السبت 21 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

رمانة الميزان..

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعليقا على إعلان المملكة العربية السعودية تشكيل تحالف عسكري إسلامى، يضم أربعا وثلاثين دولة «إسلامية» أكدت الخارجية المصرية دعمها لأى «جهد» يستهدف مواجهة الإرهاب والقضاء عليه، ويتضح من التعليق أن السعودية «وضعت» مصر في اللائحة دون اتفاق مسبق، وهو ما حدث مع دول أخرى «فوجئت» بوضعها في اللائحة دون تشاور مسبق معها، ومن تلك الدول لبنان التي أبدت «اندهاشها» مما حدث، خصوصا أن إمكانيات جيشها متواضعة قياسا بدول أخرى لها ثقلها المادى والبشرى، في نفس الوقت أعربت وزارة الخارجية الباكستانية عن دهشتها أيضا من ورود اسم باكستان ضمن التحالف العسكري الإسلامى، وقال وزير الخارجية الباكستانى إنه مندهش من الأخبار الواردة حول ضم بلاده إلى قائمة الدول المشاركة في التحالف الذي أعلنته السعودية، دون علم إسلام آباد، وأشار وزير الخارجية إلى أنه كلف السفير الباكستانى في الرياض للحصول على توضيح من السعودية حول هذا الشأن، علما بأن سياسة الحكومة الباكستانية تعارض نشر قوات البلاد خارج حدودها، باستثناء تلك القوات المنضوية تحت علم بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
وقال المتحدث باسم الخارجية التركية، صباح الأربعاء الماضى إن تركيا ليس لديها خطط لإنشاء قوة عسكرية في إطار التحالف الذي تقوده السعودية لمكافحة الإرهاب، وأفادت تقارير إخبارية أن إندونيسيا رفضت تقديم دعم عسكري للتحالف المناهض للإرهاب الذي شكلته السعودية.
هذا الرفض المتعدد يعنى أن السعودية تصرفت من «رأسها» دون أن تستشير أحدا من حلفائها «المنتظرين»، وأنها وضعت العربة أمام الحصان، على عكس السائد والمعروف من إجراء مشاورات واجتماعات عدة لعرض «أهداف» التحالف على الدول المرشحة، والتي من حقها ساعتئذ أن ترفض أو أن تقبل ما يعرض عليها، أما أن يُفرض عليها ذلك، فهذا دليل دامغ على أن السياسة الخارجية السعودية عرجاء وغير واقعية، وتعيش في عالم خيالى يشبه عالم «ديزنى» الذي يمكنك فيه فعل ما تشاء. لكن وزير الخارجية السعودى رفض التعليق على الدول «المندهشة»، واستبق الجميع بالقول إنه توجد مناقشات بين دول تشارك حاليا في التحالف (مثل) السعودية والإمارات وقطر والبحرين بخصوص إرسال بعض القوات الخاصة إلى سوريا، وأكد أن هذه المناقشات لا تزال مستمرة، وأن هذا «الأمر» ليس مستبعدا، ما يعنى أن الهدف الأساسى من كل هذه «الهوجة» هو تنفيذ التهديد الذي لوح به الوزير السعودى برحيل الأسد، إما بالمباحثات وإما بالتدخل العسكري المباشر، ويعنى كذلك أن الحرب الضروس التي تدمر سوريا على يد عشرات الآلاف من المرتزقة القادمين من كل حدب وصوب بتمويل قطرى تركى سعودى بهدف إزالة نظام الأسد قبل كل شيء، ولما طال الأمد، وابتعد الهدف، وهو سقوط النظام السورى وتدخل روسيا التي قلبت المائدة في وجوه جميع المتآمرين، جاء «الاختراع» السعودى الجديد بإيعاز أمريكى لا شك فيه، ليوقف تدمير الروس للجماعات الإرهابية التي منها جبهة النصرة المحسوبة على قطر والسعودية، وبالتالى الدفاع عن تلك «الجبهة».
ولكن.. ماذا تفعل مصر في هذا التحالف المشبوه، خصوصا أنها تصطف مع الدولة السورية ويهمها إيقاف الحرب المجنونة التي أحرقت - وما زالت - الأخضر واليابس في بلاد الشام؟ وهل تدفع مصر «ضريبة» التحالف بإرسال جزء من قواتها المسلحة المشغولة أصلا وقبل جميع الدول المشاركة في التحالف، بمحاربة الإرهاب على أراضيها؟ وكيف تشارك دولا «كارهة» لها وتبنى سياساتها على العداء الصريح لمصر بل وتمول الإرهاب المشتعل على أراضيها مثل تركيا وقطر؟
وهل ما أصدره الملك سلمان بن عبدالعزيز، الثلاثاء الماضى، من توجيهات بزيادة استثمارات السعودية في مصر بمبلغ ٣٠ مليار ريـال إضافي بعد إعلان التحالف، والإسهام في توفير احتياجات مصر من البترول لمدة ٥ سنوات، إضافة إلى دعم حركة النقل في قناة السويس من قبل السفن السعودية، يمثل «شراء» لموافقة مصر على المشاركة «غير البريئة» التي تعنى انجرارا وراء الموقف السعودى الذي يقع التحالف تحت قيادته المباشرة، أي أن رمانة الميزان أصبحت تمشى تحت إبط الآخرين؟ لا نعتقد أن ذلك قد يمر بسهولة على القيادة المصرية الممثلة في المشير السيسى رئيس الدولة، والمعروف عنه براعته في «تقدير المواقف» التي اكتسبها من عمله السابق في المخابرات الحربية، فمصر الكبيرة في كل شيء، ما زالت أكبر من الجميع إقليميا ولا تزال رمانة الميزان الحقيقية في هذا الجزء المهم من العالم، ولن تقبل بدور التابع لدول زرعت الإرهاب ومولته ولا تزال مستمرة في نهجها التدميرى المنظم وتبعيتها المطلقة للولايات المتحدة الأمريكية التي تريد إكمال نظريتها السياسية التي تسير على نهجها منذ هجمات سبتمبر ٢٠٠١ على نيويورك، بنشر الفوضى في المنطقة وتدمير النظم العربية «الممانعة» مثل سوريا، وإخراجها ومعها العراق من معادلة الصراع العربى الإسرائيلى، ودفن قضية فلسطين إلى الأبد، وهو الهدف النهائى لكل ما يحدث على الساحة العربية منذ سنوات. لكن الطامة الكبرى قد تقع فجأة، وتتمثل في حرب مذهبية بشعة، فالتحالف السعودى بكل دوله، هو تحالف سُنى، وقد يوجه عن عمد نحو إشعال حرب مع الجانب الشيعى الذي تمثله إيران التي تمثل «عفريت العلبة» للنظام السعودى الذي يعد أوراق «لخبطة» المنطقة، ولا يعرف بأن مثل هذه الحرب البشعة لو اشتعلت ستكون خطرا داهما على الجميع، وأولهم المملكة السعودية ذاتها!!!