تمر علينا الأيام ويزداد شعورنا أكثر وأكثر بمشاكلنا، سواء كانت مشاكل مادية أو مشاكل اجتماعية، وطبعا مشاكلنا الثقافية التى تعتبر أصل كل مشاكلنا من وجهة نظرى.
لا نستطيع إن نغفل كثيرا من القنوات الإعلامية التى تصدر كثيرا من المشاكل إلى المواطن الذى يترجم كل تلك القضايا على أنها حمل ثقيل على أكتافه.
هناك مبدأ مهم جدا لا بد من أن نتعامل على أساسه، أن النظر كثيرا للمشاكل لا يوفر الحلول، فإذا توقفنا عن دراسة المشكلة وطرحنا الحلول للمناقشة وبذلنا كل الجهود التى تبذل والأموال التى تنفق، والساعات التى تضيع والمخاوف التى تبنى فى التفكير ودراسة الحلول والبدائل، لاستطعنا أن نبنى ونعمر ونحل ونوقف كل الإحباط الذى يبث فقط من أجل شهرة ونسبة مشاهدة.
ليست فقط القنوات الإعلامية التى تتبنى عرض المشكلات فقط، فقد انتقل هذا الداء للمواطن والموظف والأب رب الأسرة، فنجد أنها أصبحت ثقافة الفرد، فإذا تأملنا فى الأحاديث المتبادلة بين موظفين أو صديقين أو مجموعة شباب على مقهى، أو بين أب وأولاده سنجد ما هو مفجع لكل علماء علم النفس.
سنجد الإحباط فى الأحاديث، سنجد مرضا ينتقل من شخص لآخر عن طريق السمع، فيصيب كل من اشترك فى الحوار، وكل من استمع إليه مباشرة من أذنه إلى قلبه وعقله، لأنه وببساطة لا يتكلم أحد عن كيفية حل أى مشكلة وسنجدهم فقط يتكلمون عن أزماتهم التى صدرت لهم من الحياة والدولة والفساد، ولقلة حيلتهم وضعف ما بيدهم وأنهم دائما المجنى عليهم، وينتقل من هذا الحديث إلى مرارة ما سوف يعانيه الجيل القادم تحت ظروف الحياة الصعبة.
ولم نتكلم قط فى حلول تنجى كلاً منهم وأجيالهم القادمة من تلك المرارة، وبالتالى لن يسعى أحد فى أى طريق يؤدى إلى أى إشراقة.
ولعل تذكر قصة الحصان هام فى هذا السياق:
وقع حصان أحد المزارعين فى بئر مياه عميقة، ولكنها جافة، وأجهش الحيوان بالبكاء الشديد من الألم من أثر السقوط، واستمر هكذا لعدة ساعات كان المزارع خلالها يبحث الموقف، ويفكر كيف سيستعيد الحصان.
ولم يستغرق الأمر طويلاً كى يُقنع نفسه بأن الحصان قد أصبح عجوزًا، وأن تكلفة استخراجه تقترب من تكلفة شراء حصان آخر، هذا إلى جانب أن البئر جافة منذ زمن طويل، وتحتاج إلى ردمها بأى شكل. وهكذا، نادى المزارع جيرانه، وطلب منهم مساعدته فى ردم البئر، كى يحل مشكلتين فى آن واحد؛ التخلص من البئر الجافة ودفن الحصان. وبدأ الجميع بالمعاول والجواريف فى جمع الأتربة والنفايات وإلقائها فى البئر.
فى بادئ الأمر، أدرك الحصان حقيقة ما يجرى، حيث أخذ فى الصهيل بصوت عال يملؤه الألم، وطلب النجدة. وبعد قليل من الوقت اندهش الجميع لانقطاع صوت الحصان فجأة، وبعد عدد قليل من الجواريف، نظر المزارع إلى داخل البئر، وقد صعق لما رآه، فقد وجد الحصان مشغولاً بهز ظهره! كلما سقطت عليه الأتربة يرميها بدوره على الأرض، ويرتفع هو بمقدار خطوة واحدة لأعلى.
وهكذا استمر الحال، الكل يلقى الأوساخ إلى داخل البئر فتقع على ظهر الحصان، فيهز ظهره فتسقط على الأرض، حيث يرتفع خطوة بخطوة إلى أعلى. وبعد الفترة اللازمة لملء البئر، اقترب الحصان من سطح الأرض حيث قفز قفزة بسيطة، وصل بها إلى سطح الأرض بسلام.