الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

نحنُ أقباط وطنًا ومسلمون دينًا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ليس بعد الجهل من ذنب..
منه تُقطر الفتنة، ومعه يتسيّد الأغبياء، وإليه يسعى شياطين الإنس باحثين عن وقود لحرائقهم المتوحشة، وأحلامهم الدموية، قبل أيام بث لنا السفاح عاصم عبدالماجد المُقيم فى الدوحة رسالة توجيه تطالب الناس بإعلان الحرب الطائفية.. كتب القاتل بيانًا عبر صفحته على «فيس بوك» قال فيه إن الأقباط فى مصر ضد الوطن.. فضح الرجل ملامح جهله بالتاريخ والجغرافيا والإنسان عندما خطَّ: «كان النصارى يخططون لاستعادة الأندلس ولم ييأسوا طيلة ثمانية قرون، حتى جاءتهم الفرصة على طبق من ذهب حينما نشأت أجيال من المسلمين همها الدنيا لا الدين».. وأضاف كاتبًا: «نفس المأساة يحاول أقباط مصر تكرارها معنا، ونفس الفخ منصوب لنا، فى ظل وجود غباء منقطع النظير، وملايين الجهال والغوغاء والفساق والبلهاء وأهل الشهوات والمغفلين من مسلمى بلدنا».. ثُم استجمع خيوط نباهته ليقل إن «الكنيسة تخاطب الأقباط بوصفهم شعبها لا جزءا من الشعب المصرى». عاصم عبدالماجد الذى أزهق أرواح جنود مصريين قبل ساعات من احتفالهم بالعيد، ثُم سفح دماء العشرات فى محاولة اقتحام مديرية أمن أسيوط يتصور أنه يُمكن تحريض المصريين على المصريين.. ذلك الجهول يعتقد أنه يستطيع تأليب أبناء البلد الواحد بعضهم البعض تحت زعم الولاء للدين.
أى سذاجة يحملها هذا العقل المريض بالخرائب والجنون! يتصور أن شعبًا غلب مزاعم ومُخططات دول كُبرى وغُزاة، وتماسك فى ظل زلازل طائفية رجرجت كافة دول المنطقة يُمكن أن ينساق وراء صيحة تحريض هُنا أو هُناك. يتسمر الجُهلاء بلا معرفة ولا ثقافة خلف نصوص مُقتطعة، ومعلومات مغلوطة محاولين سكب كيروسين الفوضى فى تباشير الاستقرار بلا هدف سوى الشماتة فى أناس لم يمنحوه النفوذ ولم يهدوه التحكم فى خلق الله.. لو قرأ الإرهابى تاريخ الكنيسة القبطية لهاله أن يتعرف كيف وقفت مواقف وطنية إلى جانب إخوانهم المُسلمين ضد المسيحيين الأجانب.. من الكنيسة انطلقت صيحات التحرر والاستقلال انتصارًا للوطنية، وعلى ألسنة رجالها خرجت دعوات التراحم والتعاون.. هى بيت الأخلاق، وشجر القيم، وينبوع المحبة التى لن يعرفها قلبه الفظ أبدا. لا يعرف الجاهل، مُدعى التأسلم أن الأقباط عندما تعرضت مُصر للخطر خلعوا عباءة الديانة ووقفوا فى مُقدمة الصفوف حتى أطلق السياسى العظيم مكرم عبيد مقولته الشهيرة «نحنُ مسلمون وطنًا ونصارى دينا»..
لا يدرى المُتعصب أن الأقباط سقطوا شُهداء فى أعظم ثورة ضد محتل وهى ثورة ١٩١٩، وناضلوا تحت لواء الوطنية المصرية عقودًا رافضين أى سلطة لأجنبى على بلادهم. لا يعلم القاتل أن الأقباط هُم روح مصر وضميرها، نقاؤها الأول، وتحضرها السمح، جمالها وسلامها وعظمتها.. مصر فى الأصل قبطية ونحن جميعاُ أقباط لأننا مصريون. نعم.. نحن أقباط وطنًا ومسلمون دينًا، فالعب غيرها والله أعلم.