أصابت نتائج الانتخابات البرلمانية المصرية التى جرت مؤخرا، مجموعات الخونة والمرتزقة والعملاء والخونة الذين نشطوا فى السنوات الخمس الماضية بالخبل، واندفعوا- بعصبية جنونية- فى تأكيد رفضهم لإسدال الستار على المسرحية التراجيدية التى كانوا أبطالها منذ عملية يناير ٢٠١١ وحتى اللحظة الراهنة.
عاد جميع نشطاء يناير الذين تآمروا على هدم مؤسسات الدولة فى مخططهم الأسود، والذين احتلوا المشهد العام، والمنصات الإعلامية، لا بل وبعض مناصب الصف الثانى فى الوزارات المصرية، وأهانوا كل القيادات الكبيرة فى كل مجال، وطالبوا بتطبيق (العقاب الثوري) على كل من لا يساير سادة المتآمرين الذين حركوهم عن بعد من تركيا وقطر وحماس وأمريكا والاتحاد الأوروبى وإيران فضلا عن ١٦ جهاز مخابرات دوليًا انتشرت عناصره فى ميدان التحرير وعلى رأسها الموساد بطبيعة الحال:
عاد نشطاء يناير الأسود يهددون الدولة المصرية بتثوير الشارع المصرى ضدها، بعد أن أصبح لها برلمان ينوب عن الشعب ويعكس رأيه، وبما وضع عصبة يناير فى وضع عصيب سقطت فيه عنها (عمليا) كل ملامح الهوية التى أمعنت فى رسمها لنفسها طوال سنوات، وكان من نتائجها أن صار الخمسة وعشرين يناير (بالألف واللام لأن عددهم يقترب من ٢٥) هم قادة المشهد فى مصر الذين يفرضون على سلطات الدولة- المرعوبة أمامهم بحكم تجربتها السابقة فى ٢٠١١- طبيعة من يتولى المناصب العامة، ونوع القوانين والسياسات والطروح لا بل وحتى الأفكار التى ينبغى عليها قبولها أو رفضها.
ملامح هذه العصبة الينايرية تأخذ- الآن- الأشكال التالية استعدادا لتدشينها موجة جديدة من المؤامرة المتواصلة على مصر منذ ٢٠١١.
أولا: تحاول عصبة يناير القفز فوق حقيقة أن مصر أصبح لها برلمان، وتعلن نفسها- على نحو باكر- بديلا لمجلس النواب، وتدعي- كذبا وزورا- أنها تمثل الشعب المصرى، وقد تأكد زيف ذلك الادعاء بنتائج التصويت فى انتخابات البرلمان، التى سقطت فيها- بجدارة- معظم الأسماء المنتمية إلى الحالة الينايرية، وعلى الجانب الآخر نجحت الأسماء التى شاركت فى كشف حقيقة ما جرى فى مؤامرة يناير.
ثانيا: عصبة يناير يحاولون- الآن- تكرار سيناريو العملية الإجرامية التى قادوها عام ٢٠١١، بتهييج الشارع عبر المبالغة فى التركيز على حوادث انحراف فردى فى أداء مهمة الشرطة، أو الضغط على أحاسيس الناس بصعوبة المعيشة، أو تسفيه نتائج المشروعات القومية الكبرى التى يتم إنشاؤها فى كل مكان على أرض مصر، أو محاولة خلق أيقونات جديدة على المستوى الجماهيرى لتلهم الناس الاحتجاج والانقلاب على السلطة الشرعية ومعاودة محاولة إسقاط مؤسسات الدولة.
اليوم تنشط مواقع التواصل الاجتماعى فى الدعوة إلى الحشد والتظاهر فى ٢٥ يناير المقبل وترفع شعارات بأن شيئا لم يتغير فى مصر، أو أن الشباب قاطع العملية الانتخابية (تصويتا وترشيحا) وهو ما تكذبه الوقائع والحقائق بنجاح هذا الكم من الشباب فى الانتخابات ووجود كيان حزبى يرتبط بهم فى الأصل والأساس (مستقبل وطن) فضلا عن مراعاة نسب وجود الشباب مع المرأة والأقباط فى القوائم.
ثالثا: هناك محاولة للخلط فى الحلقة الجديدة للمؤامرة بين مشروع يستهدف الشرعية، ومشروع يحاول إحياء بعض نماذج بائدة لقيادات بديلة تضم فلول الإخوان المعدلة مثل عبدالمنعم أبوالفتوح أو لوبى البرادعى الذى يمد بعض أذرعه إلى عناصر حاكمة فى مؤسسات الدولة المصرية أو بعض الأوعية الحزبية الشريكة فى العملية الانتخابية الأخيرة وإن لم تحرز نتيجة تذكر، وأخيرا فإن الخلط يشمل أيضا مجموعات الفاشلين والمرفوضين شعبيا فى الانتخابات الأخيرة من السلفيين والأحزاب الثورية جميعا.
رابعا: تحاول الحلقة الجديدة من المؤامرة تدمير الدولة عن طريق استغلال جهل بعض أجهزتها بطريقة استخدام الإعلام لتحقيق هدف سياسى، أو اختيار نوعية من الإعلاميين يطيقهم الناس فى اللحظة الراهنة، ويتوافقون مع المزاج السياسى والوطنى لمصر الآن.
ولم يكن جهل بعض أجهزة الدولة الأمنية بالإعلام هو- فقط- طريقة متآمرى يناير الجدد فى تدمير الدولة، ولكن طبيعة المأزق الإعلامى الذى تهندس فى الفضاء المصرى الآن تشمل عناصر أخرى منها:
أن مؤسسات إعلام الدولة استهدفها التدمير- ربما قبل الداخلية- فى موجة المؤامرة الأولى عام ٢٠١١ سواء كانت الصحف القومية أو جهاز الإعلام الرسمى، فافتقدت الدولة الإعلام الذى يعبر عنها تقليديا، وبخاصة مع وجود طوابير من الإخوان الإرهابيين والاشتراكيين الثوريين وجماعة ٦ إبريل مازالوا يعملون فى ماسبيرو حتى الآن.
زاد مأزق الدولة باضطرارها إلى الاعتماد على الإعلام الخاص والجرائد الخاصة التى يملكها رجال أعمال فى معظمهم- بالطبيعة والضرورة- ضد مشروع مصر الجديدة والرئيس عبدالفتاح السيسى فأصبحت الدولة المصرية كمن وضع رقبته فى قبضة عدوه، ولا تحمل ذرة من الوزن المقنع تلك الاختراقات التى تنجح بها الأجهزة الأمنية والسيادية فى اقتحام القنوات التليفزيونية وتجنيد مذيعة أو بعض عناصر فرق الإعداد، لأن الأمر سيظل مسقوفا- فى نهاية المطاف- بإرادة صاحب المال، إذا قيل إن هناك وسائل للسيطرة على رجال الأعمال ملاك وسائل الإعلام والصحافة الخاصين، فإن لها- فى النهاية- حدودا، كما أن الدولة- كما أثبتت التجربة- لا تستطيع أن تمضى معهم إلى نهاية الطريق.
وفضلا عن ذلك كله فإن إنشاء الدولة وسائل إعلام وطنية جديدة أو إصلاح وسائل الإعلام القومى التابعة للدولة ربما يكون أسهل من كل ذلك التعقيد، وفى هذا الإطار ينبغى لفت الجميع إلى أن استبدال ملكية الدولة لبعض وسائل الإعلام، بأدوات إعلامية مملوكة لأجانب حتى لو كانوا أشقاء خليجيين سوف يفضى إلى تعظيم الخطر والأزمة، الأن أحدا لا يضمن التوافق الكامل والدائم الموصول لجميع المواقف بين مصر والدول الخليجية مالكة الوسائل، إذ تهاجم وسائط بعض دول الخليج- الآن- السياسة المصرية والركائز الاستراتيجية لمصر بشكل مباشر ومزعج.
إلى ذلك فإن الحل الذى تفتق عنه ذهن بعض الأجهزة بإعادة تدوير مجموعة من الإعلاميين بوسائل إعلام القطاع الخاص فى تليفزيون الدولة المصرى يبدو ساذجا وصياغة دءوبًا لمركز ضعف بأكثر منه مركز قوة.
فالمشروع يقوم على عمل برنامج (توك شو) فى التليفزيون المصرى يتناوب حلقاته كل يوم واحد من مذيعى التوك شو فى التليفزيونات الخاصة، ونسى أصحاب تلك الفكرة أن معظم مقدمى البرامج فى القنوات الخاصة تم (حرقهم) فى السنوات الماضية وظهر حجم تربحهم وقلة مصداقيتهم وتلونهم بطريقة تفقد إسهامهم أى قيمة.
ثم إن أولئك اشتركوا- فعليا- فى مؤامرة هدم الدولة وفى التمهيد لأحداث عملية يناير، بل إن بعضهم هو جزء من التمهيد للحلقة الثانية من المؤامرة فى يناير المقبل.
مثل ذلك الفكر عند أجهزة الدولة يؤدى إلى اتساع نطاق الأزمة وبما يساعد أصحاب المؤامرة الجديدة على الحركة.
خامسا: تحاول عصبة يناير- الآن- استغلال بعض التطورات الإقليمية والدولية فى حشد المؤيدين لهم فى الخارج الإقليمى أو العالمى ممن يعترضون على السياسات المستقلة التى يتخذها الرئيس السيسى وتساعدهم فى ذلك ترسانة من المنظمات الحقوقية والأهلية الدولية صنفت النظام المصرى بوصفه (تسلطيا) و(استبداديا).
سادسا: مواجهة تلك الموجة الجديدة لن يكون بغير الطريق القانونى وعلى رأس وسائله تحريك ملف القضية ٢٥٠ الشهيرة والمحظورة النشر عنها، ولابد من أن تكون الدولة فى غاية الحزم إزاء تطبيق نصوص القانون وأحكامه.
ولا كلمة.. بعد ذلك..!!