قامت الدنيا ولم تقعد في فضيحة المذيعة ريهام سعيد مع فتاة المول، وتعالت الأصوات في الصياح، وأنا واحد منهم مطالبين السادة المسئولين عن فضائية النهار وقف برنامج طفح مجاري الإعلام وخريجة "بكابورتات" الجهل والإعلام والمتاجرة بالمرضى وبأعراض الناس.
ريهام.. التي كانت تمثل ظاهرة شاذة في الإعلام المصري بسبب الوجبات الفاسدة التي اعتادت على تقديمها للجماهير كل حين على فضائية النهار التي اتخذتها منبرًا لانتهاك أعراض البشر والاستخفاف بعقولهم.. ويبدو أن قدرنا بات مكتوبا عليه نفس النماذج ونفس الوجوه "الكلحة "بعد أن طفحت علينا بلاعة جديدة بقاذوراتها ورائحتها النتنة.
البلاعة الجديدة لا تتاجر بالمرضى فقط بل تتغذى وتنمو على فضائح وأعراض الناس بعد أن خرج إلينا المدعو أحمد موسى على شاشة فضاية صدى البلد لينشر صورا فادحة وفاضحة للمخرج خالد يوسف.. وأنا هنا لا أدافع عن خالد يوسف ولكن أدافع عن الرسالة الإعلامية "اللي اتعاصت في الوحل"، النموذج غير المشرف التي لخصها الزميل خالد صلاح رئيس تحرير اليوم السابع في حواره مع نائب الشعب خالد يوسف صاحب الصور التي لا أجزم أنها سليمة في جملة قصيرة صادمة لواقعنا الإعلامي المرير موجهة لأحمد موسى "يا أحمد عيب أنت بتعرنا كلنا".
المدعو أحمد موسى أرسى مبدأ جديدًا في الإعلام بعدما جرّس الضحية وإذاعة الصور الفاضحة راح ينفي التهم عنه في الوقت نفسه بتعليقه عليه قائلا: أنا لا أتهم خالد يوسف بل أطالبه بالخروج على الناس ليبين إن كانت حقيقية أم مفبركة، والقناة ضربت بمدونة السلوك المهني للأداء الإعلامي التي جاءت أهم بنودها الالتزام بالحقائق والامتناع عن اختراق الوقائع أو إطلاق أخبار مفبركة أو المصطنعة أو المضللة والاعتماد على مصادر فعلية وواضحة ومسئولة ومتخصصة، وتجنب تداول الشائعات والأخبار المجهلة: والبند الأهم: "الامتناع عن الممارسات التي يجرمها القانون وترفضها مواثيق الشرف وعلى رأسها السب والقذف وانتهاك خصوصية الأفراد وحرماتهم تحت أي ظرف من الظروف" عرض الحائط رغم إذاعتها قبل ساعات من إذاعة الصور الفاضحة.
وفي الواقع فإننا نجد أنفسنا أمام ظاهرة غاية في الخطورة بعد أن تحولت ساحات الفضائيات إلى "الردح" و"الشرشحة" بين مقدمي برنامج التوك شو أنفسهم وليس أدل على هذا مما حدث من ردود أفعال على فضائح ريهام سعيد وأحمد موسى على حد السواء، حيث عمد مقدمو تلك البرامج إلى تبادل السباب والشتائم ليصيبوا قرائهم بجرعة زائدة من القرف والاشمئزاز.
للأسف الشديد رغم أن ما أقدم عليه أحمد موسى لا يقره قانون أو دين أو أخلاق إلا أن إعلامنا تحول على يد هؤلاء من رسالة مقدسة إلى رسالة دنستها المتاجرة بالأمراض وانتهاك الحرمات وأكل لحوم البشر.
إننا لسنا من دعاة القمع والديكتاتورية أو تكميم الأفواه لكن في هذه الحالة فإن المنع أرحم كثيرا، فلا بد من توقف مثل هذه البرامج الفضائحية التي تنشر الفوضى والمهازل وتنحدر بالذوق العام للمشاهدين إلى أسفل سافلين.