تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
من حق الإدارة المصرية الجديدة، أن تنتقى المجموعة التى تقربها منها، ليس لدى أدنى اعتراض على ذلك، فلديها رؤيتها الخاصة، ولديها مشروعها الذى سيأتى يوم يحاسبها فيه الشعب على ما قدمت، ولأن التاريخ لا يقاس بتفاصيله بل بنتائجه، فإننى لست مشغولًا بخطة تجهيز نخبة إعلامية جديدة، ولكن عينى- بشكل أساسي- على النتيجة المتوقعة من هذه الخطة.
لقد تابعت مبكرًا جدًا محاولة عملية الإحلال التى يقوم بها النظام للنخبة الإعلامية، كان هناك قرار واضح بإبعاد الوجوه القديمة عن حمى الرئيس، واستبدالها بوجوه شابة بكر لم تتلوث بعد، لا تجارب سابقة لها، ولا حسابات ولا مصالح، شباب يراهن بهم السيسى على توصيل رسالة واضحة أنه ينحاز للشباب ويرحب بهم.
تم إعداد المجموعة التى أصبحت تعرف بشباب الإعلاميين من خلال جلسات ولقاءات خاصة فى أماكن بعينها، وتم إفساح الطريق لهم ليجلسوا مع الرئيس، ويرافقوه فى جولاته الخارجية، ويتواجدوا بشكل واضح فى زياراته الداخلية، وكان بعضهم مثالًا للشباب الناضج الطموح الذى يدرك قيمة الفرصة التى أتيحت له، لكن التجربة فى مجملها لم تكن موفقة.
ما يدعوني للكتابة الآن ما حدث فى زيارة الرئيس أمس الأول بالفيوم، كان معه مجموعة من قدامى الصحفيين على رأسهم ياسر رزق، رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم، ومحمد عبد الهادي علام، رئيس تحرير الأهرام، وفهمي عنبة، رئيس تحرير الجمهورية، وعماد الدين حسين، رئيس تحرير الشروق، ومحررو الرئاسة، وعدد من الصحفيين الشباب، ثم مجموعة شباب الإعلاميين.
كانت اللياقة تقتضى أن يتحدث الرئيس مع مجموعة الإعلاميين جميعا، لكن ما حدث فعلًا أنه تم استدعاء شباب الإعلاميين ليجلسوا مع الرئيس فى جلسة خاصة ومغلقة استمرت تقريبًا ٢٠ دقيقة، خرجوا بعدها ليتحولوا إلى مصدر للصحف، فلديهم ما قاله السيسى، وكان مطلوبًا من الإعلاميين الآخرين- الذين هم أكبر سنًا وخبرة- أن يحصلوا من الشباب على تصريحات الرئيس.
يعرف من تواجد فى الزيارة أن حالة استياء ضخمة سيطرت على الموقف، وأبدى البعض غضبهم مما حدث، لأنه بالفعل لا يليق ولا يصح، تحدث البعض بصراحة، وتحفظ البعض على ما حدث، وكتم البعض غيظه، وأعلن البعض أنه لن ينشر ما قاله شباب الإعلاميين، فى رد واضح وصريح على سوء المعاملة وسوء التقدير أيضًا.
عن نفسى أؤيد أن تكون هناك نخبة جديدة، على الأقل من باب ضخ الدماء الجديدة فى شرايين نظام لا يريد أن يتيبس، لكن ما يحدث بالفعل ليس إلا عملية حرق لشباب الإعلاميين، الذين بدا أن هناك من داخل النظام من يخطط لصنع طبقة مميزة منهم، يحصلون على امتيازات هائلة.
لقد أكد الرئيس لشباب الإعلاميين أنه لا توجد لديه شلة، ولا أدرى ماذا قالوا له، حتى يكون هذا رده، لكنهم فى الغالب تحدثوا عن بعض الإعلاميين الذين يحسبهم الناس على الرئيس وهو منهم بريء تمامًا، لكن دون أن يدرى الرئيس فهو يقوم بتكوين شلة جديدة حوله، وللأسف الشديد هى شلة غير ناضجة وغير واعية بما يكفى، ولذلك المشاكل التى ستحاصره بسببهم ستكون كثيرة، خاصة أن أداء بعضهم مستفز، يحاولون تصدير أنفسهم إلى مقدمة الصورة عنوة، ودون لياقة فى التعامل مع بقية الإعلاميين.
وهو ما يجعلني أتحدث بصراحة مطلقة عن نتيجة ما يحدث، فنحن أمام عملية حرق واضحة وصريحة للمجموعة التى قرر مسئولون فى النظام أن يصنعهم على عينه ويقربهم منه.
يحتاج السيسى إعادة نظر مرة أخرى فى علاقته بالعالم، يحتاج أن يجيب بنفسه ودون وسطاء عما يحتاجه من الإعلام، ساعتها فقط يمكنه أن يعرف من يقرب ومن يبعد، فلا أحد يستطيع أن يصنع إعلاميًا حتى لو وفر له كل الدعم والتأييد، ولا أحد يستطيع أن يبعد إعلاميًا له تجربة وتاريخ.. وليس على السيسى إلا أن يقرأ التاريخ جيدًا على الأقل حتى لا تتكرر أخطاؤه على يديه.