خطوة إيجابية أن يتجه طموح رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون عصام الأمير فى سياق التطوير إلى إطلاق برنامج «توك شو» إخبارى على التليفزيون المصرى.. من جهة أخرى ارتباط الفكرة -مبدئيًا- بالنماذج المكررة على شاشات الفضائيات الخاصة التى تحول معظمها -بصرف النظر عن الدافع الوطنى لمقدميها- إلى مجرد ساعات لسد فراغ البث وتجرد أصحابها من كل مقومات المهنية الإعلامية ستضع فى طريق عصام الأمير عدة «ألغام» إعلامية سواء كان الاتفاق تم مع شركة إيهاب طلعت «بروموميديا» أو مع الشركة البديلة التى يتم حاليا الانتهاء من التفاوض معها.. الأمر الذى يستدعى الحرص فى التركيز على بعض النقاط فى بنود الاتفاق الجديد، والتى من شأنها إزاحة هذه «الألغام» عن طريق عصام الأمير وإعطاء البرنامج استقلالية تضمن عدم ظهوره فى شكل نسخة مكررة من جلسات «التنظير» التى تنعقد كل ليلة على الفضائيات.. أهمها تمسك الاتحاد ببعض الصلاحيات ضمانا لعدم خضوع البرنامج كليا إلى شروط ومواصفات هذه الشركة وهو أيضا ما قد يتيح لعصام الأمير فرصة تنفيذ البرنامج متحديا القيود البيروقراطية التى ما زالت تكبل كل محاولات إنقاذ ماسبيرو.
المحاذير التى يجب على رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون وضعها فى الاعتبار كإحدى الضمانات لنجاح الفكرة عدم إعطاء الفرصة لهذه الشركة أو غيرها أن تنقل إلى التليفزيون المصرى نفس الأخطاء المهنية التى أصبحت السمة الغالبة لما تمارسه الوجوه المعروفة التى تصر هذه الشركات على الاستعانة بها من مقدمى ومقدمات برامج «التوك شو» وتطل على المشاهد يوميا فى هذه النوعية من البرامج.. الشهرة التى حظت بها هذه الأسماء دفعتها إلى تناسى الحدود الفاصلة بين مهنة الإعلامى ودور المصدر أو الضيف.. وأن «النجومية» فى الإعلام هى أولا من حق الموضوع والضيف.. بينما ما يحدث فى الواقع أن أغلب مقدمى برامج «التوك شو» تجاوزوا تحت تأثير مخدر «النجومية» المزعومة أدوار الضيوف وحتى المشاهدين أحيانا كثيرة وهم يقومون بالتفكير نيابة عنه أو طرح آرائهم عليه كحقائق مؤكدة!! بالتأكيد ستخرج الأمور عن سيطرة عصام الأمير فى فرض أبسط مقومات المهنية الإعلامية على هذه الوجوه المعروفة.. فى المقابل هناك أسماء مثل إيمان الحصرى وأسامة كمال يمثل أداؤها الإعلامى نموذجا فى الالتزام بالمعايير المهنية وهم أصلا من أبناء التليفزيون المصرى.
ضمانات النجاح لبرنامج التليفزيون المصرى تكمن أيضا فى كسر القوالب التقليدية التى ما زالت برامج الفضائيات تدور داخل إطارها حتى بعدما أصبحت سلعة غير مرغوبة وتفرض على عصام الأمير الاتجاه سواء فى الإعداد أو الشكل أو اختيار الوجوه بعيدا عن آفة التقليد والتكرار خصوصا أن هناك من داخل ماسبيرو أو فى مجالات الإعلام المختلفة مبادرات وأمثلة رائعة قدمتها وجوه إعلامية شابة كنموذج للدور الإعلامى حين ينحاز إلى هموم وقضايا حقيقية ويختار التعبير عنها بصدق.. على سبيل المثال لا الحصر رد فعل سكان منطقة الشلاتين وحلايب وإقبالهم على المشاركة فى الانتخابات الأخيرة نتيجة الحملة التى أطلقها منذ حوالى عام –وما زالت تمارس عملها- برنامج «طلعت شمس النهاردة» للإعلامية دينا صلاح الدين التى ترأست اللجنة الإعلامية للحملة وضمت مجموعة شباب منهم الإعلامية رشا الشامى والإعلامى محمد الفولي -من خارج ماسبيرو- وتم التسيق مع مؤسسات مدنية للمساهمة فى تنمية هذه المنطقة من مصر وإرسال قوافل ذات أنشطة مختلفة لترسيخ فكرة ارتباط سكانها بمصر.. الحقيقة التى لا تحتمل الإنكار من العاملين فى مهنة الإعلام سواء داخل أو خارج ماسبيرو أن هذا المبنى ما زال يضم نخبة من الأجيال الشابة القادرة على التغيير لأنها تختزن فى عقولها مبادرات وأفكارا تصلح لبناء قاعدة مهنية للمستوى الإعلامى الذى يحلم الجميع بالوصول إليه.
من جهة أخرى ما زالت مهنة الإعداد فى ماسبيرو تخضع إلى نفس آفات «التكاسل» والنمطية فى الاعتماد على قائمة واحدة لمجموعة ضيوف يحملون آراءهم المكررة بين مبنى ماسبيرو ومدينة الإنتاج الإعلامى وهو ما يحرم المشاهد من رؤية قائمة على التنوع فى الآراء ويفقده المصداقية فى البرنامج.. من المؤسف أن يقتصر أحد أهم أركان العمل الإعلامى وهو الإعداد على تداول أرقام هواتف نفس الضيوف دون بذل عناء البحث والدراسة ثم اختيار الشخصية التى تقدم الطرح الأفضل لخدمة موضوع البرنامج.
أخيرا.. أيا كانت بنود الاتفاق بين الاتحاد والشركة المنتجة للبرنامج والذى يتم حاليا الانتهاء من تفاصيله.. من المؤكد أنه كلما نجح عصام الأمير فى الابتعاد عن «هاجس النجومية» الذى يحكم شركات الإنتاج وانحاز إلى المعايير المهنية.. سيزداد اقترابه من صيغة تحمل عناصر التطوير لبرنامج حواري إخبارى يعيد لقنوات ماسبيرو تألقها.