الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

بسذاجتنا يتحول الخيال العلمى إلى واقع!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كثير ما نشاهد فى أفلام الخيال العلمى الأمريكية أفكارا قد تبدو خيالية وغير قابلة للتحقيق، ولكن أثبتت الأيام أن الكثير من هذه الأفكار لا تنشأ من فراغ وغالبا ما يكون لها أسس علمية يبنون عليها ثم ينسجون الباقى من خيالهم فى إطار الحبكة الدرامية، فمثلا تتكرر فى عدة أفلام فكرة الأشخاص الذين يتم التعامل معهم كآلات أو ماكينات يمكن من خلال الأجهزة متابعة أدق تفاصيل حياتهم على الشاشات ويكون لكل منهم كتالوج خاص به يتحدد فيه مواصفاته و بياناته التى يتم تخزينها ثم استحضارها لاستخدامها فى اللحظة المناسبة.. مثل الفيلم الأمريكى «الجزيرة» والذى تم إنتاجه ٢٠٠٥ وأخرجه مايكل بي وبطولة إيوان ماجريجر وسكارلت جوهانسون ويتناول موضوع «الاستنساخ» من خلال قيام الأغنياء بدفع مقابل مادى كبير لأحد معاهد البحوث الضخمة لاستنساخ نماذج بشرية طبق الأصل منهم لاستخدامها كقطع غيار فى حالة مرضهم، فنرى أبطال الفيلم فى أدوار مزدوجة مرة فى صورة الشخص الغنى وأخرى فى صورة الشخص المستنسخ الذى يتعامل معه المعهد البحثى كآلة يمكن مشاهدة كافة المعلومات الخاصة بها ومتابعتها من خلال الشاشات.. وهو ما يمكن أن نتخيله ونسقطه على أنفسنا الآن باستخدامنا للموبايل واللاب توب والأدوات التى أصبحت تصاحبنا أينما نكون، وما لبعضها من خبايا تسهل اختراقنا وتُمكَن من التسجيل والتصوير حتى فى حالة إغلاقها.. وهو ما يشعرنى بأننا بجهلنا وسوء استخدامنا للتكنولوجيا يمكن أن نتحول إلى مجرد «ملفات» لدى أجهزة استخباراتية خارجية تستطيع استحضار ملف أى منا بكافة معلوماته وتسجيلاته وصوره ليس من أجل الاستنساخ ولكن من أجل الاختراق للسيطرة علينا وإخضاعنا!!.. بالإضافة لدور مواقع التواصل الاجتماعى وعلى رأسها «فيسبوك» والتى يستخدمها البعض كمذكرات شخصية يكتبون فيها كل ما يجول بخواطرهم، بالإضافة إلى ظاهرة «الاختبارات الشخصية» على «فيسبوك» والتى يجيب فيها الشخص عن بعض الأسئلة للوصول إلى سماته الشخصية، وتظهر بعناوين عديدة مثل: ما هى الجنسية غير العربية التى تليق بك.. من هو الزعيم العربى الأقرب إلى شخصيتك.. ما هو مكانك الصحيح فى الحياة.. من هو الشخص الأقرب إلى قلبك.. ماذا سيكتب عنك التاريخ بعد ألف سنة.. ما هو اسمك فى العصر الجاهلى.. حلل شخصيتك.. اكتشف مدى صدقك من كذبك بجهاز كشف الكذب.. اختبارات الثقة بالنفس.. ما هو الفصل الأقرب إلى شخصيتك من فصول السنة؟.. وهكذا يأخذها البعض كدعابة وتسلية وهم لا يعلمون من سيستخدم المعلومات التى يقدمونها على طبق من فضة!!..فللأسف مواقع التواصل الاجتماعى التى نستخدمها غربية والتحكم فيها ليس من خلالنا.. وإذا كانوا من قبل ينفقون الكثير لتجنيد جواسيس لجمع معلومات أصبحنا الآن نمدهم بأكثر مما يتمنونه!!.. وكلما عرفوا معلومات أكثر وأدق وعلموا نقاط ضعفنا وقوتنا يستطيعون تحليلها ليعرفون كيف يتعاملون معنا وبأى أدوات وآليات!!.. وللأسف نحن خير من نتعاون معهم لتحقيق ما يريدونه!!.. فهل كان باستطاعتهم قياس نسب ذكائنا وعواطفنا وطريقة تفكيرنا دون أن نمدهم نحن بكل سذاجة بهذه المعلومات؟!!.. فنتعامل بسطحية وجهل واستهانة ولا نجد إعلاما يوجه لخطورة هذه الظواهر التى غزت حياتنا، وللأسف نجد شخصيات مرموقة يفترض أنهم على قدر عال من الثقافة يخضعون لهذه الاختبارات الصبيانية، دون وعى بأنهم بهذا يساعدون أعداءنا على تنفيذ عمليات نفسية ناجحة ضدنا، فيجيدون مخاطبتنا باللغة التى تروقنا ليحققوا ما يريدونه ويجعلونا نتفكك وندمر بلادنا ومجتمعاتنا بأيدينا.. فالعمليات النفسية كانت ولا تزال أحد الأسلحة الهامة التى تستخدم فى الحروب وتأتى بنتائج أسرع وأرخص وأكثر فاعلية، وقد سمعت من أحد خبراء العمليات النفسية أن هذه العمليات قادرة أن تمرض الشعوب بأمراض فسيولوجية عن بعد، فتشعرهم بالأعراض دون أن يكونوا مرضى بالفعل.. لذلك فما أسهل أن يبثون اليأس والإحباط الذى يدفعنا للاستسلام وعدم المقاومة، وما أهون بث الفتن والأحقاد بين فئات الشعب وبعضها لتحيطنا السوداوية ونكره أنفسنا وتتغير سمة شعبنا الذى عُرف عنه الطيبة والتسامح والعاطفية..والسؤال هل سنظل غافلين نتعامل مع الأشياء وكأننا مغيبين؟!!.. وإذا كان الإعلام الخاص فى أغلبه تحريضيا يعمل لأهداف ومصالح غامضة لا تصب فى صالح الدولة.. فأين دور الإعلام الرسمى فى تحقيق الوعى كى لا نظل كاللعب تحركها قوى كبرى كيفما شاءت!!.. وقد تفاءلت كثيرا بمشروع «بنك المعرفة» الذى أعلنه الرئيس السيسى والمقرر أن يبدأ ٨ يناير المقبل ليكون المرجعية المعرفية للمصريين ليحصلوا على المعلومات الدقيقة والتى تم جمعها من أكبر دور النشر فى العالم وفى مختلف العلوم، بدلا من أن نستقى معلوماتنا من المواقع المضللة التى تبث معلومات مغلوطة..ونتمنى أن يكون المشروع نقطة انطلاق لإخضاع التكنولوجيا وتذليلها لخدمتنا.. ولكن يجب أن نسرع خطواتنا بل نقفز لنلحق بالركب الحضارى والتكنولوجى، فنحن لا نزال مستهلكين للتكنولوجيا التى غزتنا وآن الأوان أن نغزوها ونسخر كافة إمكانياتنا لننهل من علومها ونتعلمها من أى بقعة على الأرض ولا نقف مكتوفى الأيدى أمام ما يبث لنا ويعبث بكل الطرق فى مفاهيمنا وقيمنا وعقول شعوبنا، فإذا كانت الحرب ضدنا بالتكنولوجيا والفكر والتأثير فعلينا أن نتعلم كيف نواجهها بآلياتها وأدواتها حتى لا نظل لقمة سائغة لكل من يطمع فى التهامها.