آفة حارتنا النسيان، ده اللى قاله عمنا نجيب محفوظ رحمة الله عليه، وآفة مصر هذه الأيام والأيام اللى قبليها واللى جايه فى المحليات..
كل عيِّل قاعد ع القهوة عارف الحكاية دي، وعارف أن قانون الخدمة المدنية لن يعيد هيكلة الجهاز العقيم، وأن الغضب الشعبى الذى يجتاح صدور المواطنين الغلابة ويفرم كل ماكينات الأمل التى عملت فى صدورهم فى السنوات الماضية جميعه باتجاه هذه البؤر العفنة..
وما يفعله الإرهاب الأسود فى العالم كله الآن، وليس فى مصر فقط، ليس وحده هو الذى يعطلنا ويمنع أى قدم تخطو نحو إصلاح حقيقي، ما يحدث الآن أكبر من مؤامرات الإخوان وناهبى المال العام، أولئك الجالسون على المقاعد المكيفة فى وزارات عدة هم العمود الفقرى للسوس الحقيقى الذى يأكل فى عصب أى مستقبل.
وباختصار ظن البعض أن مجيء وزير معروف عنه الجدية والصرامة والحسم، مثل أحمد زكى بدر، أمر مفيد وبارقة أمل جديدة للقضاء على هذه «الأيادى السوداء»، لم تعد أيادي مرتعشة أو خائفة أو مكبلة، لكنها أيادٍ سوداء فعلاً، وأمامى عدة نماذج، أهديها للوزير زكى بدر - مجرد نماذج - ربما يتحرك قبل أن يتمكن هؤلاء بإغراقه فى التفاصيل الصغيرة، وأعرف مسبقًا أن النموذج الذى سأتحدث عنه لا يخصه وحده، لكنه شريك فيه بحكم مسؤوليته عن «التنمية»!
منذ أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى ترشحه، وهناك حوار دائم عن «الزراعة»، وعن ضمان لقمة عيشنا التى تضمن تلقائيًا حرية قرارنا، فمن لا يملك قوته لا يملك صوته، وهو ما يعنى أن الأرض المزروعة أو الصالحة للزراعة هى أغلى ما نملك، وراح الكلام وجاء عن أربعة ملايين فدان، وعن مليارات سنصرفها للاستصلاح، ثم أفاجأ بأن «محافظ سوهاج»، وجرارات محلياته وبلدوزراتها تذهب إلى قرية الكولة - تقع فى حضن الجبل الشرقى - لإزالة آلاف الأفدنة المستصلحة والمزروعة، لأن السادة قرروا تخصيص الأرض لمدينة سكنية؟! ما هذا العبث، هل سألوا وزير الزراعة إذا ما كانت هذه الأرض ضمن مشروع الرئيس أم لا، هل عادوا إليك يا سيادة الوزير ليسألوا قبل أن يحرقوا ويجرفوا الزرع والناس والأمل، ما الهدف من تخصيص أرض مزروعة لأبنية سكنية فى قرية لا تحتاج لمساكن فيما تحتاج مصر كلها لكل شبر مزروع، ما السر فى ذلك سوى المصلحة الشخصية لعدد من موظفى المحليات الذين يطمعون فى تحويل هذه المنطقة لأرض مبان حتى ترتفع أسعار أراضيهم وعقاراتهم.
معالى الوزير أوقف مهزلة أرض «الكولة» فورًا.. ولا تسمح لهؤلاء الصغار بأن يكونوا معول هدم فيما أنت القادم للبناء.