الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الشرق الأوسط الجديد "2"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
توقفنا فى المقال السابق عند اتفاقية سايكس- بيكو التى أبرمتها إنجلترا وفرنسا فى مايو 1916 برعاية روسيا القيصرية، والتى نصت على تقسيم الشرق الأوسط وإعادة رسم خريطته وحدوده، وذلك بعدما أدركت هذه الدول الثلاث حتمية انهيار الدولة العثمانية، فقرروا تقسيم التركة فيما بينهم، بما يضمن الولاء السياسى لهم والذى يحقق بدوره المصالح الاقتصادية المرجوة لبلادهم، وكان الدبلوماسي البريطاني مارك سايكس يفاوض الفرنسي جورج بيكو ويرسمان حدود الدولة الوليدة بأقلامهم الملونة -وهذه حقيقة – فلقد وضعوا ألوانا زرقاء وأخرى حمراء لدول أجلوا اختيار أسمائها لوقت لاحق وبينما هما يفعلان ذلك كان أتون الحرب العالمية الأولى يشتعل بقوة وملايين البشر يقتلون وكل المؤشرات تؤكد هزيمة الدولة العثمانية التى دخلت الحرب كحليفة لألمانيا، وكانت مصر تحت الاحتلال الإنجليزي منذ 1882وفى ذات الوقت هى تابعة للسلطنة العثمانية فأتخذ الإنجليز قرارا بإعلان الحماية على مصر فى ديسمبر 1914 وإلغاء تبعيتها للأتراك وعزل عباس حلمى وتعيين حسين كامل، وبينما كان الشعب المصري ينتظر قدوم الأتراك بجيش جرار لإعادة مصر إلى دولة الخلافة وتحريرها من الإنجليز فوجئنا بأن الباب العالى فى الأستانة لم يحرك ساكنا ولم ينتفض خليفة المسلمين لنجدة مصر، بل انشغل بحربه فى أوروبا فانكشف ضعفه وقلة إمكانيات جيشه أمام جيوش بريطانيا وفرنسا وروسيا، وأثناء الحرب –كما أسلفنا – جلس سايكس مع بيكو يرسمان خريطة الشرق الأوسط – الجديد وقته –القديم حاليا – وظل هذا الاتفاق سريا حتى قامت الثورة الشيوعية فى روسيا 1917، ووجد الثوار هذه المعاهدة فنشروها مما سبب جرحا لبريطانيا وفرنسا، ولعل الحديث عن هذه الاتفاقية ونشرها فى ذلك التوقيت كان سببا فى ضغط المليونير الإنجليزى روتشيلد على حكومته للعمل على إقامة دولة لليهود فى فلسطين، فكان وعد بلفور الشهير فى 2 نوفمبر 1917 حيث بعث وزير الخارجية البريطانى أرثر جيمس بلفور برسالة خطية لروتشيلد يقول فيها بالنص: "إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى إقامة مقام قومى فى فلسطين للشعب اليهودى وستبذل غاية جهدها لتسهيل هذا الأمر"، وقد صدر هذا الوعد فى ظل دولة الخلافة التى يتحدث عنها البعض ويتباكون عليها ويريدون عودتها، وفى ظل وجود هذه الدولة أيضا اتفق الإنجليز مع الشريف حسين على أن يكون خليفة المسلمين بعد الانهيار المحتمل للدولة العثمانية ولمن لا يعرف فإن الشريف حسين كان واليا على مكة وهو ينتمى إلى الأسرة الهاشمية (أسرة الرسول صلى الله عليه وسلم) وكان السلطان عبد الحميد قد قربه منه وأبعده عن مكة خوفا من ميوله الاستقلالية وترويجه لفكرة عودة الخلافة للعرب بعدما انتزعها العثمانيون لمدة طويلة، ولكن بعد إجبار عبد الحميد على التنازل عن السلطة لأخيه محمد الخامس بعدما ظل خليفة للمسلمين لأكثر من ثلاثين عاما، عاد الشريف حسين إلى مكة مرة أخرى ، فراسله هنرى مكماهون المندوب السامى البريطانى فى مصر وعرض عليه أن يكون خليفة للمسلمين بعد إسقاط الإنجليز والأتراك أثناء الحرب، وبالفعل ساند الشريف حسين الإنجليز بكل ما أوتى من قوة طمعا فى أن يكون خليفة المسلمين وطلب منه مكماهون القيام بثورات شعبية ضد الدولة العثمانية، فحدث ما سمى وقتها بالربيع العربى – معذرة – أقصد الثورة العربية –التى عملت على تحرير الأقاليم العربية من الاحتلال التركى، وانطلقت الثورة العربية من الحجاز ثم انتقلت إلى الأردن ثم دمشق وظن الشريف حسين أن الأمر بات قريبا وأنه قاب قوسين أو أدنى من أن تصدر بريطانيا قرارها التاريخى بتعينه خليفة للمسلمين وملكا على العرب، وما أشبه الليلة بالبارحة، فهؤلاء الذين ذهبوا إلى البيت الأبيض وقدموا فروض الولاء والطاعة فى سبيل أن يظلوا فى حكم مصر على أن ينفذوا مخطط الشرق الأوسط الجديد هم أحفاد اللذين ذهبوا من قبل إلى الانجليز واتفقوا معهم على إقامة خلافة جديدة مقابل تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الذى وضعوه فى 1916 ..وللحديث بقية