قبل أكثر من قرن من الزمان كان أول مجلس نيابى بمصر فى عهد الخديو إسماعيل خامس حاكم لمصر من أسرة محمد على، وكان المجلس النيابى آنذاك يقدم مقترحات غير ملزمة للحاكم وكان يسمى بـ«مجلس شورى النواب».
كان يضم المجلس ٥٨ عضوا من العمد والمشايخ، فيما يعتبر مجلسا للأعيان وتباينت الآراء حول رغبة إسماعيل فى استحداث هذا المجلس، فالبعض يرى أنه كان يريد أن يظهر بمظهر الحاكم الدستورى فى حين رأى آخرون أنه كان يريد أن يحكم قبضتة على كبار الملاك والأعيان وإشراكهم فى الحكم وفى نفس الوقت إغلاق باب المعارضة الصادرة من بعض الصحف الوطنية.
ونرجح النظرة الرأسمالية للخديو إسماعيل فى إشراك طبقة الأعيان فى الحكم نظرا للامتيازات التى حصل عليها هؤلاء والتى أصبحت على أثرها الأراضى الزراعية بمصر مملوكة لحائزيها ملكية فردية تامة.
ونصت لائحة تأسيس المجلس على اقتصار حق الانتخاب على طبقة أصحاب الأراضى الزراعية لذا جاء المجلس بعيدا عن التمثيل الحقيقى للشعب الذى كان يضم أصحاب المهن الحرة والتجار والمثقفين واقتصر فقط على الأعيان.
وحيث جاءت قرارات المجلس غير ملزمة للحاكم واستشارية فقط فقد عمل النواب على الدفاع عن مصالحهم وسعوا للاهتمام بمناقشة أوضاع مجتماعتهم الريفية والسعى لتخفيف الضرائب العقارية!!
وفى عام ١٨٧٦ ظهرت بوادر أول حركة معارضة فى المجلس وذلك لازدهار الحركة الفكرية وظهور بعض مفكرى الإصلاح وعلى رأسهم جمال الدين الأفغاني.
وكان موقف النائب عثمان الهرميل الذى طالب فيه أن يطلع المجلس على خطة الحكومة وأرقامها الخاصة بالديون خروجا هو الأول من نوعه على سياسات إسماعيل ومع تصاعد نبرات المعارضة داخل المجلس وفى ١٧ مارس من نفس العام أنهى الخديو إسماعيل أعمال المجلس!!
تطور الأمر فيما بعد لتحل الجمعية العمومية مجلس شورى النواب، وكما كانت قرارات المجلس غير ملزمة لإسماعيل فكذا كانت قرارات الجمعية العمومية ومجلس شورى القوانين غير ملزمة أيضا للخديو ومجلس النظار.
ولعل أبرز ما ناقشته الجمعية العمومية عام ١٩١٠ مشروع مد امتياز قناة السويس لأربعين عاما مقابل ٤ ملايين جنيه فى عهد الخديو عباس حلمى الثانى وطالب النواب آنذاك حكومة بطرس غالى أن يأتى رأى الحكومة واضحا فيما يخص اعتبار رأى الجمعية العمومية ملزما أم استشاريا ولكن حكومة غالى لم ترد ردا واضحا بهذا الشأن رغم خطورة الأمر وضغط الرأى العام لسرعة تقرير نواب الأمة مصير مشروع مد امتياز قناة السويس،
وظل الأمر مرتبكا حتى مجىء حكومة محمد سعيد باشا عقب اغتيال بطرس غالى، والتى قررت أن يكون رأى الجمعية فى مشروع مد امتياز القناة قطعيا وملزما، والذى تم رفضه بالأغلبية المطلقة.
أما عن الحياة النيابية بعد إقرار دستور ١٩٣٢ فحدث ولا حرج فقد واجهت المعارضة النيابية عدة معوقات بداية من حشد الملك لأحزاب موالية للقصر مرورا بالاحتلال الإنجليزى الذى كان يتدخل فى الحياة السياسية لحساب مصالحه، وأخيرا السلطات الواسعة التى تم منحها للأجهزة الأمنية التى تولت حماية الأنظمة فى تلك الفترة ولا سيما سياسة التفويض المطلق التى أعطت لرئيس الحكومة الحق فى فرض الأحكام العرفية بما يراه مناسبا للمصلحة العامة، كل هذا أدى إلى منع بعض النواب المعارضين من تقديم استجوابات بشأن الاعتقالات العشوائية التى قامت بها حكومة ٤ فبراير الوفدية وحتى فى السياسة الخارجية حينما أراد النائب الصوفانى مناقشة ما حققته معاهدة ١٩٣٦ التى أبرمتها حكومة الوفد مع الإنجليز منعه مصطفى باشا النحاس رئيس الحكومة آنذاك من الكلام بدعوى أن المعاهدة نافذة بقوة القانون!
ولم تكن حكومة صدقى باشا بأفضل حال مما قبلها فقد أصدرت فى غياب البرلمان مشروع قانون مكافحة الشيوعية، وكان ذلك مخالفا للدستور الذى نص على عدم جواز إصدار قوانين فيما بين أدوار انعقاد المجالس النيابية، والذى قامت على إثره حكومة صدقى باشا بحملة اعتقالات واسعة بحجة مكافحة الشيوعية لتبرير الاعتقالات!!
وحتى ثورة ١٩٥٢ لم يقم البرلمان مرة بإسقاط حكومة من خلال سحب الثقة، بل كان الوزراء هم من يقومون بمحاسبة النواب وكان بعض النواب يهبون ثقتهم للحكومات المتعاقبة فهل تغير الوضع عقب ثورة يوليو ١٩٥٢.. للحديث بقية.
كان يضم المجلس ٥٨ عضوا من العمد والمشايخ، فيما يعتبر مجلسا للأعيان وتباينت الآراء حول رغبة إسماعيل فى استحداث هذا المجلس، فالبعض يرى أنه كان يريد أن يظهر بمظهر الحاكم الدستورى فى حين رأى آخرون أنه كان يريد أن يحكم قبضتة على كبار الملاك والأعيان وإشراكهم فى الحكم وفى نفس الوقت إغلاق باب المعارضة الصادرة من بعض الصحف الوطنية.
ونرجح النظرة الرأسمالية للخديو إسماعيل فى إشراك طبقة الأعيان فى الحكم نظرا للامتيازات التى حصل عليها هؤلاء والتى أصبحت على أثرها الأراضى الزراعية بمصر مملوكة لحائزيها ملكية فردية تامة.
ونصت لائحة تأسيس المجلس على اقتصار حق الانتخاب على طبقة أصحاب الأراضى الزراعية لذا جاء المجلس بعيدا عن التمثيل الحقيقى للشعب الذى كان يضم أصحاب المهن الحرة والتجار والمثقفين واقتصر فقط على الأعيان.
وحيث جاءت قرارات المجلس غير ملزمة للحاكم واستشارية فقط فقد عمل النواب على الدفاع عن مصالحهم وسعوا للاهتمام بمناقشة أوضاع مجتماعتهم الريفية والسعى لتخفيف الضرائب العقارية!!
وفى عام ١٨٧٦ ظهرت بوادر أول حركة معارضة فى المجلس وذلك لازدهار الحركة الفكرية وظهور بعض مفكرى الإصلاح وعلى رأسهم جمال الدين الأفغاني.
وكان موقف النائب عثمان الهرميل الذى طالب فيه أن يطلع المجلس على خطة الحكومة وأرقامها الخاصة بالديون خروجا هو الأول من نوعه على سياسات إسماعيل ومع تصاعد نبرات المعارضة داخل المجلس وفى ١٧ مارس من نفس العام أنهى الخديو إسماعيل أعمال المجلس!!
تطور الأمر فيما بعد لتحل الجمعية العمومية مجلس شورى النواب، وكما كانت قرارات المجلس غير ملزمة لإسماعيل فكذا كانت قرارات الجمعية العمومية ومجلس شورى القوانين غير ملزمة أيضا للخديو ومجلس النظار.
ولعل أبرز ما ناقشته الجمعية العمومية عام ١٩١٠ مشروع مد امتياز قناة السويس لأربعين عاما مقابل ٤ ملايين جنيه فى عهد الخديو عباس حلمى الثانى وطالب النواب آنذاك حكومة بطرس غالى أن يأتى رأى الحكومة واضحا فيما يخص اعتبار رأى الجمعية العمومية ملزما أم استشاريا ولكن حكومة غالى لم ترد ردا واضحا بهذا الشأن رغم خطورة الأمر وضغط الرأى العام لسرعة تقرير نواب الأمة مصير مشروع مد امتياز قناة السويس،
وظل الأمر مرتبكا حتى مجىء حكومة محمد سعيد باشا عقب اغتيال بطرس غالى، والتى قررت أن يكون رأى الجمعية فى مشروع مد امتياز القناة قطعيا وملزما، والذى تم رفضه بالأغلبية المطلقة.
أما عن الحياة النيابية بعد إقرار دستور ١٩٣٢ فحدث ولا حرج فقد واجهت المعارضة النيابية عدة معوقات بداية من حشد الملك لأحزاب موالية للقصر مرورا بالاحتلال الإنجليزى الذى كان يتدخل فى الحياة السياسية لحساب مصالحه، وأخيرا السلطات الواسعة التى تم منحها للأجهزة الأمنية التى تولت حماية الأنظمة فى تلك الفترة ولا سيما سياسة التفويض المطلق التى أعطت لرئيس الحكومة الحق فى فرض الأحكام العرفية بما يراه مناسبا للمصلحة العامة، كل هذا أدى إلى منع بعض النواب المعارضين من تقديم استجوابات بشأن الاعتقالات العشوائية التى قامت بها حكومة ٤ فبراير الوفدية وحتى فى السياسة الخارجية حينما أراد النائب الصوفانى مناقشة ما حققته معاهدة ١٩٣٦ التى أبرمتها حكومة الوفد مع الإنجليز منعه مصطفى باشا النحاس رئيس الحكومة آنذاك من الكلام بدعوى أن المعاهدة نافذة بقوة القانون!
ولم تكن حكومة صدقى باشا بأفضل حال مما قبلها فقد أصدرت فى غياب البرلمان مشروع قانون مكافحة الشيوعية، وكان ذلك مخالفا للدستور الذى نص على عدم جواز إصدار قوانين فيما بين أدوار انعقاد المجالس النيابية، والذى قامت على إثره حكومة صدقى باشا بحملة اعتقالات واسعة بحجة مكافحة الشيوعية لتبرير الاعتقالات!!
وحتى ثورة ١٩٥٢ لم يقم البرلمان مرة بإسقاط حكومة من خلال سحب الثقة، بل كان الوزراء هم من يقومون بمحاسبة النواب وكان بعض النواب يهبون ثقتهم للحكومات المتعاقبة فهل تغير الوضع عقب ثورة يوليو ١٩٥٢.. للحديث بقية.