يومًا بعد يوم يواصل اللواء سامح سيف اليزل جهده الدؤوب للعودة بمصر إلى خط الرابع والعشرين من يناير ٢٠١١، الرجل لا يكف عن السعى لبناء كتلة خرساء فى برلمان ثورة ٣٠ يونيو، ومشكلته الرئيسية هى حديثه المتواصل باسم الدولة، وباسم مصر، وباسم الدعم وباسم الحب، ربما تنتهى مشكلتى مع سيف اليزل، ولكن من المؤكد أنها لن تنتهى مع أعضاء قائمته الذين زحفوا نحو البرلمان فى خبرة المحترفين والعارفين من أين تؤكل الكتف.
القائمة التى قالت عن نفسها إنها فى حب مصر وإنها تُعبر عن أجهزة ومؤسسات يحترمها الشعب المصرى، اكتسحت الانتخابات وخطفت ١٢٠ من مقاعد البرلمان، فى غيبة من الأحزاب ومن التكتلات والقوائم الأخرى، اعتمدت قائمة سيف اليزل على خلطة عجيبة ما بين المال السياسى وعدد من رموز الحزب الوطنى المنحل، وكانت كلمة السر فى فوزها هى زعمها بأنها تحظى برضا الدولة الوليدة، ربما كان هذا الزعم كاذبًا، ولكن صمت الأجهزة والمؤسسات جعل أنصار الدولة فى سباق محموم لإنجاح تلك القائمة، لم يكتف الأخ سيف اليزل بذلك، ولكن فيما يبدو أن اللعبة قد أعجبته فأعلن مجددًا عن تشكيل تحالف داخل البرلمان أسماه دعم الدولة، وتهافت للانضمام إليه عشرات المستقلين، حتى بات سيف اليزل يشكل خطرًا حقيقيًا على دولة يونيو وأنصارها.
المعروف هو أن سامح بلا خبرات حقيقية فى العمل السياسى والبرلمانى، وأنه مجرد واجهة صنعها الإعلام كمتحدث يبدو لمن لا يعرف أنه عالم ببواطن الأمور، بينما الحقيقة هى أن سامح سيف اليزل ليس إلا وجهًا آخر لرجل الحديد المعروف أحمد عز، الذى تعامل لسنوات طويلة مضت بصلف فى موقع مشابه لموقع سيف اليزل الآن فثارت مصر وراح عز ومن معه.
من حقنا أن نسبق الأحداث، ونحذر من ذلك الاتجاه الخطر الذى يتحرك فيه ما يسمى بتحالف دعم الدولة، فالدولة المصرية يدعمها أبناء الفقراء على جبهة الحرب بدمائهم، ويدعمها المخلصون فى كل موقع مثلما دعمها فى وقت سابق ٣٢ مليون مصرى خرجوا إلى الشوارع ثائرين على حكم المرشد وجماعته مطالبين بمصر للجميع، اليوم يكرر سامح سيف اليزل ذات الجريمة باحتكار عناوين مبهمة كدعم الدولة وغيره، ليبتعد الناس رويدًا رويدًا عن حلمهم بمصر التى يريدونها، ومن ثم ينفرد اليزل وجماعته بتوجيه الأمور.
وعلى الرغم من ضعف الأبنية الحزبية فى مصر وفقرها المالى، إلا أن الأحزاب ستظل دومًا هى العاصم ضد الاحتكار، الأحزاب لها برامج ولوائح وبنيان قيادى تنظيمى معروف، لذا فالتنوع الواجب لسبيكة ٣٠ يونيو لا يمكن أن يتم إلا وفق التعددية الحزبية، وهى أحزاب وطنية بالأساس تعرف قيمة الدولة وآليات الحفاظ عليها، أما هذه الهوجة التى يصنعها تحالف اليزل، فهى ضرب مباشر فى إمكانية بناء مصر سياسيًا على الوجه الصحيح.
ولو استعرضنا عشرات الأسماء التى جاء بها اليزل فى قائمته، ليتحصنوا بالبرلمان فسنشهد العجب، رجل أعمال أعرفه نجح مستقلًا فى محافظة ساحلية لم يكتف بمقعده ولكنه دفع بمدير حملته الانتخابية إلى قائمة اليزل ليتجاورا فى البرلمان، وأعرف أيضًا كيف تم استبعاد آخرين من تلك القائمة، لأنهم يمتلكون وجهات نظر وقادرون على الدفاع عنها، إذن نحن أمام مسخ مشوه يحاول بقدر الإمكان أن يستخدم اسم الرئيس لفرض هيمنته على الواقع التشريعى القادم.
وهنا تصبح قصة الدبة التى قتلت صاحبها من فرط حبها له واجبة النشر والكتابة، ولذلك من المهم اليقظة ومحاسبة النواب الذين نجحوا كمستقلين فى دوائرهم، ثم هرولوا إلى تكتل اليزل، متجاهلين حقائق ثورتين الأولى فى يناير التى أطاحت بتكتل الحزب الوطنى، والثانية فى يونيو التى أطاحت بتكتل الإخوان، لسنا فى حاجة إلى ثورة ثالثة يكون سببها اليزل وأطماعه وغروره، نحن فى حاجة إلى مصر المتنوعة والمتعددة، فهل هذا كثير علينا؟.