الخميس 07 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

لماذا يخاف نظام قوي من اتحاد طلبة غاضب؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حاولت أجنحة داخل النظام الدفع بأعضاء «صوت طلاب مصر» إلى مقدمة المشهد فى الانتخابات الطلابية، لكن طلبة الجامعة كان لهم رأى آخر، اختاروا من يشعرون أنه يمثلهم، ولما وجد وزير التعليم العالى، الدكتور أشرف الشيحى، أنه أمام اتحاد طلاب ناضج، يعرف أولوياته، جاء ليتحدث لا ليسمع ويطيع، سارع بإلغاء الانتخابات الطلابية، والعودة بالجميع إلى المربع صفر. 
لا تلتفت كثيرًا لما يقال عن مخالفة إدارية فى انتخابات جامعة الزقازيق، وهى المخالفة التى صدر قرار إعادة الانتخابات على أساسها، ولا تركز كثيرًا فيما ردده مصدر مطلع فى وزارة التعليم العالى عن تزوير الانتخابات فى ٣ جامعات، فهذه ليست إلا مبررات هزيلة ومتهافتة، لإجهاض المشهد الذى تشكل، عبر انتخابات طلابية تأجلت أكثر من مرة، ولما تمت أفرزت روحًا حيوية ومختلفة فى الجامعات. 
يصر النظام على التعامل مع الطلبة على أنهم حزب سياسى، يجب أن يخضع ويقف فى طابور الموافقة والتأييد والدعم والإشادة والتهليل لكل ما يصدر من النظام وعنه، غير ملتفت إلى أن الشباب بطاقاتهم وتكوينهم الذي يميل إلى التغيير لا يمكن وضعهم فى قالب محدد، لأنهم سيكسرون هذا القالب ويتمردون عليه. 
إلغاء الانتخابات، وهو قرار أعتقد أنه غير موفق وغير مدروس، يعكس صورة غير حقيقية للنظام، فالنظام على الأرض قوى، من ناحية لأن هناك من يؤيدونه قناعة به، ومن يؤيدونه لأنه لا بديل له، وفى الحالتين يلقى دعمًا وتأييدًا، حتى من يختلفون مع النظام، لا يعارضونه من خارجه، بل يريدون إصلاحه من الداخل. 
ما الذي كان يريده النظام من اتحاد الطلاب الجديد؟ 
أن يهتم بالأنشطة الترفيهية والفنية فى الجامعات، أن ينظم فعاليات حاشدة يعلن من خلالها تأييده لكل ما يصدر عن النظام، حتى لو كان الطلاب غير مقتنعين به، ولهم عليه ملاحظات، أن يجلسوا أمام الكبار ليسمعوا منهم، يهزوا رءوسهم بالموافقة، حتى لو كان لديهم ما يقولونه. 
شىء من هذا لا يجب أن يحدث من الأساس، ومن الصعب أن تقول للطلاب ألا يهتموا بالسياسة أو يعملوا بها، فى وطن قوته اليومى هو السياسة، تحدث طلاب الاتحاد المنتخب عن قضايا زملائهم المحبوسين، وبعضهم راح ضحية آخرين، ما الذى يضير النظام فى هذا، رئيس الدولة نفسه أعلن أن هناك مظلومين فى السجون ومن بينهم طلاب، فما الذي تريدونه من اتحاد الطلاب إلا العمل على إثبات أن هناك مظلومين من الطلاب فى السجون ولا بد من إخراجهم، وما الذي يضير النظام إذا أعلن أعضاء الاتحاد المنتخب أنهم سيتظاهرون فى الجامعة، لأن التظاهر حق مشروع لهم، هل يمكن أن تهدم مظاهرة هنا أو هناك نظامًا قويًا؟.
لماذا يصر النظام على تصدير صورة ليست حقيقية عن نفسه، لماذا يمنح الآخرين فرصة التقول عليه بأنه يعانى من القلق، وأنه مهزوز لا يقدر على مواجهة المختلفين معه، حتى لو لم يملكوا إلا الكلام؟ لماذا يصر النظام على توسيع دوائر الخلاف مع الشباب الذين هم الطاقة العظمى فى هذا الوطن؟ فإما أن تكون معى مائة فى المائة تقول ما أقول وترى ما أرى، وإلا فأنت عدوى الذى لا بد أن أتخلص منك وأقصيك. 
يعرف عبدالفتاح السيسى، ربما أكثر من غيره، أن هذا الوطن ملكنا جميعًا، سنعيش فيه شاء من شاء وأبى من أبى، وأعرف أن لديه رؤية احتواء الجميع على أرضية وطنية واحدة، حتى لو كان هناك من يختلف معه، أو يعترض على بعض سياساته، فقد اخترنا رئيسًا، نطلب من الله أن يرسل لنا نبيًا معصومًا من الخطأ، هو يعرف ذلك جيدًا، لكن الأزمة أن معاونى الرئيس والذين يعملون حوله لا يدركون، ولذلك فهم يورطونه من حيث لا يدرى ولا يحتسب. 
ما الذي كان يضير النظام لو ترك مائة زهرة تتفتح فى الجامعة؟ ما الذي كان سيحدث لو ظل الاتحاد على حالته التى انتخبه بها الطلاب، لديه رؤيته المختلفة، ومواقفه المعارضة فى التفاصيل، فلا أعتقد أن أحدًا يختلف على قيمة الوطن، ستقول إن أخطاء إدارية وقعت استدعت إعادة الانتخابات، سأقول لك كان يمكن إعادة الانتخابات فى الجامعة التى وقعت فيها المخالفات، وينتهى الأمر. 
لست من هواة التهويل، لكن الأمر لا يحتمل التهوين أيضًا، ولن أسير خلف توقعات بأن الطلاب الذين تم إقصاؤهم يمكن أن يكونوا عامل حشد ضد النظام، السياق العام لا يساعد على ذلك، لكنى أرى أن هناك أزمة فى إدارة مشهد انتخابات اتحاد الطلاب، تعكس خللًا لدى من يتولون الأمور، ويبدو أنهم لا يعرفون شيئًا عن سياسة الاحتواء، التى لا تتطلب أبدًا إخضاع الجميع لى، بقدر ما تتطلب دمجهم فيما أريده، وهو ما يتطلب أن أسمع منهم وأستجيب لهم.. فهذه الأرض ليست لمن يحكمون فقط، ولو كانت لهم ما زالت عن سابقيهم. 
هامش:
يتصور البعض أن إلغاء انتخابات الاتحاد يمكن أن يقود الطلاب إلي ثورة، والواقع الذى أراه أن الطلاب غاضبون وليسوا ثائرين، الغضب يمكن احتواؤه، فاعملوا على ذلك، قبل أن يتحول الغضب إلى ثورة، ولن يكون أمامكم إلا أن تقنعوا أصحابها، فهل تريدون ذلك؟ والسؤال لا بد أن يجيب عنه رأس النظام وليس معاونوه... فلا أحد فى هذا الوطن يتحمل دفع فاتورة عنف جديد أو دماء جديدة.