تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
في حوار مع أحد قيادات داعش- أجرته صحيفة "جمهوريت" التركية- قال المقاتل السابق ويدعى سعيد، خلال الحرب على كوبانى أصيب المقاتلون، وخلال علاج أحدهم عرض عليَّ صورة التقطها بهاتفه الجوال وهو يتناول الهامبورجر والكوكاكولا في ماكدونالدز، وحينما سألته متى وكيف أجاب ضاحكا المخابرات التركية، موضحا أنها قدمت لفترة طويلة جميع أشكال المساعدات اللوجستية لمقاتلي داعش.
لم يكتفِ "سعيد" بذلك وأشار إلى أن قائد بلدة الراعي الواقعة على الحدود السورية التركية هو أحد عناصر المخابرات التركية، ولا يعلم إذا كان هذا الشخص لا يزال في المخابرات التركية؟ أم تم فصله؟ ولكن لم يبد سعيد أي مانعا من أن يصبح أحد قادة التنظيم.
تصورت تركيا أن بإمكانها خداع الجميع، ولم تضع في حسبانها انكشاف علاقتها بداعش، وحاولت- من خلال علاقتها مع السعودية، وعبر استضافتها لقمة العشرين- إقناع العرب والعالم بدور جديد لتركيا فى حل الأزمة السورية، الا ان الاجتماع فشل بعدما كشف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن وجود دول تمول وتساعد داعش مشاركة فى القمة.. كاد القيصر أن يشير بإصبعه إلى أردوغان وأوباما وآخرين لولا القيود الدبلوماسية.
تركيا اليوم على المحك، رغم محاولات أردوغان التصنع بالهيمنة والسيطرة، ينسحب عنه الغطاء وتتكشف الحقيقة، الكل أصبح على يقين من أن داعش مجرد دمية أمريكية زرعتها المخابرات الأمريكية بيد تركيا، وبدعم غير محدود من التنظيم العالمي للإخوان المسلمين وإمارة قطر، الذين بدورهم قدموا الشباب والتمويل والتدريب وتحسين الصورة الإعلامية للتنظيم وشركاه جبهة النصرة وجيش الفتح "الإخوانى" عبر قناة الجزيرة.
إلا أن ما حدث في فرنسا و سيناء غير موازين اللعبة، ووضع تركيا في مأزق شديد سيتعاظم خلال الأيام القادمة خاصة بعد الشكوك الروسية التي أفصحت عنها دوائر أمنية بعد الكشف عن نزول الطائرة المنكوبة ترانزيت في تركيا قبل قدومها إلى مصر، وهو ما عززه خروج إعلامي إخواني بارز هو أحمد منصور ليحاول إبعاد الشكوك، بإلقاء التهمة على مصر لدق إسفين بين تركيا وروسيا بتفجير الطائرة في الأجواء التركية!
فرنسا تعلم جيدًا كراهية تركيا لها بسبب رفضها الدائم لانضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، وكذلك لدعمها (أي فرنسا) ثورة 30 يونيو التي أسقطت حليف أردوغان الإخوانى محمد مرسى، وهو ما أضعف الموقف التركي المتصاعد عقب اندلاع ثورات الربيع العربي، ويزداد الموقف تعقيدًا بعد هجوم الإعلام الفرنسي عليه وعلى قطر، باعتبارهما من الدول الداعمة لداعش.
أردوغان شرطي أمريكا النشِط في الشرق الأوسط، صديق إسرائيل والمنفذ الأمين لأفكار أوباما، ومهندس تمكين جماعة الإخوان المسلمين وعودة الجهاديين إلى بلادهم الأصلية يعيش أسوأ ايامه، حليفه اوباما اصبحت ايامه معدودة في البيت الابيض ، وروسيا تعود لقوتها وترجع للشرق الاوسط عبر ملعبة السوري المفضل لوقف مشروع مد خطوط الغاز القطري عبر سوريا وتركيا إلى أوروبا والذى طرح قبل الربيع العربي على بشار الأسد ورفضه، سوء الحظ يلاحق خليفة اسطنبول المغرور.
سؤال جوهري سطع عقب هجمات باريس الدامية، لماذا تهاجم باريس وحدها؟ رغم أنها تعمل ضمن إطار تحالف تقوده الولايات المتحدة وبريطانيا، إلا أن فرنسا تعرضت مرتين لمذابح في عام واحد، والفاعل واحد!
هل تعاقَب فرنسا على سياستها غير التابعة للولايات المتحدة؟ هل المطلوب معاقبتها بقسوة؟ أعتقد أن إجابات هذه الأسئلة موجودة في أذهان الفرنسيين، والتقطها بوتين بذكاء، حيث أمر القوات الروسية المتمركزة فى الشرق الاوسط بالتعاون مع القوات الفرنسية كحليف، وهو ما يعنى عمليا انهيار التحالف الأمريكي وتقوية تحالف جديد تقوده روسيا ، الرئيس الفرنسي هولاند سيتوجه الى الولايات المتحدة ثم روسيا لتشكيل تحالف يضم الثلاثة، ولكنه يعلم أن ذلك مستحيل لاختلاف الأهداف بين روسيا والولايات المتحدة في سوريا.
أيا كانت النتيجة فهي لن تكون على هوى تركيا، التي تصطنع معارك وهمية مع ما تقول إنهم افراد ينتمون لداعش، وتحتفظ بكارت إغلاق الحدود الكامل لمنع تدفق اللاجئين، إلا أن الحركة على الأرض أسرع منها، الفرنسيون لديهم تصميم على الانتقام، ويتضح ذلك في القرارات الصارمة المتخذة ضد الهجرة وتمويل الجمعيات الاسلامية وتحرك الاعلام الفرنسي للضغط من اجل وقف التعاون مع الدول الداعمة لداعش وحددتها بالاسم تركيا وقطر .
تركيا كانت وما زالت دولة العبور الوحيدة لمعسكرات داعش، وصاحبة الدعم اللوجستي والاستخباري الأكبر للتنظيم الإرهابي ، وهو ما سيضعها في قلب عمليات الانتقام، فضلا عن خسارتها اللعب بالورقة السورية ، مع تصاعد العلميات الفرنسية الروسية والتي قد ينضم لها اطراف عربية، خاصة اذا توسع مسرح الحرب ليشمل ليبيا المسرح الثاني بعد سوريا فى ظل تمدد داعش فى مدن سرت واجدابيا ودرنة وبنى غازي وهو ما سيفرض على مصر التدخل وبقوه في التحالف الدولي الجديد.
اوروبا تشعر بالخطر ، تلغى مباريات رياضية وتخلى مطارات ومحطات مترو إثر بلاغات عن قنابل، يرون المسلمين في بلادهم قنابل موقوته تستعد للانفجار، الركود الاقتصادي يتصاعد كنتيجة حتمية لمناخ الخوف، لا بديل عن المواجهة الحاسمة والسريعة لوقف الخطر، المواجهة مع داعش ممتدة ولا مانع من الاقتراب مع إيران للقضاء عليها وهو ما سيثير قلق الخليج حليف تركيا، خليفة اسطنبول دخل المصيدة لا طريق أمامه سوى المشاركة في تدمير لعبته المفضلة، أو الصمت على سقوط دولة البغدادي.