الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

خليل عبدالكريم.. القادم من الإخوان (1-5)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى مفاجأة للقارئ لجأ خليل عبدالكريم إلى وسيلة مبتكرة فى تقديم نفسه عبر كتابه الممتع «الأسس الفكرية لليسار الإسلامي» (كتاب الأهالي- مارس ١٩٩٥)، فقد استعار مقالا كتبه عنه الصحفى الأمريكى ستيف نيقوس فى جريدة ميدل إيست إيجيبت «بتاريخ ٢٣ أكتوبر ١٩٩٤»، والمقال بعنوان «مقابلة مع مفتى الماركسية فى مصر».
ويقول خليل عبدالكريم «إنه أحد الألقاب التى أنعم علىّ بها خصومى فى الرأي، ومنها أيضا الشيوعى الملتحي، والشيخ الأحمر وغيرها».
ولعل ذلك الغيظ الذى دفع جماعة الإخوان إلى إطلاق هذه التسميات على الاستاذ خليل عبدالكريم كان مصدره أنه لم يترك الإخوان فحسب، ولا انتقدهم فقط، وإنما انضم أيضا إلى الحزب الأشد خصومة لتأسلمهم وهو حزب التجمع، وهو ذات ما أكده خليل عبدالكريم فى حوارات عدة معه قائلا «تركت الإخوان رافضا لمسلكهم الفكرى والعملى، وأتيت إلى التجمع لأنه الحزب الوحيد الذى رفض ذات المسلك الفكرى والعملى، وهاجمه قولا وفكرا وكتابة وعلى المستوى الجماهيرى، متحديا السائد آنذاك سواء من الحكم أو الإعلام أو الكثرة الغالبة من السياسيين.
ويقول خليل عبدالكريم ناقلا عن مقال ستيف نيقوس «وصف ملبسى ومكتبى المتواضع الذى يقع فى منطقة شعبية فقيرة، وأدركت أنه وضع يده على الجرح كما يقول المثل الشعبى، إذ تساءل «الشيخ مظهره إسلامى وسمته إسلامي، وينطلق من أرضية إسلامية فى خطابه وطروحاته، فلماذا إذن يرفضه الإسلاميون (وهم فى الحقيقة إسلامويون كما أصر على تسميتهم) وينفونه من صفوفهم ولا يعتبرونه واحدا منهم؟».
ويعلق خليل عبدالكريم «وقلت لنفسى كيف استطاع هذا الصحفى الأمريكى الذى لم يمكث معى أكثر من ساعتين أن يدرك أننى أقف على أرضية إسلامية لم أغادرها فى يوم من الأيام، ولم يدرك ذاك الإسلامويون الذين زاملت أغلب نجومهم الساطعة وبدورهم اللامعة الآن؟.
زاملتهم فى سجون الناصرية، السجن الحربى ومزرعة ليمان طرة، وخرجت مع آخرين فى سبيل الله عدة أسابيع، وخرجت مثلا مع أحدهم لمدة خمسين يوما قضيناها فى أمريكا وهو الآن يشرف على جريدة دينية تصلينى نارا حامي».
ثم يتساءل خليل عبدالكريم «أهى المصالح والمنافع والمكاسب التى تعمى البصائر قبل الأبصار وتجعل من يزعم أنه داعية يسكت عن شهادة الحق ويتحول إلى شيطان أخرس، بل إن بعضهم تحول إلى شيطان ناطق، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وعلى كل فإننى مع تقديرى البالغ لستيف نيقوس فإننى لست بحاجة إلى شهادة الفرنجة لتشكل دليل ثبوت على إسلاميتي».
ثم يختتم هذه المقدمة الدرامية قائلا «وللقارئ الذى لم يكن قد تابع كتاباتى أقدم أهم القواعد التى نؤمن بها نحن كتيبة «اليسار الإسلامي» والتى كثيرا ما ذكرت أننى مجرد جندى بسيط فيها» (ص٩)
وإذ يقدم خليل عبدالكريم كتابه الجميل، فهل يمكن أن أقدمه أنا لكم؟. مع بدايات تأسيس حزب التجمع دخل مكتبى شخص طويل القامة، ضخم البنيان، أسمر الوجه بحيث يتبدى نوبيا ويرتدى جلبابا، وأحاط رأسه بشال أبيض ملفوف كعمامة، «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا خليل عبدالكريم المحامى جئت أنضم إلى حزب التجمع إعجابا بموقفكم ممن تسميهم أنت فى كتاباتك بالمتأسلمين وأسميهم أنا بالإسلامويين»، وطلب «نعناع»، وامتلأت الغرفة بعبق العطر الإسلامى المميز والمستخدم من زيت العتر. وبدأ يحكى قصته مع الإسلامويين. كان معهم مبكرا، وعندما تخرج من كلية الحقوق عمل محاميا فى مكتب الأستاذ عبدالقادر عودة المحامى وأصبح كادرا إخوانيا.
ثم هاله التقلب الإخواني، وهاله وجود شيء خفى فى كل ما يقولون وما يفعلون، واكتشف وجود جهاز سرى، واستمع فى الاجتماعات إلى همسات عن الأخوة «تحت الأرض»، وإلى ألفاظ مثل كافر وكفرة ومرتد، وضرورة إقامة حد الردة عليهم، وإلى التوجيه الأثير والدائم الذى يتلقنه كل كادر إخوانى مفعما بالولاء الكامل لقائلة الإمام حسن البنا، وهو أن على الإخوان أن يتقنوا «لعبة المصالح المشتركة مع الطاغوت»، وقالوا له تستمر اللعبة حتى نتمكن، ثم ننقلب على الطاغوت، ولابد من الاستعداد الدائم لمثل هذا الانقلاب.
وباختصار انكشف الغطاء أمام عينيه وعرف حقيقة البئر المتأسلم وما يخبئه للآخرين، كل الآخرين الذين لم يبايعوا على السمع والطاعة.. وحاول مخلصا تخليص «الدعوة» من هذا التفكير الإسلاموي، فاستنكروا، وألح فبادلوه العداء.. وتخلص منهم وتخلصوا هم منه.
ويكمل خليل عبدالكريم دائرة الخلاص فيأتى إلى حزب التجمع.
ونواصل معه.