تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
عندما شرع الفريق سامي عنان في نشر جانب من شهادته عن المرحلة التاريخية بالغة الحساسية التي عاصرها بحكم موقعه، كنائب لرئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، خلال الفترة من 25 يناير 2011 حتى صعود حد مرسي إلى مقعد الرئاسة في الثلاثين من يونيه 2012، ومغادرة الفريق عنان لمنصبه في 12 أغسطس 2012، كان المأمول أن تجيب الصفحات التي يكتبها عن عشرات الأسئلة الغامضة التي تحتاج إلى الإضاءة والشرح والتفسير، مثل الأجواء التي أحاطت بالانتخابات الرئاسية، مرورًا بالوقائع والأحداث التي أدت إلى سقوط الشهداء والمصابين، في ماسبيرو ومحمد محمود والعباسية.
تشير أصابع الاتهام عادة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتحمله كامل المسئولية عن الكوارث والتجاوزات، ولاشك أن رجلاً بوزن الفريق عنان عندما يدلي بشهادته، سيقدم الكثير مما ننتظره، وقد تضمنت المادة التي نُشرت ما ينبئ عن كشف الكثير من المسكوت عنه، وكانت الضجة التي أثارها النشر دليلاً على الخطورة والأهمية، لكن المثير للدهشة بحق هو التوقف المفاجئ عن استكمال نشر الشهادة، وتوالي حملات التجريح السياسي والشخصي ضد صاحب الشهادة الجريئة الشجاعة.
الجدير بالانشغال الموضوعي يتمثل في عدة تساؤلات:
أولاً: الذين وجهوا الاتهامات للمؤسسة العسكرية بتمكين الإخوان من الوصول إلى السلطة، والذين طالبوا المشير طنطاوي والفريق عنان بالرد والتوضيح والدفاع، هم الذين يتنافسون الآن في الهجوم على الفريق عنان لأنه أدلى بشهادته، فيا له من تناقض يذكرنا بالمقولة الشهيرة للأستاذ لطفي الخولي في مسرحية “,”القضية“,”: نقفل الشباك ولا نفتح الشباك؟
ثانيًا: التعليقات على شهادة الفريق عنان تجاوزت حدود الشهادة المنشورة ووقائعها، وقفزت إلى الانتخابات الرئاسية التي يقترب موعدها، وفضلاً عن الخلط الذي لا يستقيم بين الملفين، فإن إنكار حق عنان في الترشح، أو التفكير في الترشح، لا يستقيم مع أبجديات العمل الديمقراطي، وإذا كان صحيحًا أنه بلا شعبية أو مؤيدين، وبلا برنامج أو منهج للعمل السياسي، فلماذا كل هذا الهجوم والتشهير والتجريح؟، ولماذا لا نتركه يخوض التجربة ويقول الشعب كلمته؟!
ثالثًا: الكرة الآن في ملعب الفريق عنان، فهو مطالب بالاستمرار في تقديم شهادته، بالطريقة التي يراها وفي التوقيت الذين يناسبه، بل يمكن القول إن القرى في ملعبنا جميعًا وليست في ملعب الرجل بمفرده، ذلك أن توقفه يحمل مؤشرات سلبية لا نرضاها جميعًا، والرضوخ للابتزاز ليس من شيم المقاتلين والفرسان.
مصر بعد 30-6 -2013 لا ينبغي أن تكون كمصر قبلها، فالتطلع إلى مجتمع ديمقراطي بعيد عن آفات الاستبداد والحجر على حرية الرأي والعقيدة، هو الطموح الذي يتطلع إليه المصريون، ولا سبيل إلى ذلك بمعزل عن الوعي بتاريخنا القريب، بدءًا من 25 يناير 2011، وعلى الفريق عنان والمشاركين في صناعة هذا التاريخ أن يدلوا بالشهادة الكاملة دون كتمان.
رفقًا بمصر وتاريخها ورموزها، وكل الرفق بالمؤسسة العسكرية الوطنية التي تمثل حجر الأساس في الخروج بمصر من أزمتها التي تهدد الاستقرار والمستقبل.