هل أنت جاسوس؟ قد يكون السؤال صادمًا، ولكن لا تتسرع فى الإجابة إلا بعد أن تنتهى من قراءة هذا المقال، حينئذ ستعلم الإجابة، هناك قاعدة أساسية تقول: المجد لمن يملك المعلومة، وذلك صحيح والدليل وجود أجهزة المخابرات، ودورها الرئيسى هو جمع المعلومات، التحركات، البيانات، كتابة التقارير، ورفعها للقيادات، ودورها يعد أخطر دور فى أى دولة، لأنه بناء على تلك المعلومات والتقارير، يكون تحرك الدولة واتخاذ القرار، فقد نكسب حربًا بسبب معلومة، وقد نخسرها بسبب عدم الحصول على تلك المعلومة والتجارب والقصص كثيرة تثبت ذلك.
* أجهزة المخابرات فى العالم أهمها وأخطرها: - «سى آى إيه» جهاز المخابرات الأمريكية بسبب اتساع سطوته فى المجال الإلكترونى والبشرى والمادى، والاتصالات، وله صلة قوية جدًا بجهاز استخبارات إسرائيل.
- «كى جى بي» جهاز مخابرات روسيا من الأجهزة القوية، وحقق صولات وجولات والوقائع كثيرة.
- جهاز المخابرات العامة المصرية، ولن أتحدث عنه، رغم تصنيفه ضمن المخابرات الأقوى فى العالم، إلا أننى لست جاسوسة على وطنى.
- أما بالنسبة لإسرائيل، هناك أكثر من جهاز لديها «الموساد ـ شاباك ـ أمان ـ شين بيت»، بالإضافة للوحدات التى تتبعها ويتم التنسيق بينها، أما «أمان» فدوره تقديم التقارير للأمن الداخلى ووزارة الدفاع، ومتابعة أى تحركات لدول تهدد أمن إسرائيل، ويترتب عليه قرارات لضرب أهداف تضرهم، ويضم وحدات من بينها وحدة «سرت ميتكال» تتخصص فى كل ما له صلة بالإلكترونيات وحدة «٨٢٠٠ Israel Electronic Cert» ودورها تجنيد الشباب العرب والمصريين، «وحدة ٥٠٤»، دورها تأمين حدود إسرائيل والشريط الحدودى مع الدول المجاورة لها، وزرع وتجنيد عملاء هناك، أما الجهاز المعلوم بالنسبة للغالبية فهو الموساد، وظنهم أنه هو وحده جهاز مخابرات إسرائيل بسبب القصص والروايات عن عمله الرئيسى خارج إسرائيل، ودوره فى تجنيد شخصيات مهمة وعملاء وتكوين أكبر شبكة علاقات سواء كان بعلمهم بتجنيدهم أو بغبائهم وجهلهم دون علمهم ولجهازنا المصرى العظيم ضرباته الموجعة له.
ننتقل لمرحلة الجاسوسية التى نعيشها، أعتقد أن الغالبية قد سمعت بعبارة حروب الجيل الرابع، وأنها أخطر الحروب، وهنا يظهر دائمًا المُمَوَّل والجاهل، فالأول مهمته هى السخرية الدائمة من ذلك التحذير ليُحَقِر منه فيهمله الناس، ولا يتخذوا حذرهم، فإما يتجاهلونه وإما يشاركونه الضحك والسخرية، وهؤلاء هم الجهلاء «وما شاء الله عندنا يفيض ويكفى منهم» وخطورة تلك الحروب أنها أصبحت تتحكم فى اقتصاد دول «خرابها ـ تفككها ـ انهيارها» والأمثلة كثيرة وأخطر أسلحتها الهواتف الذكية بما فيها من تطبيقات تنقل صورك، أرقامك، رسائلك، بياناتك، خدمات اتصال مجانية «فايبر، ماسنجر، واتس آب.. إلخ»، مواقع التواصل «صورتها القديمة المصغرة زمان هى القهاوى» التى فى الظاهر للتواصل الاجتماعى ـ العالمى، فاليوم قد تتواصل وأنت فى مصر بأشخاص فى أنحاء العالم والحقيقة أن تلك المواقع صناعة أجهزة استخباراتية تقوم عن طريقها بتجميع معلومات بصورة يومية، أسبوعية، شهرية عن الحالة «الاقتصادية ـ الأمنية ـ الاجتماعية ـ الثقافية ـ السلوكية ـ ردود الأفعال على جميع قرارات الدولة»، وذلك عن طريق آلاف المواقع والصفحات والأفراد الذين هم فى الأصل ضباط مخابرات مدَرَّبون على التجنيد. فقد تعلم وتقبل أن يتم تجنيدك وقد لا تعلم، وتكون مجندًا حسب التقرير عن حالتك الذى يتم دراسته فهل أنت «أهبل ثرثار»، استخراج المعلومات منك سهل فتكون جاسوسًا ببلاش، دون علمك أو يكون عن طريق الوصول لك شخصيًا وتجنيدك ودفع مقابل، وهناك مواقع تكون الأسهل فى دراسة الحالة، وجمع المعلومات أغلبها هو طلب هجرة، استبيان رأى «وطبعا سيادتك جايب الديب من ديله ولازم تدلي بدلوك يا حدق) توظيف وعمالة بالخارج، طلبات زواج، مسابقات ويطلب منك تسجيل بياناتك كاملة أولًا، ثم اختبارات فى صورة أسئلة، وتقوم سيادتك بالإجابة عنها، لأن جمع المعلومات هو الخطوة الأولى فى التجنيد، وفى الأغلب التركيبة الرئيسية الناجحة للجاسوس «فقر وعوز شديد، طموح كبير، طمّاع، ذكاء حاد، كذاب، ضمير ميت، عدم انتماء للوطن، عدم وجود مبادئ وأخلاق، عدم الإحساس لدرجة التبلد تجاه أى شيء سيئ يحدث للوطن، ناقم، حاقد، محبط، يائس»، ذلك هو الصيد الثمين، فى عام ٢٠١٠ حيث قامت المخابرات العامة المصرية بإلقاء القبض على الجاسوس طارق عبد الرازق، الذى سافر إلي الهند عن طريق موقع للتوظيف، اتضح أنه تابع للمخابرات الإسرائيلية «الموساد»، وتم تجنيده هناك، وسافر اليابان وكانت عمليات تدريبه كيفية إنشاء مواقع وصفحات وظيفتها جمع المعلومات عن الشباب المصرى، وفرزهم وتقديم تقارير عن الأنسب للتجنيد «واخد بالك يا أستاذ أنت ويا طنط»، وإذا ركزنا قليلًا سنلاحظ عدة أشياء: من حين لآخر نجد استفتاءات تظهر: هل أنت مع النزول لعمل ثورة؟ هل أنت راضٍ عن أداء الرئيس، الحكومة، الوزراء، المحافظين؟ ما حالتك المزاجية هل تعانى من اكتئاب، إحباط؟ ما رأيك فى الأسعار الحالية.. إلخ «واضح أن مفيش حد اتعلم حاجة من جمعة الشوَّان، إسرائيل قالت له أى معلومة ممكن بالنسبة لك تكون هايفة، ولكنها خطيرة بالنسبة لنا حتى زيادة أو نقصان أسعار الزيت والسكر والشاى»، أو نجد اختبارات للتسلية فى ظاهرها، ولكنها تقرير مفصل عنك «هل أنت ذكى، درجة رضائك عن نفسك، البلد الذى تستحق أن تعيش فيه، مدى طموحك، ما الحيوان الذى يمثلك، الوظيفة التى تستحقها، درجة تسامحك، نسبة الشر داخلك.. إلخ»، «عايز تصدق أنه متابعك أى اختبار يقول سندخل على بياناتك ومعلوماتك وصورك جارى التحليل، وفى ثوانٍ النتيجة تكون صحيحة وأنت تفرح قوى»، ومن خلال متابعته لصفحتك وكتابتك فى ماذا تتمنى الآن «بوست»، وحالتك الاجتماعية واهتماماتك، يعرف المدخل إليك «امرأة تبحث عن زوج وتهتم بمواقع وصفحات الزواج، فيظهر أكونت الفارس على حصانه الأبيض بكل طلباتك ومواصفاتك واحتياجاتك ومن هنا تبدأ الحكاية»، «ومبروك عليكِ التجنيد يا قطة»، «ويا سلام لو حضرتك طفس بتحب الستات وصفحات الجنس ومتابعة العاهرات اللى بالمناسبة أغلبهن رجال شواذ وأنت برضه عبيط ومكمل أهلًا وسهلًا، ومرحبًا بك من الباب الرئيسى للتجنيد وطبعًا الطُعْم هيكون واحدة على أعلى درجة من الاحتراف ومبروك عليك التجنيد يامعلم»، أقسم لكم بالله العظيم تكرر معى أكثر من موقف، كنت أتابع صفحات ويجذب انتباهى تعليق، وأكون على يقين أن وراءه أحدًا مريبًا، وأدخل لأرى بياناته فيكون إسرائيليًا مدَّعيًا أنه من عرب ٤٨ وأيضًا أكثر من رسالة، ولأن أحيانًا يكون «متآمرًا وغبيًا»، يكون موقع الرسالة المرسلة إسرائيل «طبعا أجدع «بلوك»، ولو أقدر أمد إيدى من الشاشة وأقتله هعملها»، لقد اختصرت قدر المستطاع حتى أجمع أكبر عدد من النقاط، لتكون الرؤية شاملة الآن يستطيع كل فرد أن يجيب عن سؤالى: هل أنت جاسوس؟ أعتقد أننى أثبت للجميع كيف أصبحنا جواسيس وسيوفًا مصلتة على رقاب أوطاننا «حاجة ببلاش كده»، بجهل، بغباء، بقصد، عمدًا، لا يوجد فرق النتيجة فى النهاية واحدة.. يا عزيزى كُلُنا جواسيس.