الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

خليل عبدالكريم.. القادم من الإخوان "4-5"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وكعادته ينتقل خليل عبدالكريم بنا فى كتابه الرائع «الأسس الفكرية لليسار الإسلامي» إلى موضوع شائك آخر وهو مسارعة البعض بتكفير المجددين ومخالفيهم فى الرأي، ولأنه تعرض هو أيضا للتكفير واتهموه بأنه مرتد، فارتد عليهم بهجوم من فقه صحيح يرفض التأسلم، ونقرأ «فى ملتنا واعتقادنا أن كل من نطق بالشهادتين فهو مسلم ولو قالهما وهو تحت حد السيف، لأننا لا نفتش فى قلوب الناس ولا نشق صدورهم لنعرف نواياهم فهذا موكول إلى الله سبحانه وتعالي».
ويعود ليؤكد «نحن لا نكفر أحدا من أهل القبلة إلا ببرهان ساطع، وندين ما شاع وذاع فى الأيام الأخيرة من التعجيل بتكفير الموحدين لأن هذا مخالف لأبسط قواعد الإسلام، وما اتفق عليه أئمة الهدى ومصابيح الدجى من أنه إذا قال مسلم لمسلم يا كافر بدون تأويل فقد كفر لأنه سمى الإسلام كفرا، وقد صح أنه صلى الله عليه وسلم قال (إذا قال رجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما» واعتمد ذلك كثير من الفقهاء (وأورد أسماء كثيرين منهم)»، ثم قال «لمزيد من التفصيلات يمكن الرجوع إلى كتاب الإعلام بقواطع الإسلام للإمام ابن حجر المكى الهيتمي». ويمضى خليل عبدالكريم فى سوق أدلة يحاصر بها خصومه من حيث لا يحتسبون، ودون مماثلة للآخرين من دعاة التجديد فى الفكر الدينى، فتعرضوا للتكفير فيقول «وفى مذهبنا أن الإسلام الثابت لا يزول بالشك. والكفر شيء فظيع لا نقطع بحصوله إلا بدليل قاطع لا يأتيه ريب من أى مكان.
ويجب أن نحسن الظن بكل مسلم فلا نتعجل برميه بالكفر ونتلمس له زاوية الإيمان فى قوله أو فعله لأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه، وإذا كان فى قوله أو فعله تسعة وجوه توجب الكفر ووجه واحد يمنعه فنحن نأخذ بهذا الوجه، لأننا لا نكفر بالمحتمل والمظنون والمشكوك فيه. 
ولأن الكفر يستوجب العقوبة القصوى وبالمقابل يستلزم حجة ظاهرة كالشمس فى رابعة النهار»، ومن ثم فإنه يؤكد ويلح فى التأكيد أنه «إذا اخترمتها نسبة ولو ضئيلة من الريب طرحناها جانبا. وهذا هو نهج السلف الصالح رضوان الله عليهم، وهذا هو الفارق بين الفقيه الذى يفتى لوجه الله وبين المتفيقه الذى يفتى سياسة أو لمصلحة، ويوظف معارفه الدينية لخدمة جماعة أو حزب أو جريا وراء شهرة زائفة أو منفعة عاجلة، فيبيع دينه بعرض من الدنيا قليل» (ص١٦).
وبعد أن يغلق خليل عبدالكريم باب التفيقه فى الإسراع بالتكفير فى وجوه المتفيقهين فإنه يسرع فينتقل إلى معركة ساخنة أخرى وهى موضوع الخلافة ويقول «نحن نذهب إلى أن الخلافة منصب مدنى سياسى استقاه المسلمون الأوائل من النظام القبلى».
ألم نقل إنه يأتى إلى المتأسلمين من حيث لا يدرون ولا يكرر حججا قالها غيره، وإنما يفتش عن قول فصل يحسم به وجهة نظره، ويحاصر المتأسلمين بحجج لم يواجهوا بها من قبل.. يقول «إن ظروفا عديدة تضافرت على بروزه لحيز الوجود، وأنه ليس فرضا دينيا ولو كان كذلك لما استطاع أتاتورك إلغاءه، لأنه لم يلغ رسما من رسوم الإسلام مثل الصلاة والصيام والحج.
والحق أن القول بأنه هو الذى ألغى الخلافة فيه تجاوز كبير، بل الصحيح أن يقال بأن الإلغاء تم فى عهده، فالظروف هى التى أملت اختفاء منصب الخلافة بعد أن اتضح أنه لم يعد ملائما لموجبات القرن العشرين، وقد مضى هذا النظام بحسناته وسيئاته بعد أن أدى دوره، ومن ثم تغدو المناداة بعودته ضربا من العبث وتضييع الجهد؛ ذلك أن المستجدات التى طرأت على أحوال المسلمين من ناحية، وعلى الساحة الدولية من ناحية أخرى، تحول دون ذلك. 
فالذى يتخيل وجود حاكم واحد يحكم المسلمين من الجمهوريات ذات الأغلبية المسلمة التى كانت جزءا من الاتحاد السوفيتى سابقا شمالا حتى جيبوتى جنوبا، ومن مراكش غربا وحتى سلطنة بروناى شرقا إما واهم أو حالم.
ثم من الذى يتولى الخلافة، أهو حاكم مصر لأنها أكبر دولة عربية ولما لها من وزن ثقافى وعمق حضارى، أم ملك السعودية وهو خادم الحرمين الشريفين وتقع فى بلاده مدينتا القداسة مكة والمدينة، أم تطالب بها أكثر الدول الإسلامية تعدادا مثل باكستان أو إندونيسيا.
وفى الأيام الأولى للإسلام واجه الناس الخلفاء وصححوا لهم أخطاءهم، ألم يقل أبوبكر «فإن استقمت فاتبعونى وإن زغت فقوموني. وألم تقف امرأة لتصحح لعمر بن الخطاب ما وقع فيه من خطأ فى مسألة المهور، وتقبل منها ابن الخطاب ذلك.
أما الآن فهل يجرؤ أحد على نقد فقيه أو شيخ مذهب مبينا الخطأ فى فكره؟ ولعجزهم عن الرد ومقارعة الحجة بالحجة يلجأون للتكفير». 
ويمضى خليل عبدالكريم مؤكدا أن مثل هذا الوضع يعطل العقل الإسلامي. ثم يؤكد مرة أخرى «أن حرية الفكر تثبت كل يوم أنها ضرورة ملحة لكل نهضة وصحوة».
ولم يزل لدى خليل عبدالكريم الكثير ليبهرنا به. فلنواصل.