اغتصاب، تحرش، هتك العرض، عنف جسدى، ضرب وصعق بالكهرباء، أذى نفسى، تمييز وإقصاء، ختان الإناث وغيرها من شتى ألوان التعذيب والقهر، قضاء سنوات طويلة فى أروقة المحاكم لتنفيذ أحكام الطلاق، حرمان من أبسط الحقوق الإنسانية وأحكام صارمة بالنبذ مجتمعيًا، كلها أمور تعانى منها المرأة المصرية فى مجتمعاتنا نتيجة عدة أسباب منها القصور التشريعى والعدالة المبتورة، فضلًا عن مجتمع ذكورى يقهر المرأة ويريد أن يرضخها لكل عقده ومشاكله النفسية.
«البوابة» التقت الدكتورة فادية أبو شهبة أستاذ القانون الجنائى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، للحديث عن أحدث دراسات المركز، وهما دراستان الأولى تحمل عنوان الأبعاد الجنائية والاجتماعية لجريمة الاغتصاب فى مصر، والدراسة الأخرى والتى مازالت فى طور الإعداد وتتناول معوقات تنفيذ أحكام محكمة الأسرة.
عن الدراستين والعنف الذى تتعرض له المرأة بدأ الحوار:
■ فى البداية ما رؤيتك للعنف الذى تتعرض له المرأة فى مجتمعنا المصرى؟
- العنف له صور مختلفة قد يكون عنفا تشريعيا، يفرق بين الذكور والإناث فى مجالات العمل والمجال الجنائى، ففى قانون العقوبات لا تزال تعاقب المرأة التى ضبطت زوجها متلبسًا بالخيانة فى فراش الزوجية وقتلته، العقوبة توصف على أنها قتل عمد، بينما يتم إعطاء الرجل عذرا فى مثل هذه الجرائم وهو عذر الاستفزاز، فتتحول الجناية إلى جنحة وتعتبر هذه القضية أقصى أشكال التمييز الذى تعانى منه المرأة فى المجتمع.
هناك أيضا العنف الجسدى، جرائم العنف الأسرى والضرب والجرح والحريق العمد وتقارير الأمن العام تؤكد أن الجرائم التى وقعت ضد المرأة فى عام ٢٠١٢ وصلت إلى ٩٥٠ جناية ما بين القتل العمد والاغتصاب وهتك العرض والسرقة بالإكراه، وكانت جرائم الاغتصاب تمثل ١٣٪ من الجرائم.
■ ما أبرز النتائج التى توصلت لها فى دراستك الحديثة عن الاغتصاب؟
- الدراسة ستصدر قريبًا، ولا تزال فى المطبعة، وقد تناولت فيها الأبعاد الجنائية والاجتماعية للاغتصاب فى مصر، والاغتصاب هنا تعريفه أنه أقصى درجات الاعتداء على الأنثى، فهو يعنى المواقعة الكاملة، وهو قمة الأذى الذى يقع على الأنثى، وأقول هنا أنثى وليست امرأة لأن هناك الكثير من الجرائم تقع على الإناث من الأطفال بداية من عمر سنة.
وأيضًا كان هناك بعض القضايا لنساء فى عمر الـ٧٠، حيث تعرضت سيدة للاغتصاب من أحد عمال السوبر ماركت. الذى تتبعها بهدف السرقة، ثم اقترنت السرقة بالاغتصاب.
■ أعتقد أن كلامك ينفى أن تكون ملابس الإناث وتبرّجهن سببين مساهمين فى حالات الاغتصاب والتحرش؟
- البحث أثبت أن كثيرا من النساء المحجبات تعرضن لهذه الاعتداءات، فعندما جلست مع جناة ممن ارتكبوا هذه الجرائم كانوا يقولون نحن نشاهد ليلة الخميس فيلما جنسيا، ونتعاطى المخدرات، ثم ننطلق للشارع ومن نجدها تكون من نصيبنا، سواء طفلة أو مسنة، محجبة أو غير محجبة، تسير بمفردها أو مع زوجها، أو المرضى النفسيين من النساء الموجودات فى الشارع، فالأساس هو المخدرات وأهم أسباب زيادة الظاهرة هو عدم الإبلاغ، فقد جلست مع متهم اغتصب ٢١ حالة ولم تبلغ عنه سوى آخر واحدة اغتصبها.
■ ألم تحدث زيادة فى الوعى مؤخرا بضرورة الإبلاغ عن هذه الحوادث؟
- البعض لا يزال يخشى على السمعة، ونحن ندعو الأهل للوقوف مع المجنى عليهن سواء تحرش أو اغتصاب، لأن عدم الإبلاغ يزيد من الظاهرة، وما فعلته على سبيل المثال (فتاة المول) فيه جرأة مطلوبة، أيضا من ضمن الأسباب التى تزيد من الظاهرة عدم وجود الشهود وسلبية الجمهور، كان سببا فى ارتفاع الظاهرة، فبدلًا من الوقوف بجوارها كان الجمهور يشجع النساء اللاتى تعرضن لذلك للتكتم على الأمر خوفا من الفضيحة وبدلًا من الوقوف بجانبها كانوا يجبرونها على التنازل عن حقها.
أيضا من ضمن الأسباب تأخر سن الزواج والبطالة والجهل، لكن تظل المخدرات هى المتهم الأول أيضا ترتبط الجريمة بوصمة العار والشرف، الإجراءات التى تتم فيها مهانة للبنت عندما تذهب لقسم الشرطة تتعرض لإهانات، فالنظرة المجتمعية فى أقسام الشرطة كانت نظرة قاصرة، بطء الذهاب للطب الشرعى، وإزالة آثار الاغتصاب من ضمن معوقات إثبات الحالة. وقد أجرينا الدراسة على كل المودعين بالسجون المركزية بتهم الاغتصاب أو الشروع فى الاغتصاب وهتك العرض.
■ طالبتِ قبل ذلك بإجراء تنظيف رحمى للمغتصبة، ما وجهة نظرك؟
- حتى لا يحدث حمل، هذا أفضل من الانتظار ١٢٠ يوما التى سمح بها الشرع وعند الكشف الطبى عليها لابد من تنظيف الرحم للمغتصبة، حتى لا ندخل فى شق آخر وهو الحرام، وأيضًا لكى لا تلقى بابنها فى الشارع فيصبح لدينا مشكلة أخرى وهى أطفال الشوارع، ويصبح الأمر (كالمفرخة) طفل يعتدى على طفلة، وتحمل سفاحا وتنجب أخرى، وتحمل بعد بلوغها وهكذا، وأنا أطالب أصحاب القلوب الرحيمة من الأطباء بالتبرع لعمل هذه العمليات بالمجان للمغتصبة. أيضا هناك نوع آخر من الجرائم تتعرض له النساء ولا يعترفن به خوفا من افتضاح أمرهن، وهو الاغتصاب فى بيوتهن، فكثير من المغتصبين الذين قابلتهم متخصصون فى الهجوم على البيوت التى يعمل رب المنزل فيها، لسرقتها واغتصاب الزوجة، وما يحدث أن الزوجات لا يقمن بالإبلاغ عن الاغتصاب خوفًا من الطلاق، ويبلغن فقط عن السرقة وضباط البوليس كانوا يسألونهن على انفراد.
أيضا وسائل النقل مثل الميكروباصات والتوك توك من الوسائل التى استخدمت فى الاغتصاب.
■ فى السنوات الأخيرة انتشرت ظاهرة الاغتصاب فى القرى والريف والصعيد بما يخالف تقاليد هذه الأماكن، واعتبار هذه الجرائم خطًا أحمر، ما الأسباب؟
- بالفعل، رصدت فى الدراسة انتشار ظاهرة الاغتصاب فى أماكن كان من الصعب منذ سنوات إيجاد جريمة من هذه النوعية فيها، لكن للأسف تبدل الحال بسبب المخدرات، فهى كما ذكرت المسئول الأول عن حالات الاغتصاب حتى أن اغتصاب المحارم أيضا انتشر فى هذه الأماكن، وأنا أفضل كلمة اغتصاب المحارم عن زنا المحارم، لأن الزنا يكون بالرضا.
فقد تقابلت مع أب اغتصب ثلاث بنات من بناته، متعلم ويعمل فى السعودية، وقد أضاع مستقبل الثلاث بنات وللأسف جرائم العرض تنتشر فى الوجهين البحري والقبلي، لكن فى وجه قبلى لا يبلغون، لأن هناك جرائم الشرف، فيقتلون المغتصبة قبل الإبلاغ عن الواقعة، لذلك نسبتها فى الأرقام الرسمية أقل من الواقع ولا يمثل سوى ١٠٪ فقط مما يقع بالفعل. فتقع فى مصر سنويا ٢٠ ألف حالة اغتصاب، ٨٥٪ منها أطفال ٤٥ ٪ يتعرض الأطفال لاغتصاب كامل.
■ هل الدستور الجديد استطاع أن يعطى المرأة حقوقها؟
- نحن ننتظر البرلمان الجديد، نريد غربلة قانون العقوبات والإجراءات وإعادة النظر فى التشريعات، يوجد بطء فى الإجراءات الجنائية، فالعدالة لدينا مبتورة، فالمرأة قد تظل لسنوات لا تستطيع أن تحصل على حقوقها بسبب المعوقات التشريعية والإجرائية.
■ هل بالقوانين وحدها تستطيع المرأة الحصول على حقها، أم لابد من نصرة مجتمعية لها فى البداية؟
- التوعية ونظرة المجتمع لابد أن تتغير، المرأة نفسها لديها ثقافة مضادة للمرأة، فأول جريمة تقع على الأنثى وفيها ظلم لها هى ختانها، وتقوم به أمها، فقد اشتركت فى برنامج توعية كبير به عدد كبير من الشخصيات النسائية القانونية والطبية والدينية، بالتعاون مع الرائدات الريفيات لتوعية النساء، وفى الحفل الأخير وقبل توزيع الشهادات وبعد مجهود كبير، دخلت سيدة ومعها طفلة صغيرة حديثة الولادة من ضمن النساء اللاتى شملتهن الدورة التثقيفية، فقلت لها مازحة من المؤكد أن حظ ابنتك الصغيرة سيكون أفضل لأنك الآن أصبح لديك وعى كبير، ونبذ لموضوع الختان ولكنى تفاجأت بردها فقالت لى (هو أنا مجنونة، طبعا سوف أختنها كى تتزوج وأستطيع أن أرفع رأسى فى العائلة)، منتهى الجهل، وقد أصبنا جميعًا بالإحباط عند سماعنا لكلامها.
■ حدثينا عن الدراسة الجديدة والتى تتناول تنفيذ أحكام محكمة الأسرة؟
- من أساسيات العدالة سرعة تنفيذ الأحكام، لأن عدم التنفيذ يسبب عواقب اجتماعية وخيمة، وعنفًا أسريًا، ويساعد على تنفيذ الأحكام بالبلطجة، وتحدث مشاكل عديدة فى المجتمع، وهذا الموضوع يعادل الإرهاب، فى خطورته. وفى الدراسة نتناول ثلاث دعاوى: النفقة والحضانة والرؤية، فسفر الزوج للعمل بالخارج وعدم معرفة دخله الحقيقى وكيف يتم التنفيذ إما عن طريق بنك ناصر أو إدارة تنفيذ الأحكام بمحكمة الأسرة، ويحل بنك ناصر محل الزوج، ولكن بحد أقصى ٥٠٠ جنيه بشرط أن يكون الحكم نهائيًا، وحائز الحجية بالرغم من أن النفقة تصدر مؤقتة ومن أول جلسة كى لا تنهار الأسرة، فقد دفع بنك ناصر ٧٨٠ مليون جنيه نيابة عن الأزواج ولم يحصلها. أيضا يوجد ما يسمى دعوى الحبس، ولكى ترفعها الزوجة لابد أن يكون معها صورة أصلية من حكم المحكمة، وغالبا تكون الصورة الأصلية فى البنك، ولا يعترف القضاء بالصورة طبق الأصل.
أيضا يوجد ما يسمى الحجز على المنقولات بالشقة، ويوجد أزواج تكتب الأثاث باسم الزوجات الجديدات، القوانين مليئة بالثغرات، وعلى البرلمان القادم الاهتمام بهذه القضايا.
■ ما المواد التى تتطلب تغييرًا فى قانون الرؤية؟
- أولًا، الرؤية ترتبط بالحضانة، فالحق فى الحضانة يكون للأم، وبعد سن معينة يسأل الطفل حتى الزواج، ومن حق أهل الأب رؤية حفيدهم ولا يجوز أن يقتصر الأمر فقط على الأب، أهل الزوج جميعا لديهم حق فى رؤية الحفيد، ثانيًا، ترتيب الحضانة، فالأم عندما تتزوج تسحب منها الحضانة وكأننا نعاقبها على أنها تزوجت فى الحلال، أو نجبرها على الزواج فى السر أو عرفى أو إقامة علاقة بدون زواج، كى لا تخسر حضانة الأولاد.
أيضا الولاية التعليمية، وهنا ليس المقصود بها الناحية المادية، ولكنها القرارات وتمزقها بين الأب والأم، أيضا من الأسباب المهمة عدم تنفيذ الأحكام التى تصدر من محكمة الأسرة، هم صغار الموظفين ويسمون معاونى التنفيذ، وكل محكمة لديها إدارة لتنفيذ الأحكام. هناك صلة قوية بين عدم تنفيذ الأحكام وفساد صغار الموظفين.
■ ما وجه الاستفادة القصوى من هذه الدراسات، كى تدخل حيز التنفيذ ولا تتكدس فى الأدراج؟
- المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية مهمته الأساسية رصد الظواهر ومعرفة أسبابها، وينتهى لوضع آليات للتنفيذ ونرسلها لصانع القرار ونرسلها بالتوصيات وآليات التنفيذ، وقد اشتركنا فى الكثير من التعديلات التشريعية والمجلس القومى للأمومة والطفولة قد استجاب للعديد من الدراسات.
فقد ألغى النقض من أحكام الطلاق، فالطلاق كان على ثلاث درجات، الآن مرحلتان فقط، أول درجة واستئناف، فالمشرع لغى النقض كدرجة من درجات التقاضى فى الأحوال الشخصية بناء على دراستنا، وبمجهودنا أيضا تم إلغاء المادة ٢٩٠ من قانون العقوبات والتى كانت تعطى المغتصب الحق فى التزوج ممن اغتصبها، فقد اعتبرنا هذه المادة ظلمًا للمرأة، أيضا اقتران جريمة الخطف مع الاغتصاب، كى يحصل المغتصب على حكم الإعدام تم إلغاؤها، لأنه أحيانا يتم الاغتصاب دون خطف.
«البوابة» التقت الدكتورة فادية أبو شهبة أستاذ القانون الجنائى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، للحديث عن أحدث دراسات المركز، وهما دراستان الأولى تحمل عنوان الأبعاد الجنائية والاجتماعية لجريمة الاغتصاب فى مصر، والدراسة الأخرى والتى مازالت فى طور الإعداد وتتناول معوقات تنفيذ أحكام محكمة الأسرة.
عن الدراستين والعنف الذى تتعرض له المرأة بدأ الحوار:
■ فى البداية ما رؤيتك للعنف الذى تتعرض له المرأة فى مجتمعنا المصرى؟
- العنف له صور مختلفة قد يكون عنفا تشريعيا، يفرق بين الذكور والإناث فى مجالات العمل والمجال الجنائى، ففى قانون العقوبات لا تزال تعاقب المرأة التى ضبطت زوجها متلبسًا بالخيانة فى فراش الزوجية وقتلته، العقوبة توصف على أنها قتل عمد، بينما يتم إعطاء الرجل عذرا فى مثل هذه الجرائم وهو عذر الاستفزاز، فتتحول الجناية إلى جنحة وتعتبر هذه القضية أقصى أشكال التمييز الذى تعانى منه المرأة فى المجتمع.
هناك أيضا العنف الجسدى، جرائم العنف الأسرى والضرب والجرح والحريق العمد وتقارير الأمن العام تؤكد أن الجرائم التى وقعت ضد المرأة فى عام ٢٠١٢ وصلت إلى ٩٥٠ جناية ما بين القتل العمد والاغتصاب وهتك العرض والسرقة بالإكراه، وكانت جرائم الاغتصاب تمثل ١٣٪ من الجرائم.
■ ما أبرز النتائج التى توصلت لها فى دراستك الحديثة عن الاغتصاب؟
- الدراسة ستصدر قريبًا، ولا تزال فى المطبعة، وقد تناولت فيها الأبعاد الجنائية والاجتماعية للاغتصاب فى مصر، والاغتصاب هنا تعريفه أنه أقصى درجات الاعتداء على الأنثى، فهو يعنى المواقعة الكاملة، وهو قمة الأذى الذى يقع على الأنثى، وأقول هنا أنثى وليست امرأة لأن هناك الكثير من الجرائم تقع على الإناث من الأطفال بداية من عمر سنة.
وأيضًا كان هناك بعض القضايا لنساء فى عمر الـ٧٠، حيث تعرضت سيدة للاغتصاب من أحد عمال السوبر ماركت. الذى تتبعها بهدف السرقة، ثم اقترنت السرقة بالاغتصاب.
■ أعتقد أن كلامك ينفى أن تكون ملابس الإناث وتبرّجهن سببين مساهمين فى حالات الاغتصاب والتحرش؟
- البحث أثبت أن كثيرا من النساء المحجبات تعرضن لهذه الاعتداءات، فعندما جلست مع جناة ممن ارتكبوا هذه الجرائم كانوا يقولون نحن نشاهد ليلة الخميس فيلما جنسيا، ونتعاطى المخدرات، ثم ننطلق للشارع ومن نجدها تكون من نصيبنا، سواء طفلة أو مسنة، محجبة أو غير محجبة، تسير بمفردها أو مع زوجها، أو المرضى النفسيين من النساء الموجودات فى الشارع، فالأساس هو المخدرات وأهم أسباب زيادة الظاهرة هو عدم الإبلاغ، فقد جلست مع متهم اغتصب ٢١ حالة ولم تبلغ عنه سوى آخر واحدة اغتصبها.
■ ألم تحدث زيادة فى الوعى مؤخرا بضرورة الإبلاغ عن هذه الحوادث؟
- البعض لا يزال يخشى على السمعة، ونحن ندعو الأهل للوقوف مع المجنى عليهن سواء تحرش أو اغتصاب، لأن عدم الإبلاغ يزيد من الظاهرة، وما فعلته على سبيل المثال (فتاة المول) فيه جرأة مطلوبة، أيضا من ضمن الأسباب التى تزيد من الظاهرة عدم وجود الشهود وسلبية الجمهور، كان سببا فى ارتفاع الظاهرة، فبدلًا من الوقوف بجوارها كان الجمهور يشجع النساء اللاتى تعرضن لذلك للتكتم على الأمر خوفا من الفضيحة وبدلًا من الوقوف بجانبها كانوا يجبرونها على التنازل عن حقها.
أيضا من ضمن الأسباب تأخر سن الزواج والبطالة والجهل، لكن تظل المخدرات هى المتهم الأول أيضا ترتبط الجريمة بوصمة العار والشرف، الإجراءات التى تتم فيها مهانة للبنت عندما تذهب لقسم الشرطة تتعرض لإهانات، فالنظرة المجتمعية فى أقسام الشرطة كانت نظرة قاصرة، بطء الذهاب للطب الشرعى، وإزالة آثار الاغتصاب من ضمن معوقات إثبات الحالة. وقد أجرينا الدراسة على كل المودعين بالسجون المركزية بتهم الاغتصاب أو الشروع فى الاغتصاب وهتك العرض.
■ طالبتِ قبل ذلك بإجراء تنظيف رحمى للمغتصبة، ما وجهة نظرك؟
- حتى لا يحدث حمل، هذا أفضل من الانتظار ١٢٠ يوما التى سمح بها الشرع وعند الكشف الطبى عليها لابد من تنظيف الرحم للمغتصبة، حتى لا ندخل فى شق آخر وهو الحرام، وأيضًا لكى لا تلقى بابنها فى الشارع فيصبح لدينا مشكلة أخرى وهى أطفال الشوارع، ويصبح الأمر (كالمفرخة) طفل يعتدى على طفلة، وتحمل سفاحا وتنجب أخرى، وتحمل بعد بلوغها وهكذا، وأنا أطالب أصحاب القلوب الرحيمة من الأطباء بالتبرع لعمل هذه العمليات بالمجان للمغتصبة. أيضا هناك نوع آخر من الجرائم تتعرض له النساء ولا يعترفن به خوفا من افتضاح أمرهن، وهو الاغتصاب فى بيوتهن، فكثير من المغتصبين الذين قابلتهم متخصصون فى الهجوم على البيوت التى يعمل رب المنزل فيها، لسرقتها واغتصاب الزوجة، وما يحدث أن الزوجات لا يقمن بالإبلاغ عن الاغتصاب خوفًا من الطلاق، ويبلغن فقط عن السرقة وضباط البوليس كانوا يسألونهن على انفراد.
أيضا وسائل النقل مثل الميكروباصات والتوك توك من الوسائل التى استخدمت فى الاغتصاب.
■ فى السنوات الأخيرة انتشرت ظاهرة الاغتصاب فى القرى والريف والصعيد بما يخالف تقاليد هذه الأماكن، واعتبار هذه الجرائم خطًا أحمر، ما الأسباب؟
- بالفعل، رصدت فى الدراسة انتشار ظاهرة الاغتصاب فى أماكن كان من الصعب منذ سنوات إيجاد جريمة من هذه النوعية فيها، لكن للأسف تبدل الحال بسبب المخدرات، فهى كما ذكرت المسئول الأول عن حالات الاغتصاب حتى أن اغتصاب المحارم أيضا انتشر فى هذه الأماكن، وأنا أفضل كلمة اغتصاب المحارم عن زنا المحارم، لأن الزنا يكون بالرضا.
فقد تقابلت مع أب اغتصب ثلاث بنات من بناته، متعلم ويعمل فى السعودية، وقد أضاع مستقبل الثلاث بنات وللأسف جرائم العرض تنتشر فى الوجهين البحري والقبلي، لكن فى وجه قبلى لا يبلغون، لأن هناك جرائم الشرف، فيقتلون المغتصبة قبل الإبلاغ عن الواقعة، لذلك نسبتها فى الأرقام الرسمية أقل من الواقع ولا يمثل سوى ١٠٪ فقط مما يقع بالفعل. فتقع فى مصر سنويا ٢٠ ألف حالة اغتصاب، ٨٥٪ منها أطفال ٤٥ ٪ يتعرض الأطفال لاغتصاب كامل.
■ هل الدستور الجديد استطاع أن يعطى المرأة حقوقها؟
- نحن ننتظر البرلمان الجديد، نريد غربلة قانون العقوبات والإجراءات وإعادة النظر فى التشريعات، يوجد بطء فى الإجراءات الجنائية، فالعدالة لدينا مبتورة، فالمرأة قد تظل لسنوات لا تستطيع أن تحصل على حقوقها بسبب المعوقات التشريعية والإجرائية.
■ هل بالقوانين وحدها تستطيع المرأة الحصول على حقها، أم لابد من نصرة مجتمعية لها فى البداية؟
- التوعية ونظرة المجتمع لابد أن تتغير، المرأة نفسها لديها ثقافة مضادة للمرأة، فأول جريمة تقع على الأنثى وفيها ظلم لها هى ختانها، وتقوم به أمها، فقد اشتركت فى برنامج توعية كبير به عدد كبير من الشخصيات النسائية القانونية والطبية والدينية، بالتعاون مع الرائدات الريفيات لتوعية النساء، وفى الحفل الأخير وقبل توزيع الشهادات وبعد مجهود كبير، دخلت سيدة ومعها طفلة صغيرة حديثة الولادة من ضمن النساء اللاتى شملتهن الدورة التثقيفية، فقلت لها مازحة من المؤكد أن حظ ابنتك الصغيرة سيكون أفضل لأنك الآن أصبح لديك وعى كبير، ونبذ لموضوع الختان ولكنى تفاجأت بردها فقالت لى (هو أنا مجنونة، طبعا سوف أختنها كى تتزوج وأستطيع أن أرفع رأسى فى العائلة)، منتهى الجهل، وقد أصبنا جميعًا بالإحباط عند سماعنا لكلامها.
■ حدثينا عن الدراسة الجديدة والتى تتناول تنفيذ أحكام محكمة الأسرة؟
- من أساسيات العدالة سرعة تنفيذ الأحكام، لأن عدم التنفيذ يسبب عواقب اجتماعية وخيمة، وعنفًا أسريًا، ويساعد على تنفيذ الأحكام بالبلطجة، وتحدث مشاكل عديدة فى المجتمع، وهذا الموضوع يعادل الإرهاب، فى خطورته. وفى الدراسة نتناول ثلاث دعاوى: النفقة والحضانة والرؤية، فسفر الزوج للعمل بالخارج وعدم معرفة دخله الحقيقى وكيف يتم التنفيذ إما عن طريق بنك ناصر أو إدارة تنفيذ الأحكام بمحكمة الأسرة، ويحل بنك ناصر محل الزوج، ولكن بحد أقصى ٥٠٠ جنيه بشرط أن يكون الحكم نهائيًا، وحائز الحجية بالرغم من أن النفقة تصدر مؤقتة ومن أول جلسة كى لا تنهار الأسرة، فقد دفع بنك ناصر ٧٨٠ مليون جنيه نيابة عن الأزواج ولم يحصلها. أيضا يوجد ما يسمى دعوى الحبس، ولكى ترفعها الزوجة لابد أن يكون معها صورة أصلية من حكم المحكمة، وغالبا تكون الصورة الأصلية فى البنك، ولا يعترف القضاء بالصورة طبق الأصل.
أيضا يوجد ما يسمى الحجز على المنقولات بالشقة، ويوجد أزواج تكتب الأثاث باسم الزوجات الجديدات، القوانين مليئة بالثغرات، وعلى البرلمان القادم الاهتمام بهذه القضايا.
■ ما المواد التى تتطلب تغييرًا فى قانون الرؤية؟
- أولًا، الرؤية ترتبط بالحضانة، فالحق فى الحضانة يكون للأم، وبعد سن معينة يسأل الطفل حتى الزواج، ومن حق أهل الأب رؤية حفيدهم ولا يجوز أن يقتصر الأمر فقط على الأب، أهل الزوج جميعا لديهم حق فى رؤية الحفيد، ثانيًا، ترتيب الحضانة، فالأم عندما تتزوج تسحب منها الحضانة وكأننا نعاقبها على أنها تزوجت فى الحلال، أو نجبرها على الزواج فى السر أو عرفى أو إقامة علاقة بدون زواج، كى لا تخسر حضانة الأولاد.
أيضا الولاية التعليمية، وهنا ليس المقصود بها الناحية المادية، ولكنها القرارات وتمزقها بين الأب والأم، أيضا من الأسباب المهمة عدم تنفيذ الأحكام التى تصدر من محكمة الأسرة، هم صغار الموظفين ويسمون معاونى التنفيذ، وكل محكمة لديها إدارة لتنفيذ الأحكام. هناك صلة قوية بين عدم تنفيذ الأحكام وفساد صغار الموظفين.
■ ما وجه الاستفادة القصوى من هذه الدراسات، كى تدخل حيز التنفيذ ولا تتكدس فى الأدراج؟
- المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية مهمته الأساسية رصد الظواهر ومعرفة أسبابها، وينتهى لوضع آليات للتنفيذ ونرسلها لصانع القرار ونرسلها بالتوصيات وآليات التنفيذ، وقد اشتركنا فى الكثير من التعديلات التشريعية والمجلس القومى للأمومة والطفولة قد استجاب للعديد من الدراسات.
فقد ألغى النقض من أحكام الطلاق، فالطلاق كان على ثلاث درجات، الآن مرحلتان فقط، أول درجة واستئناف، فالمشرع لغى النقض كدرجة من درجات التقاضى فى الأحوال الشخصية بناء على دراستنا، وبمجهودنا أيضا تم إلغاء المادة ٢٩٠ من قانون العقوبات والتى كانت تعطى المغتصب الحق فى التزوج ممن اغتصبها، فقد اعتبرنا هذه المادة ظلمًا للمرأة، أيضا اقتران جريمة الخطف مع الاغتصاب، كى يحصل المغتصب على حكم الإعدام تم إلغاؤها، لأنه أحيانا يتم الاغتصاب دون خطف.