هارب في تركيا طلب إنشاء نموذج مصغر منه.. والفكرة خرجت من اعتصام «النهضة»
اعترافات ضحية الانشقاق: أمريكا لعبت بنا كالدمية.. وتحصل على ملايين الدولارات
على مدى الحلقات السابقة، كشفنا رسائل حساب «فيس بوك» لـ«محمد الإسلامبولى»، القيادى بتنظيم القاعدة، وشقيق قاتل السادات، وشاهدنا وجود أزمة كبيرة عند قيادات التيارات الإرهابية الموجودة في تركيا، وحالة الارتباك، التي نتجت عنها المبادرة الأخيرة، والتي طرحها طارق الزمر لطلب الصلح مع الدولة.
الرسائل التي حصلنا عليها لخصت أمورا وخبايا وخيانات بالجملة في معركة يتصارع فيها الشباب على الزعامة والقيادة، برعاية محمد الإسلامبولى وشركاه، والمسألة لا تغتفر، وربما تقودهم إلى حبل المشنقة.
بعض المواقع الإلكترونية والقنوات تروج لهؤلاء الشباب، وتنشر أخبارا كاذبة بأسمائهم يفضحون فيها قياداتهم الإرهابيين، في محاولة منهم للانتقام، لعدم تحقيق مكاسب من وراء القيادات، في محاولة لإظهار الشباب المنشقين عن الجماعة كأنهم وطنيون ومحبون لبلدهم، مثل «عبدالرحمن صقر»، ابن محافظة المنيا، خريج المعهد البريطانى لهندسة الحاسبات والنظم، وأحد أعضاء حزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، والعضو بـ«تحالف دعم الشرعية» الذي يحرض دائما ضد مصر من تركيا.
عبدالرحمن سافر إلى تركيا بعد عزل مرسي وهروب قيادات الجماعة إلى تركيا عبر السودان، وحاول عبدالرحمن اكتساب عمل داخل الجماعة، والتحق بشبكة «رصد» الإخبارية التابعة للإخوان، وظن عبدالرحمن أنه في المكان المناسب داخل تركيا، وحاول الاقتراب من قيادات الإرهابية، والتقى طارق الزمر في حزب البناء والتنمية، وأظهر انتماءه لأفكار الزمر وروج لنفسه أنه من تلاميذه.
تعرف عبدالرحمن على الإسلامبولى عن طريق الزمر، وهما أبناء محافظة واحدة، والشاب مع مرور الوقت أصبح متحدثا باسم جبهة إصلاح الجماعة الإسلامية، وينشر ويكتب في رصد كتابات خاصة لأعضاء الجماعة وكواليس اجتماعات تحالف دعم الشرعية. الطريقة التي تعامل بها عبدالرحمن مع القيادات لتحقيق مكاسب شخصية كانت مكشوفة بالنسبة إلى زملائه وغير مرغوبة لهم، وأصبح وجوده لا يروق لبعض الموجودين على الساحة في تركيا، لذلك حاربه زملاؤه الإرهابيون عند قياداته.
واجه عبدالرحمن أعداءه وشهر بهم في موقع شبكة «رصد» الإخبارية، وحاول أن يحسم المعركة لصالحه، لكن الإسلامبولى لا يعجبه أجواء هذه الصراعات داخل الجماعة، واعترض الإسلامبولى في ٩ مايو ٢٠١٤ على قيام عبدالرحمن بالتشهير بأعضاء الجماعة، وقال له «عليك أن تتحرى الدقة فيما تنشره، ولا تسمع للقيل والقال وتنشر إشاعات». وحذر الإسلامبولى عبدالرحمن قائلا له: «لا تفعل ذلك حتى لا تقع في محظور شرعى»، فرد الشاب عليه: «حاضر يا شيخنا، لكن عندى إثبات لأفعال محمود فتحى قائد الجناح العسكري لشباب الجماعة الإسلامية، والشيخ راضى شرارة عضو الهيئة العليا لحزب الوطن، والمنشق عن حزب النور، وأيضا مصطفى بدوى عضو المكتب السياسي لـلجبهة السلفية، والقيادى بـالتحالف الوطنى لدعم الشرعية».
وأضاف عبدالرحمن: «لدينا صور وشواهد على ما يفعله هؤلاء، والدليل هو المصاريف التي يبذرونها في التفاخر والجلوس الإعلامي»، وأكد أن لديه الصور التي تثبت ذلك من أربعة مصادر مختلفة في تركيا، فرد الإسلامبولى أنه موجود معهم يوميا قائلا لعبدالرحمن: «لو عندك شىء ممكن أواجههم به، والله المستعان، لكن عن نفسى لا أسمح ولا أسمع لأى أقاويل دون دليل فهذا حق كل مسلم»، فقال عبدالرحمن إن كل ما يتمناه ويريده هو تطهير صفوف التنظيم من هؤلاء الذين يصرفون مبالغ للظهور في الإعلام، فقال له الإسلامبولى: «بارك الله فيك يا ولدى ونفع بك الإسلام والمسلمين، وفى حرصك على تطهير الصف، ونسال الله أن يعيننا جميعا على ذلك، ولكن خذ حذرك حتى لا يكن لأحد عليك مظلمة عند الله».
وفى ٨ يونيو ٢٠١٤، قال عبدالرحمن للإسلامبولى إن لديه فكرة موضوع هام، وهو صناعة مخابرات مصغرة داخل الجماعة الإسلامية، وأكد عبدالرحمن أنه عرض الفكرة على الشيخ أسامة حافظ، رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية، وأعجب بها، وأضاف عبدالرحمن أن هذا المشروع يحتاج إلى شرح كبير، لكن على الإسلامبولى أن يمسح الرسالة بعد قراءتها، فرد عليه الإسلامبولى أنه لم يحتاج إلى شروحات، قائلا: «لا بد أن الشباب يبتكروا ويتفاعلوا وأنا مش عايز، ومحتاج شغل زى الولد بتاع المدسوس، اشتغل لوحده»، فقال عبدالرحمن إنه يسعى لتكوين عمل منظم وتطبيقه للضغط على صناع القرار في كل مؤسسات بمصر وقال: «ده شغل عالى وكبير والحل من وجهة نظرى»، فقال الإسلامبولى لعبدالرحمن: «محدش هيقتنع بيك إلا إذا أثبت قدرتك وفكرتك في إفادة المسلمين».
وفى ٨ أغسطس ٢٠١٤ طلب عبدالرحمن من الإسلامبولى أن يخبره ببعض المعلومات عن الشيخ محمد خليل الحكايمة، وسأله الإسلامبولى لماذا السؤال، فقال عبدالرحمن إنه مجرد جمع معلومات لمعرفة السابقين في الجهاد والتعلم منهم، قال الإسلامبولى إن الشيخ محمد خليل الحكايمة من أبناء الجماعة الإسلامية بأسوان، وسجن عدة مرات وسافر إلى باكستان في عام ٨٩، وكان مسئول مكتب المرئيات والصوتيات باللجنة الإعلامية للجماعة الإسلامية، وله عدة إصدارات إعلامية منها شريط المنصة، وشهداء الجماعة، كما أن له مشاركات في مجلة «المرابطون»، وأضاف أن الحكايمة انتقل إلى عدد من الدول آخرها بريطانيا، وطلب لجوء سياسي هناك، وسافر بعد أحداث سبتمبر ٢٠٠١ مع أسرته إلى إيران ثم أفغانستان، واستشهد هناك، وفى فبراير ٢٠١٤ اشتد الصراع بين عبدالرحمن وأعدائه في الجماعة، مثل محمود فتحى ومصطفى بدوى والشيخ راضى شرارة، وكالعادة عبدالرحمن يشهر بهم في شبكة «رصد»، لكن الشكوى هذه المرة أحدثت صداعا في رأس الإسلامبولى، وسأله: «إيه قصتك مع الإخوة يا عبدالرحمن شايفهم بيهاجموك؟!، خلى بالك يا عبدالرحمن حينما قال الرسول صلى الله عليه وسلم لنعيم خذل عنا، كان نعيم يحسب على اليهود، فلم يكن ليؤثر في معنويات المسلمين أو يفت في عضدهم، ولكن حينما أكون في صف أهل الحق، ويرى الناس أننى أطعنهم، فهذا ما يكون سببا في خذلانهم، ويعود بالضرر عليك، لأنهم لن يصدقوك بعد ذلك ثم نسيت أمرا مهما من المسئول الذي أذن لك بذلك؟!».
لا شك أن الصراع الذي دخل فيه عبدالرحمن مع أبناء الجماعة بتركيا، له أثر عند هذه الشخصيات، وكان سببا كبيرا لانهيار التحالف وانشقاق كثير من أعضائه، فالشيخ راضى شرارة، عضو الهيئة العليا لحزب الوطن السلفى، كان ينظر إلى عبدالرحمن أنه «مراهق»، نظرا لفرق السن بينهما، ولا يتقبل منه أن يهاجمه في شبكة رصد، والشيخ راضى كان أول الذين رفضوا المصالحة مع الدولة، بعد عزل مرسي، وانشق عن حزب النور لاعترافه بالنظام وهرب لتركيا، واعتقد أنه يستطيع الحصول على مناصب قيادية في التيار الإسلامى بتركيا.
وراضى لم يتوقع أن تتم مهاجمته بشكل مهين في التحالف على أيدى شباب صغار السن، ويتركه أعضاء التحالف وقياداته عرضة للانتهاكات ويشاهدونه دون أن يدافعوا عنه، فقرر بعد أزمة نفسية عانى منها بسبب الابتعاد عن التحالف محاولة تحسين الأجواء مع النظام في مصر، أملا في دخول مصر مرة أخرى، لكنه انتظر حدوث خلافات داخل التنظيم، حتى يتكلم ويجد من يدعم موقفه.
وبالفعل كانت هناك أزمة مالية تمر بها الجماعة لتجمد الأموال، عقب انعقاد المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ، نتيجة للتأييد الدولى الكبير للسيسى ونظامه، فلا يوجد من يدعم التيار الإسلامى مثل الماضى، وانتهز راضى خروج ممدوح إسماعيل، القيادى بالجماعة الإسلامية والتحالف بتصريحات له قال فيها: «دعونا لا نخفى رؤوسنا في الرمال، المؤتمر نجح سياسيًا بدعم دول العالم، رغم أنف التسريبات، ليطالب بمبادرة تصالح بين الجماعة الإسلامية والنظام الحالى، وهذا ما رفضه أعضاء التحالف»، ورد عليه القيادى عطية عدلان بأنهم متمسكون بعودة المعزول مرسي.
هاجم جمال حشمت، القيادى الإخوانى الهارب، راضى شرارة خلال مشاركته في منتدى «الجزيرة»، في مايو ٢٠١٥، واصفا المنسحبين من تحالف الإرهابية أنهم منسحبون من النضال، ورد عليه شرارة في تصريحات له قائلا: «أين التحالف؟ وسط الصراعات التي تشهدها الجماعة في عدة اتجاهات بين الحرس القديم والقيادات السابقة من جهة، والقيادات الشابة التي تم تصعيدها وتتبنى العنف والصدام والعمل الثورى العنيف من جهة».
ونتيجة لمشاكل عبدالرحمن مع أبناء الجماعة، تم طرده من جبهة إصلاح الجماعة الإسلامية، وهاجمه طارق الزمر، رئيس حزب البناء والتنمية، في تصريحات له يؤكد فيها أن عبدالرحمن الذي يقول إنه متحدث باسم جبهة الحزب، ويدعى أنه تلميذى أبعد من ذلك بكثير، واتهم عبدالرحمن بأنه مدفوع من الأجهزة الأمنية في مصر لإحداث شوشرة على الحزب وأدائه، لكن عبدالرحمن بعد أن وجد الجميع يحاربه نشر أخبارا منسوبة له ببعض المواقع في أغسطس ٢٠١٥ يؤكد فيها أن الجماعة الإسلامية آيلة للسقوط، والإخوان تمولها للاستمرار في التحالف معهم.
والمثير أن صقر بعد إعلانه انشقاقه عن الجماعة نشر صورة له في حسابه وهو يرفع العلم المصرى ويدعو للوطنية، وأصدر عدة تصريحات يفضح فيها جماعته ويهاجمها، وقال إن الثلاثى عبدالمنعم أبوالفتوح وأبوالعلا ماضى وحازم صلاح أبوإسماعيل، أبناء الإخوان وليس الجماعة الإسلامية، قائلا إن حازم هو سيد قطب العصر، الذي استطاع احتواء الشباب الثائر الإسلامى، وأبوالفتوح تم زرعه لاحتواء الشباب اليسارى والحر، أما أبوالعلا ماضى فهو المعارض للإخوان في الظاهر والابن البار في الخفاء.
أما «محمود فتحى» الذي حاربه صقر كثيرا عند الإسلامبولى، وكان الأخير يجتمع معه يوميا، هو من أبناء حازم صلاح أبوإسماعيل، الذي سافر لتركيا عقب عزل مرسي، وتبناه الإسلامبولى وكلفه بقيادة الجناح العسكري لشباب الجماعة الإسلامية، وفتحى كثير الكلام للإعلام في القنوات والصحف الإخوانية، وطالب أنصار الجماعة بدعمه في تنفيذ مخطط للنيل من مصر في ٢٥ يناير القادم، حيث دعا في سبتمبر الماضى إلى تشكيل ميليشيات مسلحة في الشارع أطلق عليها المقاومة الشعبية تتكون من ٥٠٠ مجموعة مكونة من ٥-٧ أفراد، يتم توزيعهم على مراكز ومحافظات الجمهورية تقوم بجميع عمليات المقاومة.
وطالب محمود أيضا بتدشين حملة إعلامية تحت عنوان «اخلع يا دفعة»، وهذا لتهيئة الجنود نفسيا عند توفير الملاذ الآمن للهروب، وهذا هو الخيار الأسلم لهم، ونتيجة لهذه الدعوة المخربة تم اختيار محمود رئيسا لحزب الفضيلة الممول من قطر وتركيا.