السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

«البوابة».. عندما تكون مهنتك قدرك الذي لا مهرب منه إلا إليه

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما الذى يمكن أن تشعر به كل صباح وأنت تستقبل مولودًا جديدًا من صحيفة نفخت فيها من روحك؟
ما الذى يمكن أن يسيطر عليك وأنت ترى ما تكتبه وتنشره وتفتح له مساحات النور يشغل من حولك ويملأ حياتهم ويؤرق منامهم ويزعجهم، فلا يظلون على حال واحد؟
ما الذى يحتل تفكيرك وأنت تدفع بأفكارك حتى لو كانت عبثية أمام زملاء، فإذا بها تتحول إلى بنيان متكامل.. صحافة من لحم ودم وأعصاب؟
ما الذى يمكن أن يشغلك وأنت تتعاطى مهنة تنفعل عليك وتنفعل بها، تطاردك وتطاردها، تلعنك وتلعنها، تبتسم لك وتغضب فى وجهك، وإذا شكوت لها تعبًا فلا تلتفت، فهى لا تريد سوى المزيد، أخلص لها بكيانك كله حتى تمنحك بعضا منها.. هذا قدرك معها، فلا تبتئس، وارض بما قسمته لك، حتى لا تطردك من جنتها؟ 
يمكن أن تقول مثلى.. لا أشعر بشيء، ولا يسيطر علىّ شيء، ولا يحتل تفكيرى شيئا، ولا يشغلنى شيء. 
لكنى سأقول لك.. ستكون كاذبا جدا كما أنا كاذب. 
فإن يرزقك الله نعمة بأن تكون موهبتك هى مصدر عيشك، فهذا هو الهناء الكامل فى الحياة.
لقد وجدتنى متورطا فى مهنة لا أتصور الحياة بدونها، لا يشغلنى ما أحققه فيها من مال أو اسم أو شهرة أو تأثير، يشغلنى فقط أننى أمارسها كل يوم بلا انقطاع لما يقرب من عشرين عاما متصلة.. أيام الإجازات فى حياتى أسطورة يتحدث عنها من يعرفوننى جيدا، فمن يحصلون على إجازات ترهقهم أعمالهم التى يقومون بها، أما من تمنحهم أعمالهم روحا وتألقا وألفا وبريقا فما الذى يدفعهم إلى أن يحصلوا على إجازة منها؟ (هذا منطقى وحدى، بالطبع لا أطالب أحدا بأن يؤمن به أو يطبقه). 
خضت تجارب مهنية كثيرة، أضفت إليها كما أضافت لى، طبعت كثيرا منها بأفكارى وروحى، وعندما استقر الحال بى هنا فى «البوابة»، أدركت أننى قد بدأت هنا، ومن هنا تحديدا يكتمل الطريق. 
«البوابة» التى تكمل عامها الأول فى إصدارها اليومى، ليست صحيفة تراها إلى جوار صحف يومية أخرى، لكنها بالفعل تحاول أن تغير وجه الصحافة المصرية.. وانتظروا هذا قريبًا.
إننى على يقين بأن الصحافة المصرية فى محنة ولن يخرجها منها إلا من يعشقونها لوجهها وحدها، لا من يتكسبون منها، وبعد أن يقضوا منها وطرهم يرمونها على قارعة الطريق، فالصحافة قديسة، أقدم تحت قدميها قرابين المحبة والود كل صباح.
فى هذه التجربة التى تعمل دون ضجيج، ولا تدعى ما ليس فيها كما يفعل آخرون، ظهرت مواهب شابة متوحشة، أعتقد أن مستقبل الصحافة مرهون بها وبما سوف تقدمه. 
لقد بدا للجميع من اللحظة الأولى أننا لسنا أسرى للقواعد البالية، نحاول كسر المعتاد الذى أورث المهنة تيبسا فى شرايينها، نعرف أننا لا نزال فى بداية الطريق الممتد بإذن الله، ونؤمن بأننا سنكتب صفحة كاملة فى كتاب تاريخ الصحافة المصرية، قولوا عنه ما تشاءون، ارفضوه، العنوه، لكنه سيبقى، لأنه حقيقى.
إننا نعمل من أجل مهنة هى الأعظم، ليس لأنك تعترف بذلك، ولكن لأننا نؤمن بأنها كذلك، ولذلك فعندما تكمل صحيفة عاما من عمرها وتتطلع إلى أعوام أخرى كثيرة، فإننا نحتفل ونفرح ونفخر بما فعلناه، لقد نجحنا رغم أن كثيرين تمنوا فشلنا، بل وعملوا من أجله، وليس بعيدا أنهم دعوا الله فى صلواتهم ألا نكمل مشوارنا، لكن خاب أملهم وتبددت أمانيهم.. ورد الله دعاءهم فى وجوههم، فالله لا يقبل دعاء الحاقدين. 
ليس أمامنا يا شباب «البوابة» طريق آخر إلا أن ننجح.. فالنجاح بالنسبة لى ليس حلمًا لكنه قرار، فليس هينًا أن تكون مهنتك هى قدرك الذى لا مهرب منه إلا إليه. 
افرحوا بما مضى.. وتفاءلوا أكثر بما هو قادم.