خلال مواجهته الحامية مع قوى التأسلم الرافضة للتجديد فى الفكر الدينى فتح خليل عبدالكريم بابًا جديدًا، فإذا كان القرآن الكريم قد أخذ بنسخ آيات بآيات جديدة، وخاصة بعد هجرة الرسول إلى المدينة، أليس هذا بابا من أبواب التجديد الذى يعنى استبدال موقف بموقف؟ بل إن بعض الفقهاء، يرى أن سورة المزمل وهى مكية فيها نسخ، وأنها نسخت بعد ذلك بالصلاة لكن هذا نادر والنادر لا يعول عليه، إنما مدار النقاش فى التجديد النسخ الذى تم فى الحقبة المدنية.
ويقول خليل عبدالكريم «لقد أدركوا مؤخرا خطورة المغزى العميق لمسألة النسخ ومدى الحجة الدامغة التى تعطيها فنادوا برفض النسخ فى النصوص.
ففى أهرام الجمعة ١٤ جمادى الآخرة ١٤١٥- ١٨- نوفمبر ١٩٩٤ موضوع عن ندوة نظمها المعهد العالمى للفكر الإسلامى بالتعاون مع الجمعية العربية للتربية الإسلامية، وفيه إشارة إلى ما قاله أحد أعضاء هيئة التدريس بكلية الحقوق، مؤكدا أنه لا يوجد نسخ فى آيات القرآن الكريم.. وهى محاولة تكشف عن حجم التخبط الذى يقعون فيه، لأن النسخ أمر ثابت نص عليه القرآن، وقال به أعلام الأئمة بل صنفوا فيه أمهات الكتب نذكر منهم على سبيل المثال: «أحمد بن حنبل، وقتادة بن دعامة السدوسى وابن شهاب الزهرى إلخ» (ص١٣).
ويفتش خليل عبدالكريم فى أمهات الكتب ليجد ما يشبه الإجماع على وقوع النسخ وإن اختلف الفقهاء فى عدد حدوثه، ويقول «ويرى ابن حزم أن النسخ فى القرآن الكريم حدث فى ٢١٤ قضية وعند أبى جعفر النحاس فى ١٣٤ قضية وعند ابن سلامة ٢١٣ قضية وعند عبدالقاهر البغدادى فى ٦٦ قضية وعند ابن الجوزى فى ٢٤٧ قضية»، ثم يحيلنا إلى مرجع مهم حول النسخ فى القرآن وهو «الناسخ والمنسوخ» فى القرآن الكريم تأليف الإمام الأجل الحجة أبى جعفر النحاس - تحقيق أ. د. أحمد شعبان إسماعيل».
ويمضى خليل عبدالكريم «وهذا يعطى فكرة عن مدى ضخامة النسخ فى القرآن وحده، ومعلوم أن هناك نسخا فى الأحاديث النبوية، وعندما تقر النصوص نفسها مبدأ النسخ وتطبقه مئات المرات إبان عقد واحد من السنين أى فى العهد المدنى ويؤيده ويرسخه شيوخ الإسلام وحججه ويؤلفون فيه عشرات الكتب ويوردون الأدلة الدامغة حوله، فكيف يتسنى التمسك بحرفية النصوص لمدة أربعة عشر قرنا ودون التفات إلى أسباب ورودها والظروف المحيطة بها وكل الأنساق المعيشية التى كان عليها أول من تلقاها شفاهة»، ثم هو يتساءل «أليس من صالح النصوص ذاتها والمخاطبين بها البحث والتمحيص والتدقيق فى تلك الأمور جميعا، وذلك للنفاذ إلى المغزى المقصود من هذه النصوص، وتوظيفه وفق موجبات كل عصر، لأن هذا هو الجوهر واللب والعصارة».
ويواصل خليل عبدالكريم فى تدليله على صحة النسخ ليخوض فى معركة أخرى أشد ضراوة وهى موضوع الحجاب.
ويقول «إن هدف الحجاب كان التمييز بين النساء الحرائر وبين الجوارى أو العبدات، والإيضاح للذين فى قلوبهم مرض بوضع الحرائر فى مكانتهن الاجتماعية العالية فيكفوا عن التعرض لهن ومعاكستهن بالتعبير المعاصر، وهو ما عبرت عنه الآية «ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين».
ويواصل خليل عبدالكريم صيحته «وإذا كانت البشرية قد توصلت إلى إلغاء الرق فإن معنى ذلك أن النساء لم يعدن ينقسمن إلى طبقتين، كما لم يعد هناك إيذاء تتعرض له النساء مرده إلى وضعهن وملبسهن الطبقي».
ثم يقول «فإذا ثبت ذلك، وهو ثابت، استبان أن التمسك بما يعرف بالحجاب هو التفات إلى حرفية النصوص وغفلة عن مغزاها ومعناها ومقصدها والهدف الذى تبتغيه.
ونعود لنرى أن الذى أوضح لنا هذه الحجة هو معرفة السبب فى انبثاق نصوص ما يعرف بالحجاب وهو الواقع الاجتماعى السائد آنذاك والتمايز الطبقى بين الحرة والعبدة فجاء علاج المشكلة بتكريس ذلك التمايز فيكون لباس كل طبقة منهن بلباس معين علامة على وضعها الاجتماعى، فلا يقدم مرضى القلوب والفسقة على التعرض للنسوة الحرائر، فإذا انتفى هذا التمايز وأصبحت النسوة جميعا حرات وليس بينهن عبدات أصبح التمسك بالحجاب فهما مغلوطا للنصوص يتعين المسارعة إلى تصحيحه حرصا على النصوص ذاتها، لأن عافيتها لن تستمر إلا بمعرفة المغزى الذى جاءت به، وباستخدام هذا المغزى فى كل عصر وفق ظروف هذا العصر، أما التشبث بالحروف والألفاظ فهو يجمد النصوص ويظهرها بصورة الحفريات ومعروضات المتاحف» (ص١٥).
وهكذا نكتشف أننا وقد تكلمنا كثيرا عن ضرورات التجديد فى الفكر الدينى إلا أن تناول خليل عبدالكريم للأمر يأتى فريدا فى نوعه وجديدا فى ذاته وأكثر قدرة على إلزام خصوم التجديد الحائط.
ونواصل معه.
ويقول خليل عبدالكريم «لقد أدركوا مؤخرا خطورة المغزى العميق لمسألة النسخ ومدى الحجة الدامغة التى تعطيها فنادوا برفض النسخ فى النصوص.
ففى أهرام الجمعة ١٤ جمادى الآخرة ١٤١٥- ١٨- نوفمبر ١٩٩٤ موضوع عن ندوة نظمها المعهد العالمى للفكر الإسلامى بالتعاون مع الجمعية العربية للتربية الإسلامية، وفيه إشارة إلى ما قاله أحد أعضاء هيئة التدريس بكلية الحقوق، مؤكدا أنه لا يوجد نسخ فى آيات القرآن الكريم.. وهى محاولة تكشف عن حجم التخبط الذى يقعون فيه، لأن النسخ أمر ثابت نص عليه القرآن، وقال به أعلام الأئمة بل صنفوا فيه أمهات الكتب نذكر منهم على سبيل المثال: «أحمد بن حنبل، وقتادة بن دعامة السدوسى وابن شهاب الزهرى إلخ» (ص١٣).
ويفتش خليل عبدالكريم فى أمهات الكتب ليجد ما يشبه الإجماع على وقوع النسخ وإن اختلف الفقهاء فى عدد حدوثه، ويقول «ويرى ابن حزم أن النسخ فى القرآن الكريم حدث فى ٢١٤ قضية وعند أبى جعفر النحاس فى ١٣٤ قضية وعند ابن سلامة ٢١٣ قضية وعند عبدالقاهر البغدادى فى ٦٦ قضية وعند ابن الجوزى فى ٢٤٧ قضية»، ثم يحيلنا إلى مرجع مهم حول النسخ فى القرآن وهو «الناسخ والمنسوخ» فى القرآن الكريم تأليف الإمام الأجل الحجة أبى جعفر النحاس - تحقيق أ. د. أحمد شعبان إسماعيل».
ويمضى خليل عبدالكريم «وهذا يعطى فكرة عن مدى ضخامة النسخ فى القرآن وحده، ومعلوم أن هناك نسخا فى الأحاديث النبوية، وعندما تقر النصوص نفسها مبدأ النسخ وتطبقه مئات المرات إبان عقد واحد من السنين أى فى العهد المدنى ويؤيده ويرسخه شيوخ الإسلام وحججه ويؤلفون فيه عشرات الكتب ويوردون الأدلة الدامغة حوله، فكيف يتسنى التمسك بحرفية النصوص لمدة أربعة عشر قرنا ودون التفات إلى أسباب ورودها والظروف المحيطة بها وكل الأنساق المعيشية التى كان عليها أول من تلقاها شفاهة»، ثم هو يتساءل «أليس من صالح النصوص ذاتها والمخاطبين بها البحث والتمحيص والتدقيق فى تلك الأمور جميعا، وذلك للنفاذ إلى المغزى المقصود من هذه النصوص، وتوظيفه وفق موجبات كل عصر، لأن هذا هو الجوهر واللب والعصارة».
ويواصل خليل عبدالكريم فى تدليله على صحة النسخ ليخوض فى معركة أخرى أشد ضراوة وهى موضوع الحجاب.
ويقول «إن هدف الحجاب كان التمييز بين النساء الحرائر وبين الجوارى أو العبدات، والإيضاح للذين فى قلوبهم مرض بوضع الحرائر فى مكانتهن الاجتماعية العالية فيكفوا عن التعرض لهن ومعاكستهن بالتعبير المعاصر، وهو ما عبرت عنه الآية «ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين».
ويواصل خليل عبدالكريم صيحته «وإذا كانت البشرية قد توصلت إلى إلغاء الرق فإن معنى ذلك أن النساء لم يعدن ينقسمن إلى طبقتين، كما لم يعد هناك إيذاء تتعرض له النساء مرده إلى وضعهن وملبسهن الطبقي».
ثم يقول «فإذا ثبت ذلك، وهو ثابت، استبان أن التمسك بما يعرف بالحجاب هو التفات إلى حرفية النصوص وغفلة عن مغزاها ومعناها ومقصدها والهدف الذى تبتغيه.
ونعود لنرى أن الذى أوضح لنا هذه الحجة هو معرفة السبب فى انبثاق نصوص ما يعرف بالحجاب وهو الواقع الاجتماعى السائد آنذاك والتمايز الطبقى بين الحرة والعبدة فجاء علاج المشكلة بتكريس ذلك التمايز فيكون لباس كل طبقة منهن بلباس معين علامة على وضعها الاجتماعى، فلا يقدم مرضى القلوب والفسقة على التعرض للنسوة الحرائر، فإذا انتفى هذا التمايز وأصبحت النسوة جميعا حرات وليس بينهن عبدات أصبح التمسك بالحجاب فهما مغلوطا للنصوص يتعين المسارعة إلى تصحيحه حرصا على النصوص ذاتها، لأن عافيتها لن تستمر إلا بمعرفة المغزى الذى جاءت به، وباستخدام هذا المغزى فى كل عصر وفق ظروف هذا العصر، أما التشبث بالحروف والألفاظ فهو يجمد النصوص ويظهرها بصورة الحفريات ومعروضات المتاحف» (ص١٥).
وهكذا نكتشف أننا وقد تكلمنا كثيرا عن ضرورات التجديد فى الفكر الدينى إلا أن تناول خليل عبدالكريم للأمر يأتى فريدا فى نوعه وجديدا فى ذاته وأكثر قدرة على إلزام خصوم التجديد الحائط.
ونواصل معه.