الجمعة 20 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

اقتصاد

شبح التعثّر يطارد وزراء المجموعة الاقتصادية

تقارير غير رسمية تشير إلى توقف ٧ آلاف مصنع على مستوى الجمهورية

 المهندس شريف إسماعيل
المهندس شريف إسماعيل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الاقتصاد المصرى كان على موعد مع خبر سار خلال هذه الأيام، وهو الإعلان عن افتتاح ألف مصنع جديد، بعضها متوسط وبعضها صغير، لكنها بلاشك تعنى إضافة لبيئة الصناعة. 
غير أن هناك نبأ مُحزناً، وهو أن عدد المصانع المُتعثرة يزداد، وأن هُناك تقريراً غير رسمى يتداوله بعض رجال الصناعة يشير إلى أن العدد تجاوز الـ٧ آلاف مصنع منذ ٢٥ يناير وحتى الآن، ما يُحمّل حكومة المهندس شريف إسماعيل، خاصة المجموعة الاقتصادية فيها، مسئولية جسيمة. 
وقضية التعثر من القضايا المُكررة على مائدة كل حكومة منذ خمس سنوات، ورغم تعدد وتنوع مقترحات حلها، فإن كثيرا من المسئولين يستسهلون الحديث عن مشروعات ومصانع جديدة دون الالتفات لأزمة تعثر المصانع القديمة. 
محمد جنيدى، نقيب المستثمرين الصناعيين، ورئيس جمعية مستثمرى ٦ أكتوبر، أكد أن عدد المصانع المتوقفة فى مدينة ٦ أكتوبر وحدها يتجاوز الـ٢٠٠ مصنع، وأن هناك مدنا صناعية أخرى ترتفع نسبة المصانع المتعثرة فيها عن ٥٠٪. 
ويقول جنيدى: «إن أزمة التعثر ما زالت رغم تكرر عرضها على المسئولين دون حلول حقيقية، وهُناك تعسفاً من جانب كثير من مسئولى البنوك فى التعامل مع المستثمرين دون وجه حق»، موضحا أن التمويل فى رأيه أحد أهم مشكلات التعثر فى مصر، خاصة فى ظل ظروف استثنائية عانت منها الصناعة كثيرا خلال السنوات الماضية.
أحد أبرز دلائل التعثر المصرفى تظهر فى مدينة برج العرب الصناعية التى تعانى من إغلاق معظم مصانعها وهجرة العمال نتيجة ظروف متعددة، وهى التى دفعت المهندس محمد فرج عامر، رئيس الجمعية، إلى أن يصرح مؤخرا بأنه من الأفضل لأى مستثمر فى مجال الصناعة أن يقوم بتفكيك مصانعه ونقلها إلى الإمارات بسبب الروتين الحكومى والمشكلات التى يتكرر عرضها دون حل. 
جانب كبير من المصانع المتوقفة موجود فى المدن الصناعية بالوجه القبلى نتيجة الإهمال الشديد وعدم الالتفات من جانب الحكومة للمشاكل المتعددة التى قدمها مستثمرو تلك المُدن. وطبقا لحسين سليمان، أحد مستثمرى مدينة الكوثر الصناعية بسوهاج، فإن هناك أكثر من ٧٠ مصنعا متوقفا عن العمل بالمدينة تماما بسبب نقص الخدمات. ويقول: «إن أهم المشكلات التى تواجه المصانع هناك هى نقص التمويل، وعدم قدرة المصانع على شراء المواد الخام اللازمة للإنتاج»، مطالبا بضرورة توفير التمويل اللازم للمصانع لضمان استمرار عملها.
ويشير إلى أن حالة الركود التى تعانى منها المصانع أدت إلى خفض معدلات الإنتاج إلى أقل من ٤٠٪ مما كانت عليه فيما مضى. 
كذلك فإن زيادة الواردات خلال السنوات الثلاث الماضية كانت أحد أسباب الركود، وتسببت فى ضعف القدرة التنافسية للمنتجات المصرية، مؤكدا ضرورة ضبط الأسواق وحماية الصناعة المصرية مما تتعرض له من أخطار، كما يرى أن المنافذ الجمركية لا تعمل بصرامة، وأن هناك كميات كبيرة من السلع تدخل إلى الأسواق دون رقيب، وهو ما يسبب طلبا متزايدا على العملة الصعبة، ويضرب الصناعة المحلية فى مقتل. 
محمد البهى، رئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات، يشكك فى الأرقام المطروحة من جانب الحكومة بالنسبة للمصانع المتعثرة، مؤكدا أنه من غير المعقول أن يكون عدد المصانع المتوقفة فى السوق ٩٠٠ مصنع فقط. ويشير «البهى» إلى أن هناك أكثر من ٧ آلاف منشأة صناعية قدمت إلى مركز تحديث الصناعة شكاوى تؤكد تعثرها، إلا أنه لم يتم التواصل إلا مع نحو ٩٠٠ مصنع فقط. 
إن أسباب تعثر المصانع متنوعة، فبعض المصانع تعثر بسبب اعتماده على أسواق بعينها مثل السوق الليبية أو السوق السورية، ولا يجد بديلا بالأسواق الإفريقية أو العربية الأخرى، والبعض الآخر بسبب توقفه جزئيا عن الإنتاج فترة الاضطرابات الأمنية، وهو ما أدى إلى تراكم أقساط القروض البنكية عليه، وعدم قدرة أصحاب المشروعات الصناعية على سداد الأقساط بغراماتها وفوائدها. وهناك آخرون تعثروا نتيجة عدم انتظام إمدادات الغاز وزيادة أسعاره، مما دفعهم إلى وقف الإنتاج وتسريح العمالة نهائيا. 
الأزمة طرحت من قبل على حكومة المهندس إبراهيم محلب، وتم الاتفاق بشكل مبدئى على صرف حزمة تمويلية قيمتها ٥٠٠ مليون جنيه للمصانع المتعثرة خلال الصندوق الاجتماعى للتنمية، إلا أن ذلك لم ينفذ حتى الآن بحسب صناعيين وقيادات بمنظمات الأعمال. 
كذلك، فقد سبق أن طالب اتحاد الصناعات المصرية من خلال مذكرة رسمية قدمها المهندس محمد السويدى بإلغاء قرار البنك المركزى بوضع المصانع المتعثرة بالقوائم السلبية، لكن يبدو أن ذلك أيضا لم يجد طريقه للتنفيذ. 
«إننا فى حاجة ماسة لتدخل الدولة لإعادة تشغيل المصانع القديمة بدلا من الإعلان عن إنشاء مصانع جديدة».. هكذا يقول أحمد عاطف، رئيس غرفة الطباعة الأسبق، الذى يرى أن هناك حاجة ماسة لتمييز الفائدة البنكية الخاصة بتمويل الصناعة من خلال صندوق يدعم تمويل القطاع الصناعى. 
ويضيف: «إن كثيرا من حالات تعثر المصانع ترجع إلى ما قبل ٢٥ يناير ٢٠١١، فحوالى ٧٠٪ من المصانع توقفت بالفعل قبل الاضطرابات السياسية التى تشهدها مصر نتيجة لمشكلات فى الإدارة، و٣٠٪ منها توقفت عقب هذا التاريخ نتيجة الركود الذى أصاب الأسواق، وعدم قدرة تلك المصانع على تحمل الضغوط، خاصة أن معظمها يقع فى نطاق الصناعات الصغيرة والمتوسطة.
ويؤكد ضرورة إيجاد إرادة حقيقية وقوية لحل المشكلات القائمة، موضحا أن المصانع المتعثرة قادرة على استيعاب عدد كبير من العمالة حال إعادة تشغيلها مرة أخرى، فى الوقت الذى تسعى فيه الحكومة لخفض نسب البطالة.
وأوضح أن الحكومة عليها وضع ملف التعثر على رأس أولوياتها، والعمل على إعادة تصنيف المشكلات التى تواجه المصانع، سواء كانت مشكلات مادية أو فنية، والعمل على التواصل مع أصحاب تلك المصانع، ووضع خطط قصيرة الأجل لحلها.
ولفت إلى أن الفترة الحالية تعد الأنسب للعمل بجدية، لحل أزمة المصانع المتعثرة، خاصة فى ظل تحسن الوضع الأمنى وحالة الاستقرار السياسى، مشددا على أن نقص التمويل يعد من أهم المشكلات التى تواجه القطاع الصناعى بشكل عام.
وأضاف: «إن هناك عدة طرق وآليات يمكن أن تسهم فى تسهيل حل مشكلة المتعثرين، من بينها خفض سعر الفائدة للمصانع المتعثرة لحين عودتها إلى العمل مرة أخرى، فضلا عن عمل برامج من خلال مركز تحديث الصناعة للدعم الفنى فى الجوانب الإنتاجية والتسويقية، بجانب تقديم الاستشارات التى تحول دون تكرار نفس الأخطاء التى أدت إلى التعثر».