الجمعة 25 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

مقاتلات مسيحيات على خطوط المواجهة ضد "داعش" في سوريا.. شكلن قوة لحماية أطفالهن من التنظيم الإرهابي.. والكتيبة تحمل اسم "قوات حماية نساء بيث نهرين".. وعشرات العسكريين الأمريكيين يدربونهن

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تركت بابيلونيا طفليها الصغيرين ليمار وغابريلا ومهنتها كمصففة شعر لتلتحق مع نساء أخريات بكتيبة مسيحية سريانية ينتشر عناصرها على عدد من خطوط القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية في محافظة الحسكة في شمال غرب سوريا.
وتقول هذه السيدة (36 عامًا) القوية البنية بلباسها العسكري المرقط لوكالة الصحافة الفرنسية "أشتاق لطفليّ ليمار (تسع سنوات) وغابرييلا (ست سنوات) وأفكر دائما أنّهما يعانيان من الجوع والعطش والبرد، لكنّني أشرح لهما أنني مقاتلة لأحمي مستقبلهما".
بابيلونيا هي واحدة من السيدات والفتيات السريانيات اللواتي التحقن بكتيبة نسائية تضمّ عشرات المقاتلات السريانيات، وتخرّجت الدفعة الأولى منهن في آب 2015 في مدينة القحطانية في محافظة الحسكة، حيث تقيم بابيلونيا منذ تسع سنوات.
وتحمل هذه الكتيبة اسم "قوات حماية نساء بيث نهرين"، وهي تسمية تاريخية باللغة السريانية تعني بلاد الرافدين، في إشارة إلى المناطق التي تتحدّر منها الأقلية السريانية حول نهري دجلة والفرات.
وتضيف بابيلونيا بنظرة ثاقبة وهي تحمل سلاحها "أنا مسيحية مؤمنة وتفكيري بطفليّ يزيدني قوة وتصميما على مواجهة داعش".
وقبل انضمامها إلى صفوف المقاتلات السريانيات، عملت بابيلونيا كمصففة شعر، لكنها قررت أن تصبح مقاتلة بتشجيع من زوجها المقاتل هو أيضا، وبهدف "تبديد فكرة أنّ المرأة السريانية تجيد الأعمال المنزلية والتبرج فقط"، على حدّ تعبيرها.
تركت لوسيا (18 عاما) العازبة والخجولة الأطباع دراستها لتنضمّ على غرار شقيقتها إلى صفوف المقاتلات السريانيات برغم اعتراض والدتها.
وتقول وهي تلف رأسها بوشاح عسكري، وحول عنقها قلادة تحمل صليبا خشبيا وأيقونة، "سلاحي هو الكلاشنيكوف ولديّ معرفة بسيطة في التقنيص".
وتضيف "شاركت في معركة بلدة الهول للمرة الأولى لكنّ نقطتي لم تتعرّض للهجوم من قبل عناصر تنظيم الدولة الإسلامية".
ويعدّ السريان إحدى جماعات الكنيسة المشرقية والتي تتكلّم وتصلي باللغة الأرامية. وغالبية السريان هم من الأرثوذكس أو اليعقوبيين فيما اقلية منهم من الكاثوليك الذين تبعوا روما في القرن الثامن عشر. ويتواجد السريان حاليا في لبنان والعراق وسوريا وحتى في الهند.
وكانت أولى مشاركة المقاتلات السريانيات على جبهات القتال إلى جانب "وحدات حماية المرأة الكردية" في الريف الجنوبي الشرقي لمحافظة الحسكة في إطار الحملة العسكرية التي قادتها "قوات سوريا الديموقراطية" وتمكنت خلالها من السيطرة على عشرات البلدات والقرى والمزارع بعد طرد تنظيم الدولة الإسلامية منها، وأبرزها بلدة الهول قبل شهر.
وتضمّ "قوات سوريا الديموقراطية" التي تحظى بدعم اميركي فصائل كردية وعربية أعلنت توحيد جهودها العسكرية قبل شهرين لقتال الجهاديين في شمال شرق سوريا.
وتقول أورميا (18 عاما)، التي انضمت قبل خمسة أشهر إلى صفوف الكتيبة وشاركت في القتال في جبهة الهول، "خفت من أصوات المدافع في البداية لكن الخوف تلاشى بعد لحظات. كم أتمنى أن أكون في مقدّمة المشاركين في القتال ضد الإرهابيين".
وتتلقى المقاتلات تدريباتهن في أكاديمية عبارة عن طاحونة قديمة، تمّ تأهيلها في ريف مدينة القحطانية لتتحوّل إلى معسكر تدريبي.
وتخضع المقاتلات قبل انضمامهن إلى الكتيبة لتدريبات عسكرية ورياضية واكاديمية، تبدأ صبيحة كلّ يوم بحصة رياضية هدفها تقوية البنية الجسدية للمقاتلات مرورًا بتمرين على كيفية استخدام السلاح، ومحاضرات فكرية تتناول اللغة السريانية وتاريخ السريان ودور المرأة.
ولا يزال عناصرها في مرحلة التدريب ويملكن القليل من التجربة لأنّها حديثة التشكيل. وتنحصر مهام المقاتلات في حماية القرى والمناطق ذات الغالبية المسيحية في الحسكة.
وتوضح ثبيرثا سمير (24 عاما) التي تشغل "منصبا قياديا في التدريب"، لوكالة الصحافة الفرنسية "عدد عناصرنا يقارب الخمسين مقاتلة سريانية حتى الآن" تخرجن خلال ثلاث دورات تدريبية.
وتقول ثيبرتا التي تضع على رأسها قبعة صوف سوداء اللون "كنت أعمل في الجمعية الثقافية السريانية، لكنّني أشعر الآن بمتعة في العمل في المجال العسكري"، مضيفة "لا أخاف تنظيم داعش وسيكون لنا وجود في المعارك المقبلة ضد الإرهابيين".
ومع تأكيدها وجود "مدربين محليين يتمتعون بخبرة"، لكنها تقرّ بأنّ "قوات أجنبية أشرفت على تدريبنا" من دون أن تحدد جنسياتها.
ووصل عشرات العسكريين الأميركيين نهاية الشهر الماضي إلى شمال وشمال شرق سوريا بهدف تدريب ودعم "قوات سوريا الديموقراطية" في معاركها المقبلة ضد الجهاديين، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
ويبدو أنّ لكلّ فتاة هدفا من الالتحاق في صفوف المقاتلات السريانيات اللواتي يحملن راية "القضية" السريانية، على حدّ قولهن.
وتقول اثراء البالغة من العمر 18 عاما والتي لا تفارق الابتسامة وجهها "التحقت بهذه القوات منذ أربعة أشهر لأدافع عن قضيتي السريانية لأنّنا شعب مضطهد من قبل الآخرين".
وتضيف أنّها تخشى أن ترتكب التنظيمات المتطرفة "مجزرة جديدة بحقنا على غرار العثمانيين الذين ارتكبوا بحقنا مجزرة سيفو في تركيا الأمر الذي كان بمثابة محو لمسيحيتنا وسريانيتنا"، في إشارة إلى مقتل عشرات الآلاف من السريان والأشوريين والكلدان على يد العثمانيين في جنوب شرق تركيا وشمال غرب إيران في العام 1915.
ويقيم نحو 100 ألف سرياني في سوريا من إجمالي 1، 2 مليون مسيحي. ويخشى هؤلاء أن يلقوا المصير ذاته كمسيحيي العراق الذين تعرضوا لانتهاكات جمة وعمليات تهجير من قبل المجموعات المتطرفة والجهادية.