الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الشرق الأوسط الجديد "5"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ليس عندى أدنى شك فى وجود مؤامرة دولية تهدف إلى إعادة تقسيم الوطن العربى، على أساس طائفى وعشائرى، لضمان استمرار التبعية وللسيطرة على خيرات المنطقة، وما حدث خلال السنوات الأخيرة وأسماه البعض بالربيع العربى، ما هو إلا لعبة أدارها الغرب بامتياز حتى تصدى الشعب المصرى وجيشه الباسل لهذه اللعبة، وأنهاها فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣، ولكن هذه القوى المعادية لم تعلن استسلامها بعد، ومازالت حتى الآن تحاول إتمام خطتها، وزج المنطقة إلى حرب شيعية سنية، ومن الغريب أن بعض المثقفين يعتقدون بأن الحديث عن هذه الخطة هو مجرد أوهام وخيالات لا أساس لها من الصحة، وهم بذلك يغضون الأبصار، ويسدون الآذان عما يرونه ويسمعونه عبر وسائل الإعلام الغربية وصحف الغرب وكتبهم ومذكرات قادتهم، ودعونى أستشهد بقول الأستاذ هيكل: «ليس كل التاريخ مؤامرة ولكن المؤامرة موجودة فى التاريخ، وكل من لا يرى مؤامرة فيما فعله الغرب فى المنطقة، بداية من القرن الماضى من وعد بلفور وسايكس بيكو وإقامة إسرائيل، وما فعله منذ بدايات هذا القرن، فمن لا يجد فى ذلك مؤامرة، فإنه لا يفرق بين التمرة والجمرة»، وربما تناسى البعض كتاب شيمون بيريز «الشرق الأوسط الجديد» الذى نشره فى أوائل التسعينيات من القرن الماضى، وذلك بعد مؤتمر مدريد واتفاق غزة- أريحا فى أوسلو-حيث يعرض بيريز تصوره لنظام إقليمى جديد فى ضوء السلام مع إسرائيل، وذلك لضمان تحقيق الأمن والازدهار الاقتصادى للمنطقة، الذى يجب أن يعتمد على التعاون المثمر بين دول المنطقة، وليس على الجهود الغربية والإعانات، ويتحدث «بيريز» عن المخاطر التى تهدد الشرق الأوسط فى القرن القادم- الذى نعيشه الآن- معتبرًا أن نقص المياه هو أكبر خطر سيهدد المنطقة بأكملها، وسيدفع كل سكانها إلى التعاون، وليس عجيبًا أن يأتى اليوم الذى تجد فيه العرب يحاربون جنبًا إلى جنب مع إسرائيل فى معركة من أجل المياه، والحقيقة أن دعوات الغرب إلى إعادة تقسيم المنطقة إلى كيانات عرقية ودينية وقبلية، قد طرحت علانية فى أكثر من مناسبة، وقد ورد ذلك فى عام ٢٠٠٦ على لسان وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة «كوندليزا رايس»، عندما تحدثت عن ولادة الشرق الأوسط الجديد عقب حالة عامة ستحدث فى المنطقة، ابتداء من ٢٠١٠، وأطلقت على هذه الحالة اسم «الفوضى الخلاقة»، وأذكر أن لقاء تليفزيونيًا على شاشة قناة المحور للصحفى الراحل محمود فوزى فى برنامجه «حوار على نار هادئة»، الذى استضاف فيه السيد عمرو موسى، الأمين العام للجامعة العربية وقتها، ولما سئل عن المحاضرة التى ألقتها «رايس» وكيف أن عمرو موسى قد رد عليها وهاجمها، فقال الرجل بالحرف الواحد واللقاء ما زال على «اليوتيوب»: «إن ما تقوله كوندليزا رايس لن يتحقق لعدم فهمها طبيعة المنطقة، فهى تتحدث عن ثورات فى العالم العربى ابتداء من ٢٠١٠، وهذا لن يحدث»، ولكنه حدث، وبدأ الأمر بتونس، ثم انتقل إلى مصر وليبيا واليمن وسوريا، وها هى خطة التقسيم تسير بإيقاع سريع، فعلى أرض الواقع ظهرت دولًا جديدة، وسيتم الاعتراف بها دولًيا فى أقرب وقت، فالعراق الآن ليست دولة واحدة، وكذلك سوريا واليمن وليبيا وثمة دولة وليدة نطلق عليها «داعش»، بينما يطلق عليها الغرب تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام، هذا التنظيم الذى خلق فجأة فى ٢٠١٣، وأصبح يسيطر على مناطق عدة فى سوريا والعراق ثم امتد إلى دول مختلفة، وليس عجبا أن نرى هؤلاء يحاربون بأسلحة أمريكية حديثة، فكيف أتت إليهم، والسؤال الآن: ترى من المستفيد من جراء ما حدث فى المنطقة؟ والجواب الذى لا أجد غيره يكمن فى الغرب إلى جانب إسرائيل، فالغرب قد ضمنوا البقاء لسنوات طويلة داخل الأراضى العربية، لإعادة تعمير المنطقة بعقود طويلة الأجل لشركاتهم، أما إسرائيل فقد ضمنت استقرارها التام فى ظل ضعف جيوش المواجهة، عدا الجيش المصرى، ومن ثم تظل مصر صوب الأعين للزج بها فى مشكلات إقليمية، وربما فى حروب نظنها نزهة بسيطة، فإذا بها ورطة كبيرة، وكلى ثقة فى أن قادتنا يعلمون ذلك، أما هؤلاء الذين نسميهم بالنخبة فهم يتحدثون أكثر مما يسمعون، وهم سبب البلبلة خلال السنوات الخمس الماضية، وعليهم أن يصمتوا وقد سعدت كثيرًا بقرار بعضهم عدم الظهور الإعلامى، لأنهم وبصراحة شديدة يحتاجون لعمليات تصحيح أبصارهم لكى يروا الحقيقة.