قالت الناقدة الدكتورة فايزة سعد أستاذ اللغة العربية بكلية الألسن جامعة عين شمس: إن رواية عمار على حسن "جبل الطير" حافلة بالأسرار، وعابرة للأنواع الأدبية، وتشكل جانبا مختلفا في السرد العربي الراهن.
وأضافت خلال ندوة عن الرواية أطلقت بها لجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة موسم ندواتها لهذا العام: "حين بدأت في القراءة وجدت الرواية تلتهمني بدلا من أن ألتهمها"، معتبرة أن مؤلفها "يكتب عن المجتمع المصري بروح العاشق".
وتابعت: "الرواية رحلة عبر العصور، وهي متعددة المستويات في قراءتها، ولغتها تدعونا إلى التوقف عندها طويلا، وإلى جانب ما تنطوي عليه من معرفة فهي مهتمة بالتشكيل الجمالي، الذي يضيف إلى تجربتها، ويلفت الانتباه إلى علاقة الرواية بالفنون الأدبية الأخرى".
وركز الكاتب والشاعر شعبان يوسف على الجوانب الغرائبية والتاريخية والصوفية في الرواية، وقال: "بطلها يقوم برحلتين واحدة داخل نفسه يهذبها بالمجاهدة، والثانية عبر التاريخ بحثا عن الهوية المصرية".
وتساءل يوسف: "كيف استطاع الكاتب أن ينزع نفسه من متابعة الأحداث المتلاحقة التي نلهث وراءها جميعا، ومن أجواء روايتيه السابقتين سقوط الصمت والسلفي ليكتب رواية بهذا الحجم مضمونها مختلف ونزعتها الفنية عميقة؟"، معتبرا أن "جبل الطير" رواية عبر نوعية، ولغتها متعددة الوجوه، وأنها تستعيد أمجاد الروايات الكبرى.
من جانبه أكد الكاتب والناقد ربيع مفتاح، الذي أدار الندوة، أن عمار على حسن دائم التجريب في نصوصه، ومشغول بتأصيل سردياته، وينطلق دوما من الواقع المصري والتراث العربي، ويضيف إليهما الكثير من خياله ومطالعاته، واصفا إياه بأنه "أحد الساردين الكبار في المشهد الروائي العربي الحالي".
وقارن الأديب محمد قطب بين "جبل الطير" و"شجرة العابد"، وقال: "المؤلف مولع بالتقاط كل أسرار الصحراء، قدر ولعه بالتراث الحكائي العربي في جوانبه العجائبية والغرائبية، وانشغاله أيضا بأسرار التاريخ".
وقدم الناقد شوقي عبد الحميد يحي دراسة عن الرواية شرح فيها مضمونها عبر أقسامها الخمسة، وقال: "هذه الرواية المدهشة تنفتح على الرؤى الكونية المتأملة في وجود الإنسان، والذي لا يمثل إلا بعضا من حلم، أو بعضا من يقظة، يعيشها وليس لديه يقين بما إذا كان ما يعيشه هو الواقع أم أنه رؤى غيبية أو ليلية".
وأضاف: "الزمن في هذه الرواية يستغرق آلاف السنين، وهي تجوب بقاعا شتى، متنقلة من الصحراء إلى الوادي، ومن المعبد إلى الدير ثم المسجد، ومن الحلم إلى الحقيقة، وسط تداخل الحلم بالعلم، والشعر بالنثر، والعجيب والغريب بالمألوف، والاسم بالدلالة، في رحلة سردية تعيدنا إلى أجواء ألف ليلة وليلة".
وركزت الناقدة منى ماهر على الأجواء الروحية في الرواية، وأبدت إعجابها بالتواشج القائم بين الأديان فيها، لاسيما الإسلام والمسيحية عبر بطلي الرواية، الصوفي الذي تزوج من امرأة كانت مشروع راهبة، وخاضا سويا معركة ضد التعصب والتطرف الديني.
يذكر أن "جبل الطير" هي الرواية الثامنة لكاتبها بعد "باب رزق" و"شجرة العابد" و"سقوط الصمت" و"السلفي" و"زهر الخريف" و"جدران المدى" و"حكاية شمردل"، فضلا عن أربع مجموعات قصصية هي: "حكايات الحب الأول" و"أحلام منسية" و"عرب العطيات" و"التي هي أحزن"، وله كتابان في النقد الأدبي: "النص والسلطة والمجتمع" و"بهجة الحكايا" وقصة للأطفال بعنوان "الأبطال والجائزة"، إلى جانب عشرين كتابا في التصوف والاجتماع السياسي.