السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

هل يستحق سعد الكتاتني الإفراج الصحي؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لن تبلع ريقك قبل أن تجيب عن هذا السؤال، ستقول على الفور: نعم يستحق الرجل الإفراج الصحى، فقد بدا في الصورة التي تداولتها وسائل الإعلام المختلفة شاحبًا على وشك الموت، يرتدى «بدلته الحمراء»، رافعًا «شعار رابعة»، على وجهه شبح ابتسامة، يغالب نفسه في رسمها، ارحموه قبل أن يتحول إلى جثة، ارفقوا به وبحاله، فهو لم يدع إلى العنف مثل آخرين، ولم يحرض على القتل مثل آخرين.
حقك تمامًا أن تقول هذا، لكن من حقى أنا أيضا أن أتحدث ولو قليلًا عما وراء هذه الصورة.
في نفس القفص الحديدى، كان يجلس بالقرب من سعد الكتاتنى القيادى الإرهابى قولًا وفعلًا محمد البلتاجى، كان «البلتاجى» يضع قدمه «رجلًا على رجل»، يضحك ملء شدقيه، ينظر إلى كاميرات التصوير متحديًّا، يبدو بصحة جيدة، لا يعبأ بشيء ولا يهتم بشيء، يحاول أن يبعث برسالة أنه صامد، اعتقادًا منه أن هناك جيوشًا ستتحرك بإشارة منه.
لم يسأل أحد لماذا بدا «البلتاجى» بهذه الصورة، بينما كان «الكتاتنى» مريضًا شاحبًا خائر القوى؟ ولم يلاحظ أحد أن أحمد أبو بركة المحامى الشهير والمثير للجدل والشائعات العامة والخاصة كان يجلس إلى جوارهما شارد الفكر، وقد بدا في حالة مزرية تمامًا، لا تتناسب أبدًا مع أناقته وشياكته التي كان يحرص عليها؟
الإجابة تأتى من زاوية مختلفة تمامًا، فالفارق في الصورة هو الفرق بين حالة من اعتاد السجن من الإخوان، ومن يدخله أول مرة.
دخل البلتاجى السجن أكثر من مرة، «حبسجى من يومه»، تعود على نوم السجن وطعامه، أما «الكتاتنى» فهو سجين جديد، كل ما يمكن اعتباره سجنًا في حياته هو ساعات قليلة قضاها في وادى النطرون بعد اعتقاله مع محمد مرسي وآخرين قبل ٢٨ يناير، أما هذه المرة، فهى أول مرة يدخل السجن، ومن الطبيعى أنه لم يتأقلم بعد، ولم يعتد الحياة الخشنة فيه.
يقولون إنه أصيب بالسكر، وهذا هو سبب النحافة التي بدا عليها، بعد أن كان يملأ العين (شفاه الله وعافاه)، ويقولون إنه لا يستطيب طعام السجن حتى الآن، وهو ما يجعل بعض ضباط السجن وحرصًا عليه يشاركونه طعامهم، وهناك من يقول إنه أصيب بحالة نفسية سيئة، بسبب الظلم الذي يتعرض له، فهو يرى أنه لم يشارك في أي أعمال عنف، ولم يحرض على أي أعمال شغب، ولذلك فليس من العدل أن يكون في هذا المكان.
كل هذا يمكن أن يكون مقبولًا، لكن في النهاية يظل «الكتاتنى» أسير تجربة السجن الأولى، التي جاءته وهو يقترب من الستين، لم يتعود عليها، ولذلك فهو لا يطيقها، أما الآخرون البلتاجى وأشباهه فصحتهم في الغالب كما يبدو تأتى على السجن، وراجعوا صور خيرت الشاطر وعصام العريان ومحمد مرسي، وحتى الطاعنين في السن منهم، أمثال محمد بديع ومهدى عاكف، كلهم بصحة جيدة.
هناك ما هو أكثر، لقد دخل إخوان كثيرون السجن في عصر مبارك، لكن سجنهم كان مريحًا، ففى إطار الصفقات التي كانت الجماعة تعقدها مع نظام مبارك كان سجناء الجماعة يحصلون على كل ما يريدون، أما الآن ولأنه لا صفقات بينهم وبين النظام، فالسجن لا راحة فيه ولا رفاهية.
قد تبرئ «الكتاتنى» من كثير، لكنك لن تستطيع أن تبرئه من رفضه أن يكون واحدًا ممن حضروا مشهد ٣ يوليو، دعوه ليكون ممثلًا لحزب «الحرية والعدالة»، فلم تكن هناك نية لإقصاء أحد، لكنه رفض (والأسباب معروفة بالطبع)، انحاز لجماعته، ونسى أنه رئيس حزب، وكان طبيعيًّا أن تكون هذه نهايته.
لست متعاطفًا مع «الكتاتنى»، ففى الغالب سيتأقلم مع السجن، وسيعود إلى حالته، هذا إلا إذا قضى الله أمرًا كان مفعولًا... ولذلك لا تنفعلوا كثيرًا بصورة، كان يمكن أن تكون هي صورة ملايين المصريين في السجون، لو فشلت ثورة ٣٠ يونيو، وفروا تعاطفكم مع من يستحقون، فهذا أجدى وأنفع.