لاحظت فى الآونة الاخيرة، أن كمًا كبيرًا من الأخبار السلبية يتعمد نشرها بعض الإعلاميين من خلال برامجهم الأكثر مشاهدة، وبعض نشطاء مواقع التواصل الاجتماعى، وقد لفت انتباهى صياغة هذه الأخبار، فوجدتها واحدة فى محتواها ومضمونها الفكرى، إلى جانب التشابه اللفظى بين بعضها البعض، وأعادنى ذلك فورا إلى سنوات الدراسة فى قسم الدراما والنقد بالمعهد العالى للفنون المسرحية، وتحديدا إلى مادة الإعلام والتى درستها على يد أساتذة أجلاء كالأستاذ سعد لبيب والدكتورة جيهان رشتى والدكتور عاطف العبد، والأستاذ أحمد المغازى وغيرهم، ولأنى أحتفظ بمحاضرات هؤلاء العظماء، فقد راجعتها للتأكد من ظنونى التى بدأت تراودنى حول هذه الأخبار التى تهدف إلى إصابة الناس باليأس والإحباط وقتل الأمل بداخلهم، وتوقفت أمام محاضرات أستاذنا سعد لبيب عن الإعلام الموجه، وكيف يمكنك الوصول إلى أن مصدرا واحدا وراء كل هذه الأخبار، وبالفعل اكتشفت من خلال لغة الصياغة المتشابهة لفظيا، ومن خلال تحليل المضمون، أن المصدر لكل هذه الأخبار المحبطة ربما يكون واحدا، وإذا أردت الدقة فإنه يمكننا القول بأن مجموعة من أناس يقفون على أرضية ثقافية واحدة، ويشتركون فى هدف واحد هم الذين يبثون هذه الأخبار السلبية، والقارئ لكتاب «فن الإحباط» للكاتب إى.إل.كريستن سيدرك أن أهم أعمال الطابور الخامس فى أى وطن هو نشر الشائعات وبث شعور الإحباط وتدعيمه عند مختلف فئات الشعب، مما يؤدى إلى الإحساس بالقلق والحزن والألم، ويدفع الناس إلى البؤس والاقتناع بالأفكار السلبية، وهذا يؤدى فى النهاية إما الى الانتحار وإما إلى الانفجار، وكلنا نعلم أن هؤلاء الذين يبثون فينا شعور اليأس والإحباط يهدفون إلى الانفجار حتى تعود مصر إلى العشوائية التى كانت عليها قبل ٣٠ يونيه، وليست جماعة الإخوان وحدها من تريد تحقيق ذلك، فهناك عشرات من المنظمات الأخرى إلى جانب شخصيات لفظها المجتمع، وتريد العودة مرة أخرى لتحقيق مصالحها الشخصية، وكل هؤلاء يرتبطون بحبل سرى يمدهم بالماء والطعام انتظارا ليوم المولد المرتقب، وأظن أن الأمر لا يحتاج لتوضيح، فهو يبدو كقرص الشمس أمام الجميع، وهؤلاء الذين يبيعون الوطن سيتناحرون فيما بينهم لو نجح لا قدر الله مخططهم، فأصدقاء اليوم سيتحولون إلى أعداء عند تقسيم التورتة، وهذا هو المراد من رب هؤلاء الذى يمدهم بالدعم المالى والمعنوى، فهو يدرك أنهم سيحولون مصر إلى ساحات قتال كما فى سوريا والعراق واليمن وليبيا، وبذلك يتحقق الهدف العام الذى يحلم به وهو إعادة تقسيم المنطقة من جديد إلى دويلات صغيرة بلا جيوش، مما يضمن الولاء التام إلى جانب ضمان أمن إسرائيل، هذه الأهداف التى أحبطها الشعب المصرى وجيشه العظيم فى ٣٠ يونيه، ونزلت كالصاعقة على من كانوا يظنون أن أمريكا تحميهم لاتفاق مصالحهم معها، ولن ننسى أبدا صيحات الله أكبر فى ميدان رابعة حين وقف البلتاجى ليعلن أن الأسطول الأمريكى تحرك نحو شواطئ مصر، لإجبار الشعب المصرى على قبول عودة محمد مرسى إلى الحكم، وقتها تعجبت من هؤلاء الذين يتمنون احتلال مصر من دولة أجنبية، مقابل أن تتحقق لهم مصلحة ذاتية، وهؤلاء وغيرهم يقومون الآن بإعادة نفس السيناريو الذى بدأوه فى ٢٠١٠ حين تعمدوا نشر مجموعة كبيرة من الأخبار التى تدعو لليأس والإحباط ولم ننتبه وقتها إلى هذا الأمر، ثم تعمدوا أيضا إثارة الغضب ضد جهاز الشرطة، وهذا هو نفس ما يحدث الآن، وعلينا أن نعى جيدا أن الشائعة تحتوى دائما على جزء من الحقيقة، لكى يصدقها الناس، ولكنى على يقين تام من أن سلاح الإحباط الذى يستخدمه هؤلاء، سيهزم أمام قدرة الرجل الذى يحكمنا والذى يمدنا دائما بطاقة إيجابية قادرة على دحض محاولات هؤلاء فى بث الشعور باليأس فى نفوسنا، وقد ظهر ذلك جليًا أثناء حفل تدشين وانطلاق تطوير محور شرق بورسعيد الجديد، هذا المشروع العملاق الذى من شأنه أن يغير خارطة هذه المنطقة، ويوفر فرص عمل لآلاف من الشباب، وكما قال الرئيس كان بوسع الحكومة أن تغسل يدها من الشباب، بأن تدفع مبلغا من المال لكل واحد منهم، ولكنها اختارت الأصعب، وهكذا فإن لقاء واحدا مع الرئيس بمقدوره أن يقهر سلاح الإحباط الذى يحاربوننا به.
آراء حرة
الإعلام وسلاح الإحباط
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق