لابد من الاعتراف بأن ما أطلق عليها «ثورات» الربيع العربى قد وضعت بتجلياتها المختلفة وظواهرها المتعددة العلوم الاجتماعية، وفى مقدمتها علم السياسة، فى أزمة!
وذلك لأن المفاهيم والنظريات التقليدية السائدة ثبت أنها لا تصلح بشكل عام فى توصيف وتفسير الظواهر التى رافقت اندلاع هذه الثورات أو ضروب السلوك التى برزت بعد الثورة.
ولعل أولى المشكلات النظرية التى واجهت علماء السياسة هى التساؤل عن هذه «الثورات»، وهل هى ثورات حقيقية كما استقر عليه الرأى فى «علم الثورة» أم هى هبات احتجاجية محدودة سرعان ما تحولت إلى ثورات شعبية بحكم انضمام الملايين إلى المجموعات قليلة العدد التى أشعلت فتيل المظاهرات الاحتجاجية كما حدث فى ثورة ٢٥ يناير.
ولعل غياب هذه الرؤية المستقبلية لدى من أشعلوا فتيل الهبة الاحتجاجية فى ٢٥ يناير، هو سر التعثر الشديد الذى ميز المرحلة الانتقالية التى تولى السلطة فيها المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وذلك لأن كافة القوى السياسية المعارضة لنظام الرئيس السابق «مبارك»، وفى مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين، لم تكن لديها رؤية للمستقبل.
ونخص بالذكر جماعة الإخوان المسلمين لأنها كانت أقوى التنظيمات السياسية المصرية كما ثبت من تطور الأحداث، والذى أدى إلى حصولها على الأكثرية فى انتخابات مجلسى الشعب والشورى، وبعد ذلك نجاحها المدوى فى اقتناص منصب رئيس الجمهورية نتيجة الخيبة السياسية للتيارات الليبرالية وضعفها فى الشارع السياسى، وخيانة بعض شرائحها التى تمثلت فى دعم الرئيس المعزول «مرسى» قبل الانتخابات، والتحالف السياسى المشبوه معه مما ساعد على نجاحه وإن كان بنسبة ضئيلة.
وقد ثبت من الممارسة السياسية الفعلية لجماعة الإخوان المسلمين، بعد نجاحها فى الهيمنة على كافة مفاصل النظام السياسى المصرى، أنها جماعة تعانى من الإفلاس الفكرى لأنها قامت بكل بساطة على فكرة خيالية، مبناها السعى لقلب النظم السياسية العلمانية وإقامة دولة إسلامية تطبق الشريعة الإسلامية وتحل محلها، تمهيداً لاسترداد نظام الخلافة الإسلامية من جديد بحيث يُختار خليفة واحد (لم يحددوا كيف) يحكم الأمة الإسلامية كلها، المنتشرة فى أنحاء الأرض، وبعدها يصبحون -حسب أدبياتهم المنشورة- أساتذة العالم!
وقد شرعت الجماعة الإرهابية بعد سيطرتها على مقاليد الأمور السياسية فى مصر فى تنفيذ مخططها لأخونة الدولة وأسلمة المجتمع، ولكن تبين أن إفلاسها الفكرى العميق أدى بها إلى فشل سياسى فاضح!
وإذا تأملنا الأحوال السياسية لقيادات جماعة الإخوان الإرهابية بعد عزل «مرسى»، والقبض على قيادات الجماعة ومحاكمتهم، وهروب عدد من قياداتها إلى الخارج، لأدركنا أن هؤلاء القادة بلا استثناء تحولوا من حالة الإفلاس الفكرى إلى نوع من الهذيان السياسى الذى لا حدود له!
وأول علامات هذا الهذيان الذى يتم تحت شعار ضرورة استعادة الشرعية الوهمية والتى تعنى عندهم عودة «مرسى» إلى رئاسة الجمهورية من جديد، وكذلك عودة مجلس الشورى الإخوانى المنحل!
ما هذا الهراء؟ وهل من يرفعون هذه المطالب من قيادات الجماعة -وبعضهم للأسف الشديد أساتذة جامعيون- هل هؤلاء يتمتعون بنعمة العقل السليم، أم أن صدمة السقوط المدوى أفقدتهم الرشد؟
وقد شاهدت مؤخرا برنامجا للإعلامى الإخوانى «زوبع»، وهو يلطم خدوده ويصرخ بعد الانشقاق الواسع المدى فى الجماعة الإرهابية، الذى عبر عنه الظهور المفاجئ «لمحمود حسين» أمين الجماعة الهارب، وقيامه بفصل المتحدث الرسمى للإخوان فى لندن، وتعيين متحدث إعلامى آخر هارب ومقيم فى الخارج.
وقد ترتب على هذه القرارات انشقاق واسع المدى فى الجماعة الإرهابية؛ لأن قيادة الإخوان المؤقتة فى داخل مصر رفضت هذه القرارات.
والواقع أن «زوبع» فى برنامجه كان ينعى جماعة الإخوان الإرهابية؛ لأنها –حسب عباراته- أصبحت مخترقة وتحولت إلى جماعتين متنافرتين!
ومن هنا يمكن القول إن الهذيان الفكرى أصبح سمة مميزة لتصريحات زعماء الجماعة الهاربة فى الخارج. غير أن عملاء الجماعة الفكريين فى الداخل، ويمثلهم مجموعة من الكتاب الصحفيين، وبعض أساتذة الجامعة ممن يكتبون فى الصحافة، عبروا عن سذاجة سياسية مدهشة فى الواقع!
وهذه السذاجة عبر عنها أبلغ تعبير أستاذ فلسفة معروف بهواه الإخوانى من ناحية، وبتذبذبه الفكرى من ناحية أخرى، وتقلباته الفكرية من أقصى اليمين إلى اليسار.
كتب هذا الأستاذ الجامعى مقالة مؤخرا فى «المصرى اليوم» يرحب فيها بالدعوة المشبوهة التى أطلقها أحد الإخوانيين القدامى، الذين مازالوا فى الساحة السياسية، دعا فيها إلى عقد انتخابات رئاسية مبكرة.
وقال هذا الجامعى المتطرف، والساذج معا، إنه يؤيد هذه الدعوة لأن معناها تحكيم الشعب فى حل مشكلة هل ما حدث فى ٣٠ يونيو انقلاب أم ثورة؟
وبلغت التفاهة والهيافة بهذا الجامعى الدعىّ أن ينكر أن الشعب هو الذى ثار فى ٣٠ يونيو وأسقط حكم الإخوان الديكتاتورى بتأييد جسور من القوات المسلحة.
وقد وصل هذا الجامعى الكذوب إلى ذروة التطرف، حين ساوى فى مقاله بين الإرهابى القاتل والضحية الذى ضاعت حياته قائلاً «القاتل والمقتول فى النار»، القاتل لأنه قتل والمقتول لأنه كان ينوى قتل الإرهابى!
لن أرد على هذا الفكر المتطرف لأن مكانه فى الواقع فى مزبلة التاريخ!.
وذلك لأن المفاهيم والنظريات التقليدية السائدة ثبت أنها لا تصلح بشكل عام فى توصيف وتفسير الظواهر التى رافقت اندلاع هذه الثورات أو ضروب السلوك التى برزت بعد الثورة.
ولعل أولى المشكلات النظرية التى واجهت علماء السياسة هى التساؤل عن هذه «الثورات»، وهل هى ثورات حقيقية كما استقر عليه الرأى فى «علم الثورة» أم هى هبات احتجاجية محدودة سرعان ما تحولت إلى ثورات شعبية بحكم انضمام الملايين إلى المجموعات قليلة العدد التى أشعلت فتيل المظاهرات الاحتجاجية كما حدث فى ثورة ٢٥ يناير.
ولعل غياب هذه الرؤية المستقبلية لدى من أشعلوا فتيل الهبة الاحتجاجية فى ٢٥ يناير، هو سر التعثر الشديد الذى ميز المرحلة الانتقالية التى تولى السلطة فيها المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وذلك لأن كافة القوى السياسية المعارضة لنظام الرئيس السابق «مبارك»، وفى مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين، لم تكن لديها رؤية للمستقبل.
ونخص بالذكر جماعة الإخوان المسلمين لأنها كانت أقوى التنظيمات السياسية المصرية كما ثبت من تطور الأحداث، والذى أدى إلى حصولها على الأكثرية فى انتخابات مجلسى الشعب والشورى، وبعد ذلك نجاحها المدوى فى اقتناص منصب رئيس الجمهورية نتيجة الخيبة السياسية للتيارات الليبرالية وضعفها فى الشارع السياسى، وخيانة بعض شرائحها التى تمثلت فى دعم الرئيس المعزول «مرسى» قبل الانتخابات، والتحالف السياسى المشبوه معه مما ساعد على نجاحه وإن كان بنسبة ضئيلة.
وقد ثبت من الممارسة السياسية الفعلية لجماعة الإخوان المسلمين، بعد نجاحها فى الهيمنة على كافة مفاصل النظام السياسى المصرى، أنها جماعة تعانى من الإفلاس الفكرى لأنها قامت بكل بساطة على فكرة خيالية، مبناها السعى لقلب النظم السياسية العلمانية وإقامة دولة إسلامية تطبق الشريعة الإسلامية وتحل محلها، تمهيداً لاسترداد نظام الخلافة الإسلامية من جديد بحيث يُختار خليفة واحد (لم يحددوا كيف) يحكم الأمة الإسلامية كلها، المنتشرة فى أنحاء الأرض، وبعدها يصبحون -حسب أدبياتهم المنشورة- أساتذة العالم!
وقد شرعت الجماعة الإرهابية بعد سيطرتها على مقاليد الأمور السياسية فى مصر فى تنفيذ مخططها لأخونة الدولة وأسلمة المجتمع، ولكن تبين أن إفلاسها الفكرى العميق أدى بها إلى فشل سياسى فاضح!
وإذا تأملنا الأحوال السياسية لقيادات جماعة الإخوان الإرهابية بعد عزل «مرسى»، والقبض على قيادات الجماعة ومحاكمتهم، وهروب عدد من قياداتها إلى الخارج، لأدركنا أن هؤلاء القادة بلا استثناء تحولوا من حالة الإفلاس الفكرى إلى نوع من الهذيان السياسى الذى لا حدود له!
وأول علامات هذا الهذيان الذى يتم تحت شعار ضرورة استعادة الشرعية الوهمية والتى تعنى عندهم عودة «مرسى» إلى رئاسة الجمهورية من جديد، وكذلك عودة مجلس الشورى الإخوانى المنحل!
ما هذا الهراء؟ وهل من يرفعون هذه المطالب من قيادات الجماعة -وبعضهم للأسف الشديد أساتذة جامعيون- هل هؤلاء يتمتعون بنعمة العقل السليم، أم أن صدمة السقوط المدوى أفقدتهم الرشد؟
وقد شاهدت مؤخرا برنامجا للإعلامى الإخوانى «زوبع»، وهو يلطم خدوده ويصرخ بعد الانشقاق الواسع المدى فى الجماعة الإرهابية، الذى عبر عنه الظهور المفاجئ «لمحمود حسين» أمين الجماعة الهارب، وقيامه بفصل المتحدث الرسمى للإخوان فى لندن، وتعيين متحدث إعلامى آخر هارب ومقيم فى الخارج.
وقد ترتب على هذه القرارات انشقاق واسع المدى فى الجماعة الإرهابية؛ لأن قيادة الإخوان المؤقتة فى داخل مصر رفضت هذه القرارات.
والواقع أن «زوبع» فى برنامجه كان ينعى جماعة الإخوان الإرهابية؛ لأنها –حسب عباراته- أصبحت مخترقة وتحولت إلى جماعتين متنافرتين!
ومن هنا يمكن القول إن الهذيان الفكرى أصبح سمة مميزة لتصريحات زعماء الجماعة الهاربة فى الخارج. غير أن عملاء الجماعة الفكريين فى الداخل، ويمثلهم مجموعة من الكتاب الصحفيين، وبعض أساتذة الجامعة ممن يكتبون فى الصحافة، عبروا عن سذاجة سياسية مدهشة فى الواقع!
وهذه السذاجة عبر عنها أبلغ تعبير أستاذ فلسفة معروف بهواه الإخوانى من ناحية، وبتذبذبه الفكرى من ناحية أخرى، وتقلباته الفكرية من أقصى اليمين إلى اليسار.
كتب هذا الأستاذ الجامعى مقالة مؤخرا فى «المصرى اليوم» يرحب فيها بالدعوة المشبوهة التى أطلقها أحد الإخوانيين القدامى، الذين مازالوا فى الساحة السياسية، دعا فيها إلى عقد انتخابات رئاسية مبكرة.
وقال هذا الجامعى المتطرف، والساذج معا، إنه يؤيد هذه الدعوة لأن معناها تحكيم الشعب فى حل مشكلة هل ما حدث فى ٣٠ يونيو انقلاب أم ثورة؟
وبلغت التفاهة والهيافة بهذا الجامعى الدعىّ أن ينكر أن الشعب هو الذى ثار فى ٣٠ يونيو وأسقط حكم الإخوان الديكتاتورى بتأييد جسور من القوات المسلحة.
وقد وصل هذا الجامعى الكذوب إلى ذروة التطرف، حين ساوى فى مقاله بين الإرهابى القاتل والضحية الذى ضاعت حياته قائلاً «القاتل والمقتول فى النار»، القاتل لأنه قتل والمقتول لأنه كان ينوى قتل الإرهابى!
لن أرد على هذا الفكر المتطرف لأن مكانه فى الواقع فى مزبلة التاريخ!.