الإثنين 27 يناير 2025
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

رغم أنها توفر 70% من الإنتاج في مصر.. عمال مصانع الطوب في الصف وعرب أبوساعد: لا نجد ما يحمينا من مخاطر المهنة.. ونطالب المسئولين بالتدخل لحل مشاكلنا المتوارثة عبر الأجيال

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

مفاجآت كثيرة رصدتها "البوابة نيوز" عن صناعة الطوب وخاصة في منطقة الصف وعرب أبوساعد بمحافظة الجيزة التي يتركز بها صناعة الطوب الطفلي ليس على مستوى العمال فحسب وإنما على مستوى إهمال الدولة لتلك المصانع التي تعد أساسا من الصناعات المهمة للتشييد والبناء وهو الأمر الذي يعتبر لغزا كبيرا.

أحوال العاملين.. فقر وتهميش وتعرض للإصابات والوفاة وتدني مستوى المعيشة وحياة غير كريمة هذا هو حال عمال مصانع الطوب بالصف وبمنطقة عرب أبوساعد بمحافظة الجيزة.. السطور التالية محاولة لإيصال صوتهم إلى المسئولين.

يقول خالد لطفى، أحد ضحايا مصنع الطوب بمنطقة الصف، انه كان يعمل بصورة يومية داخل مصنع من المصانع داخل مركز الصف إلا أنه في إحدى المرات تعرض أثناء عمله في مصنع الطوب للمخرطة داخل المصنع والتي عادة ما ينتج عنها ضحايا على حد علمه بسبب عدم وجود معايير الأمان في العمل بها وهو الأمر الذي أسفر عنه بتر ساقه وقال انه رغم أنه كان يؤدي عمله بتفان إلا أنه لم يسأل عنه أحد ولم يحصل حتى على تعويض مادي جراء ما حدث له نظرا لنظام العمل الذي يجعل الفرد يعمل وهو غير معين وبدون حقوق أو تأمين على حياته.

في حين أكد عبدالله عبدالحى، ميكانيكي، أنهم لا يجدون مقابلا ماديا أو معنويا مجزيا أو حتى عادلا، كما لا توجد أي خدمات أو معايير تأمين لهم، قائلا "حقوقنا ضائعة من أجور وخدمات صحية وتأمينات" لافتا إلى أن المصانع بعيدة عن المناطق السكنية التي يعيشون بها، كما أنه لا يوجد مستشفيات أو سيارات إسعاف بالجبل وعندما يصاب أحد لا يستطيعون إسعافه بسرعة لكي يتم علاجه فيترك لمصيره إما أن يعيش بعاهة أو يموت حسب طبيعة عمله.

ولفت عبدالحي إلى أن فترات العمل تزداد عن 11 ساعة يوميا بأجور لا يأخذونها أسبوعيا وتتفاوت على حسب كمية الإنتاج وكمية ما يحمله كل فرد من طوب إلى السيارات النقل.

محمد أبوهيب، عامل آخر، يؤكد أن عملهم يتمثل في نقل الطوب من الفرن إلى سيارات النقل حيث يأخذون أرباحهم بناءً على كمية ما يحملونه من طوب وهو الأمر الذي قد يعرضهم للخطر في بعض الأحيان لاسيما أن العمل في تلك المصانع أمر خطير وخصوصا حين يتم الحصول على الطوب من الأفران فهي تدار بصورة يدوية وهو ما يؤدي في حالات كثيرة إلى التسبب في وفاة البعض حرقا بها، مؤكدا على أنه لا بد من التأمين أو على الأقل إنشاء صندوق لتعويض مصابى المصانع الذين يقدرون بعشرات الحالات التي لا يسأل عنها أحد وكذلك مساعدة كبار السن منهم وهو ما يجب أن تشرف عليه لجنة الرقابة على المصانع مشددا على ضرورة إجبار جميع اصحاب المصانع في الاشتراك في هذا الصندوق ولا مانع من اشتراك العمال انفسهم فيه ويتم إيداع أموال الصندوق في بنك تحت حساب صندوق تضامن مصانع الطوب.

وشدد أبوهيب على أن ذلك اقل شىء يجب أن يؤخذ في الاعتبار لاسيما أن العمال في المصانع معرضون يوميا للحوادث والاصابات كبتر ذراع أو رجل أو سقوطه بالخلاط وفرمه ووفاته على الفور قائلا: نحن لا نطلب المستحيل فقط نطلب وحدة صحية داخل المنطقة الصناعية لإسعاف المصابين.

ويذكر هاني خالد، عامل، أنه لا يوجد داخل مصنع الطوب الذي يعمل به أو بمحيط المنطقة أي مظاهر تدل على معاملتهم معاملة آدمية حيث يضطرون لشرب المياه من براميل محملة بالمياه فوق سيارات نصف نقل.


وحول دور الدولة في تلك المصانع، أكد المهندس على سنجر، نائب رئيس جمعية الطوب الطفلى، نائب رئيس رابطة اصحاب مصانع الطوب بعرب أبوساعد، أن منطقة مثل عرب أبوساعد، بالجيزة عبارة عن 5000 فدان نشأت بقرار من محافظ الجيزة عبدالحميد حسن عام 1986 بغرض وقف تجريف الاراضي الزراعية بالمصانع الموجودة على ضفاف النيل وبدأت المصانع تنتقل إلى عرب أبوساعد بغرض إنشاء منطقة صناعية لصناعة الطوب الطفلي ولكن الدولة تنازلت عن دورها في صناعة الطوب الطفلي وفي التكفل بإنشاء البنية التحتية لتلك المصانع فأقيمت منطقة صناعية عشوائية وتكفل اصحاب المصانع بإنشاء البنية التحتية من محاجر وكهرباء وصرف ووصل عددها لـ650 مصنعا تنتج 70% من إنتاج الطوب الطفلي على مستوى الجمهورية.

وأشار إلى أنه بعد ذلك بدأ 50 مصنعا من المصانع تعمل بالغاز الطبيعي منذ عام 2004 بعد توقيع المنحة الكندية ثم بعد ذلك جاءت فكرة أخرى من أصحاب المصانع بالتعاون مع وزارة البيئة وبمنحة من البنك الأهلي والبنك الدولي باستكمال باقي المصانع بالغاز الطبيعي وبحلول عام 2011 كان 281 مصنعا تعمل بالغاز الطبيعي.

وأضاف سنجر أنه بدأت الأزمة تظهر في عام 2012 و2013 حيث قللت الدولة ضح الغاز الطبيعي داخل المصانع بنسبة تتراوح من 30 إلى 40% من الإنتاج، بعد أن كان اعتماد المصانع الكلي يعتمد على الغاز الطبيعي لعمل تلك المصانع، لافتا إلى أنه بدأ التردي في عمل المصانع وفي إنتاجها الذي يتناقص لعدم توافر الوقود حيث لم يتوفر الغاز الطبيعي ولا المازوت من وزارة البترول والشرقة القابضة للغازات حيث احتار اصحاب المصانع بينهم.. مشيرا إلى أن عددا كبيرا من المصانع قام بتسديد فواتير الغاز والتي تصل في الشهر الواحد لـ300 ألف جنيه مع الانتظام في تسديد ما لم تسدده تلك المصانع من ديون بعد تراكم تلك الديون بعد ثورة يناير بسبب عدم التسديد لفترة زمنية طويلة.

وأضاف سنجر أنه إلى وقتنا الحالي والعمل داخل مصانع الطوب في حالة تردي داخل السوق المصرية للعديد من العوامل التي أنهكت وما زالت تنهك الصناعة من صراعات بين المديونيات وصراعات مع شركات الغاز وتردي السوق ومشاكل المنطقة الأخرى، الأمر الذي هدد المصانع بالغلق وبالفعل تناقص عددها من 350 مصنعا أساسيا بها لتصبح نحو 280 مصنعا قابلة للتناقص كذلك، في الوقت الذي تعد صناعة الطوب من الصناعات كثيفة العمالة التي تحتاج إلى عمالة كبيرة، مشيرا إلى أن تلك الأوضاع ساهمت في تهديد نحو 45 ألف عامل يعملون تحت مظلة تلك المصانع إضافة إلى نحو 45 ألف عامل أيضا من ورش وسائقين وغيرهم، وهو ما أسفر عن تكبد خسائر للمهنة وللعمل بالمليارات من الجنيهات علاوة عن حالة التردي التي تعاني منها العمالة داخل تلك المصانع التي من المفترض أنها تمد مصر بـ70% من الإنتاج للطوب الطفلي ويعمل حاليا 50: 60% من المصانع فقط تقريبا في حين أن باقي النسبة من المصانع لا تعمل وانخفضت نسبة العمالة للنصف.


وعن أحوال العمال أكد سنجر أن المنطقة تعتمد في المقام الأول على العمالة الريفية من داخل المحافظات المختلفة بقنا والأقصر وسوهاج وغيرها من المحافظات وهي عمالة مقيمة تستمر في العمل لمدة أسبوع مثلا وتعود إلى بلادها، مشيرا إلى أنه لا يوجد ما يكفل حمايتهم من مخاطر المهنة التي تنتشر بسبب أن تلك المصانع أغلبها يدار يدويا للحصول على الإنتاج في حين أن هناك مصنعين أو ثلاثة فقط حديثة، مؤكدا أن إنتاج المصنع الحديث يصل إلى أضعاف مضاعفة من حجم الإنتاج للمصانع اليدوية كما أن أنظمة الأمان ومعايير السلامة المهنية لم تتطور داخل تلك المصانع منذ 400 عام إلى وقتنا الحالي.

ومن جانبه قال رضا عبداللطيف، رئيس النقابة المستقلة للعاملين بمصانع الطوب والحرفيين بالجيزة، إن هناك عددا من المصانع يصل إلى 1200 مصنع للطوب في الجيزة منها نحو 1000 مصنع في مركز الصف إضافة إلى البدرشين والعياط؛ لافتا إلى أن عدد العاملين بمصانع الطوب بمركزي الصف وأطفيح يصل إلى نحو 150 ألف عامل داخل كل تلك المصانع بما يعادل 150 إلى 160 عاملا في المصنع الواحد وينتج من كل مصنع ما يقرب من 150 ألف طوبة يوميا للسوق المحلية.

ولفت عبداللطيف إلى أنه يعمل مختلف الفئات العمرية من أطفال وحتى كبار السن، لافتا إلى عدم وجود أي معايير تكفل حمايتهم من مخاطر المهنة المتعددة التي يتعرضون لها من الحرق بسبب عملهم على المخرطة أو الموت بواسطتها أو عبر المحارق التي يسقط بها العمال والتي تم رصد الكثير من الحالات التي تعرض لها الكثير من العمال، وهو الأمر الذي يثير استياءه واستياء العاملين بمصانع الطوب من المسئولين بمحافظة الجيزة في الوقت الذي لا يسمع أحد عن العمال وعن المخاطر التي تحيط بهم.