تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
أعرف أن البعض سيهب واقفًا زاعقًا بصوت لا يخلو من الخبث قائلًا “,”إنها المهنية يا أستاذ“,” ويضيف من عنده كلامًا عن الموضوعية وحق المعرفة وأي كلام في أي كلام.
هذا البعض لا يهمني على الإطلاق ولن أصفه بالعمالة والخيانة وما إلى ذلك شرط أن يقرأ ويحاول أن يفهم، فما نراه من قناة الجزيرة مباشر مصر لا يمكن التعامل معه بأي حال من الأحوال كإعلام مهني له رسالة تحددها قواعد متعارف عليها، فقد تفرغت تلك القناة وبشكل متعمد إلى ما أسميه إعلام الفتنة الموجه، ولي في ذلك تجربة حيث تابعتها وأنا خارج مصر فتولد لدي إحساس بأن مصر على فوهة بركان وأن الناس قد هجروا بيوتهم وسكنوا في الشوارع دفاعا عن المعزول مرسي وهجوما على قادة الجيش والدولة الجديدة.
ولأنني من مؤيدي 30 يونيو وأراها استكمالا جادا لثورة 25 يناير فقد انزعجت أيما إزعاج من الصور المتلاحقة التي تبثها جزيرة الفتنة، ولكن بمجرد عودتي لمصر ومتابعتي الميدانية لحركة الناس فيها، تلك الحركة المرتبطة بأحلامهم في طموحات الدولة المدنية، فقد تأكدت بما لا يدع مجالا إلى الشك أن قناة الجزيرة تقود مخططا إعلاميا جهنميا، حيث تتوجه إلى الخارج لتوحي لمن لا يعرف أن مصر على حافة الانهيار، كما تتوجه إلى قطاع من الشعب المصري وهم إرهابيو المعزول لتشد عزمهم في مواصلة ضجيجهم بالشارع وكأن لسان حالها يقول لهم “,”إن للإرهابيين درعا إعلامية وغطاء سياسيا“,”.
فالصورة على الأراضي المصرية تختلف تماما عما تبثه قناة الجزيرة وتلح عليه ليل نهار، فالصورة المتكررة لمسيرات إرهابيى المعزول معروف عنها أنها تجمعات ضئيلة في حوارٍ ضيقة ولكن قناة الجزيرة ترى غير ذلك فتعتمد على تبات المشهد مستعينة بصوت ميكروفون الهتاف لتوحي أننا أمام مظاهرة حاشدة، وأنا واحد من الذين يعرفون فنون التظاهر جيدا منذ زمن المخلوع مبارك حتى الآن ولا يمكن أن أطلق على تلك التجمعات الإرهابية أبدا مصطلح مظاهرة.
وإذا أضفنا على ذلك انحياز الجزيرة الحاد في اختيار ضيوفها ومصادرها من الذين وجدوا في وصف ثورة 30 يونيو بالانقلاب العسكري سبوبة كبرى، تدر عليهم آلاف الدولارات المشبوهة يوميا لعرفنا حجم الجريمة اليومية التي ترتكبها تلك القناة في حق الثورة المصرية وحق الشعب المصري.
وهنا يثور التساؤل عن حالة إعلامنا المصري الفضائي وقدرته على الرد والمواجهة.. وللأسف لا أجد إجابة لهذا السؤال البسيط حيث سادت حالة من الاستهبال في الفضائيات المصرية الخاصة التي تزعم مساندتها لمصر المدنية.. كما تدنت المهنية فيها لدرجة مؤلمة فصارت كل فضائية في مصر وكأنها عزبة يديرها بعض مذيعيها حسب الهوى وبذلك تقف بلادنا وثورتها موقف صعب في مواجهة جزيرة الفتنة، وهو ما دفع مؤسسات كبرى مثل مؤسسة الجيش بل ورئاسة الجمهورية إلى الاعتماد على الفيس بوك وتويتر فسحقا لثورة بلا حراس.
نرجع إلى موضوعنا عن جزيرة الفتنة لنسأل عن دوافعها لهذا الحقد الدفين تجاه بلادنا وسعادتها البالغة بأي صورة للتخريب في ربوع مصر، والحقيقة هى أن من يتعامل مع الجزيرة كمجرد قناة فضائية فهو يخطئ فتلك المحطة يقوم عليها العديد من أجهزة الاستخبارات أقلها الإسرائيلية وأن تلك المحطة ليست سيدة قرارها وهى مفعول بها طوال الوقت، هدفها البعيد يتطابق مع هدف مخطط الشرق الأوسط الكبير الذي يسعى لتفتيت بلادنا وتسليمها تسليم مفتاح للإرهابيين القتلة، وهو ما سيعطي الكيان الصهيوني مبررا قويا لإعلان اسرائيل دولة لليهود وتنتهي القضية الفلسطينية للأبد.
إذا كانت جزيرة الفتنة تعرف ذلك فتلك مصيبة وإذا كانت لا تعرف فتلك مصيبتان وعلى ذلك أتوجه لزملائنا الإعلاميين المصريين الذين ما زالوا على ذمة جزيرة الفتنة مهنيا، لأقول لهم “,”تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها“,” وللأسف أنتم تأكلون الآن بمختلف أعضائكم، فانتبهوا لشرفكم أولا ولمصركم ثانيًا، وإذا كانت لا تعنيكم الثانية فنحن لها والناس تحميها أما أنتم فستندمون وقت لا ينفع الندم، لأنكم لو قرأتم قليلا في تاريخ بلادنا لعرفتم أنه قد يتسامح في أي شيء إلا من خذله أثناء المعركة، فلا تخذلوا أنفسكم وتصبحوا على ما فعلتم نادمين.