لا يقاس عمر الصحف بالأيام التى تقضيها بين قرائها، بل بما تقدمه لهم وتغيره فيهم، وضعت هذه الفكرة أمامى، ونحن نخطط لإصدار جريدة «البوابة»، قبل عام كامل، كنت أسأل: ما الذى يمكن أن تضيفه صحيفة جديدة إلى طابور الصحف الطويل؟ وكانت إجابتى الحاسمة التى لم يراودها التردد لحظة: «إننا سنصدر من أجل هذا الوطن، نضع أنفسنا فى خدمته، لن نخضع لابتزاز من أحد، ولن نتوقف عند هجوم أحد علينا بسبب مواقفنا، المهم أن تكون كلمتنا لوجه هذه الأرض التى لا نعرف لنا أرضا غيرها، ولا نرتضى لنا وطنا بديلا عنها».
كان يمكن ألا نرهق أنفسنا، ما أسهل أن تقف فى طابور مدعى البطولة والنضال وسماسرة المعارضة الزائفة، وما أسهل أن تكون أداة فى يد غيرك، يحركك كيف يشاء، لكننا اخترنا الأصعب، أن نكون فى مواجهة كل من يريدون شرًا بهذا البلد، تعرضنا لهجوم مكثف، لكننا لم نهتز، كانت الرؤية واضحة تماما عندنا، فخطونا تجاه قضيتنا دون أن نلتفت للصغار، ولا لادعاءاتهم، ولا لمحاولاتهم وضع العراقيل فى طريقنا.
اليوم و«البوابة» تكمل عامًا من عمرها اليومى المديد بإذن الله أجدنى راضيًا عما قدمناه، عملت إلى جوار كتيبة من الشباب، آمنت بأن أمنها وأمانها فى استقرار هذا الوطن، فعملت على تدعيمها، ومحاربة كل من تسول له نفسه أن يقترب من حماه، كتيبة ترفض أن تسير فى طابور طويل من الخانعين والمشوهين سياسيا وفكريا، فقدموا عبر صفحات جريدتهم، ما يفخرون أنهم ساهموا فيه وأنجزوه.
لقد وضعت خطًا واضحًا لهذه الجريدة من يومها الأول، وهو أن تكون مقاتلة فى خندق الوطن، ذاك الوطن الذى نحلم به لنا ولأولادنا وأحفادنا من بعدنا، وأعتقد أننا نجحنا فى مهمتنا التى لا نسأل أحدا عليها جزاءً ولا شكورا، فنحن ممتنون لهذا الوطن الذى منحنا فرصة الدفاع عنه، والوقوف فى صفه، ضد من يحاولون اختطافه مرة باسم التدين الزائف، ومرة باسم المال السياسى الملوث.
من حق زملائى الذين أنجزوا عملهم فى جريدتهم «البوابة» أن يحتفلوا بما قدموه للصحافة المصرية، فما بين أيديكم تجربة خاصة فى العمل الوطنى، قبل أن تكون تجربة فى العمل الصحفى والمهنى، وهذا يكفيهم، فأن تصدر صحيفتك فى وطن مستقر، أفضل كثيرًا من أن تصدر فى وطن ممزق، فرسالتنا المتجددة التى نعمل من أجلها ولن نمل منها أبدا هى الحفاظ على تراب هذا البلد، الذى يستحق منا أن نمنحه أرواحنا قبل أقلامنا.
هذا عام جديد ندخله معكم وفى أيدينا أحلام جديدة وأفكار جديدة.. أتعهد لكم جميعا بأن نستمر على خطانا الوطنى والسياسى والمهنى، لا نحيد عنه أبدا، ونحدد الإعلان عن استعدادنا لدفع ثمن مواقف، فلسنا من أصحاب المواقف المجانية، دامت لكم «البوابة» ودمتم لها.