تعودنا منذ زمن بعيد أن الكتاب والإعلاميين منقسمون بين مؤيدين للسلطة القائمة ويطلق عليهم «منافقون» وبين معارضين وهم من لا يرون بارقة نور مهما فعلت السلطة!!.. فالمعارضة تحولت من النقد البناء الذى يؤدى للإصلاح والرقى، إلى محاربة مؤسسات الدولة ومحاولة هدمها!!..ولكن الغريب أن الدولة الآن تنتهج سياسة الاهتمام بالمعارضين المتمردين والحرص على تقريبهم والاجتماع بهم!!.. ربما أملًا فى إصلاح عقولهم والتى لن تنصلح أبداً!!.. فى نفس الوقت يتم تجاهل الوطنيين والمخلصين!!.. وهى سياسة مستغربة أن نقرب كارهين على حساب محبين ومساندين!!.. والغريب أن هؤلاء المعارضين يستغلون حضورهم فى الاجتماعات الرسمية لمحاولة إظهار قربهم من دوائر الحكم، حتى يكتسبوا مصداقية لدى الجمهور، دون أن يتخلوا عن شراستهم ضد الدولة وسمومهم التى يبثونها فى كلماتهم ومواقفهم.. فى نفس الوقت الذى يُترك فيه الداعمون للدولة يأكلهم التجاهل!!.. تلك المقدمة لأكتب عن د. توفيق عكاشة وزجه بأسماء مهمة فى الدولة يظنهم يضطهِدونه كوزير الداخلية، والذى لا يمتلك رفاهية الوقت للتنكيل وتصفية الحسابات، أو الترصد للسياسيين والإعلاميين.. كذلك الحديث عن اللواء «عباس كامل» مدير مكتب الرئيس والذى شغل منصب مدير مكتبه حين كان وزيرًا للدفاع، وأيضًا أثناء عمله بالمخابرات الحربية.. وهو أحد رجال الثقة بالنسبة للرئيس ومن الدائرة الضيقة المحيطة به، وأعتقد أن اختيارات الرئيس لدائرته المقربة تتم بعناية شديدة حتى يستطيع التعامل معهم والثقة فيهم!!.. فأشهد مثلا أن رئيس ديوان الرئاسة اللواء «مصطفى شريف» على أعلى مستوى من القيم الأخلاقية والإنسانية والوطنية ويتفانى فى المساعدة لحل مشاكل المواطنين التى ترد للرئيس.. ويتواصل شخصيا وبكل اهتمام، شريطة أن تكون طلبات لأصحاب حق، بعيدا عن الانتهازية أو حصد الغنائم.. ولا أظن من يختار مثل هذا الرجل العظيم لا يدقق فى اختيار الباقين!!.. خاصة أن الرواية التى عرضها د. عكاشة وتسببت فى غضبه غير مقنعة.. فقد حكى أنه عندما تم القبض عليه بتنكيل من وزير الداخلية، كما يعتقد،!!..اتصل باللواء عباس فلم يرد!!.. فأرسل رسالة ولم يتلق ردًا!!.. ومع احترامى وتقديرى للدكتور وللظروف الصعبة التى تعرض لها، إلا أننى أتساءل ماذا أراد أن يفعله رجال الرئاسة فى مشكلته الإجرائية والقانونية - وإن كان بريئا-؟!!.. وماذا لو أن أحدًا منهم قد تدخل؟!! ألم تكن هذه المؤسسة ستتلقى الاتهامات والطعنات لتدخلها فى أعمال الداخلية والقضاء؟!!.. فما يعتبره الدكتور موقفًا سلبيًا من اللواء عباس أعتبره إيجابيًا ومتوافقًا مع منصبه، وما نطالب به من عدالة ومساواة بين الجميع أمام أجهزة الدولة، فتلك الأمور لا يجب أن يطلبها أحد، وإن طلبها فى شدة يلوم نفسه وليس الآخرين.. أكتب ذلك مع كل تقديرى للدور الوطنى بالغ الأهمية والذى قام به توفيق عكاشة، ونذكر له بعد حالة الفوضى التى أنهكت وزارة الداخلية، والتفات الخونة والفوضويين إلى القوات المسلحة لصناعة الفتن، باختلاق أحداث دامية كموقعة البالون أو ماسبيرو أو «فتاة العباءة ذات الكباسين» التى سحلها زميلها ونزع ملابسها لإلصاق الاتهام بالجيش المصرى واتهامه بسحل وقتل الأبرياء.. فبدأ عكاشة يقوم بدوره الوطنى فى إظهار الصور وتحليلها وإعادة وعى الأمة التى فقدت الاتزان من هول وتوالى الأحداث..وعمل على محو الأمية السياسية، وناضل ببسالة للوقوف مع الشرطة والقوات المسلحة، وساهم فى إدراك الشعب للمؤامرات وسرعة التفافه حول ضباطنا وجنودنا البواسل بعد أن أصابهم الكثير من الأذى والتطاول، والذى نال أيضا من الرجل الصبور المحنك المشير طنطاوى الذى استطاع ببراعته وخبرته فى قيادة الجيش أن ينقذنا من سيناريو بغيض تم تنفيذه على أشقائنا فى الدول العربية!!.. بذل عكاشة الكثير ولم يجبن كالكثيرين من مدعى البطولة!!.. ولم يبخل بجهده حتى أصبح ظاهرة إعلامية فريدة بأسلوبه التلقائى الذى يصل من خلاله إلى الفئات البسيطة، وأثبت قدرته على حشد مئات الآلاف لمساندة الدولة.. كما كان له دور بارز فى توعية الشعب من انحطاط الدور الإخوانى للاستحواذ على الحكم، ثم جهاده لإسقاطهم.. وعلينا أن نذكر دوره عند رؤية سيدة مسنة لم تنل قسطًا من التعليم وهى تقف لشباب يدعو للتظاهر، ويجهر بكُره الدولة ومؤسساتها التى تحميه، فتقف وتنهره وتتهكم عليه لأنه عاطل ولا ينتج.. وتذكره بسيدنا رسول الله الذى كان يأكل من عمل يديه.. وغيرها الكثيرون ممن ظهر لديهم حالة الوعى التى ملأت الدروب والقرى والنجوع بفضل د. توفيق عكاشة..فدوره الوطنى كبير ولكن من الواضح أنه أصيب بحالة إحباط شديدة.. ما دعاه للجهر بأن الرئيس لا يحبه!!.. ما أصاب د. توفيق من حالة حزن وتفكير فى الانسحاب من المشهد السياسى يحتاج إعادة النظر، فمن يبذل مجهودًا كبيرًا ويتفانى وينجح ينتظر من يربت على كتفه، وأن يكرم ويشعر بعدم نسيان مواقفه، ولا نجعل الإحباط النفسى وعدم التقدير ينهكه!!..ولكن يا دكتور توفيق: لا تحزن ولا تيأس.. ولا تخاطر بتاريخك السابق فى حب الدولة ودعمها، ولا بالدور الذى ينتظرك فى البرلمان.. ويكفيك ما تكنه لك صدور الكثيرين من حب واحترام، ونطالبك بأن تعود إلى الحب المتجرد للوطن المعشوق.. حتى وإن وجدت تجاهلًا أو شعرت بالنكران.
آراء حرة
"توفيق عكاشة" ودائرة الرئيس المقربة
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق