأى بعقول أطفالنا من الغزو الثقافى، ولا نتركهم فى أيدى من لا يؤتمن يصنعون أمزجتهم وأخلاقهم ونحن مستسلمون!