تفجيرات فى العراق واليمن وسوريا ومصر ولبنان وتونس وليبيا، تفجيرات فى عدد من الدول بوسط إفريقيا، وتلك البلدان هى المغلوبة على أمرها، أما الدول الغالبة، فقد شهدنا على مدار التاريخ التفجيرات، وهى تمتد نحوها لتضرب فى أمريكا وإنجلترا وإسبانيا وفرنسا، والأخيرة عشنا معها فعل الإرهاب مرتين، مرة فى مجلة شارل إبدو، ومرة أخرى قبل أيام فى تفجير مركب متعدد الأهداف، قدم أبرياء حياتهم ليعيش ساسة الغرب يقاومون الإرهاب من على شاشات التلفاز ويفاوضونه سرًا من تحت الطاولة، تلك الدماء التى سالت لا ذنب لها إلا أنها وثقت فى قادة لم يتعلموا عواقب اللعب مع الثعابين السامة.
تعتقد أجهزة المخابرات التى صنعت أسامة بن لادن أنها الأذكى، فحصدت ثمن ذكائها بتفجير برجى التجارة فى حدث عالمى يشبه أفلام السينما من خطف الطائرات المتزامن وصولًا إلى أرواح بريئة تصعد لخالقها، ينطلق الوحش الأمريكى إلى أفغانستان للرد فيزرع الخراب الذى مازال ينمو حتى يومنا هذا ولم تنقطع شأفة الإرهاب، أعداء الحياة التفجيريون يعرفون اللعبة جيدًا، مثلهم مثل رعاتهم فى عدد من العواصم التى فسدت ذمة حكامها، لعبة كر وفر واستنزاف وتأديب، لعبة سرقة الثروات ومحاولات السيطرة والهيمنة على بلاد تتشوق للتنمية والإرادة الوطنية المستقلة.
تفجيرات فرنسا لم يكن الإرهابيون هم محط الأنظار فيها على عكس المرات السابقة، ولكن كل العيون اتجهت إلى الأخ أولاند رئيس فرنسا، راحت كل العيون تنظر إليه فى شفقة تارة وكمتهم تارة أخرى، يقول سنحارب الإرهاب بلا هوادة، يقول هذا وينتظر منا أن نصدقه، هذه المرة كان الكذب يطل من عينيه، فهى ذات نبرات صوت أوباما عندما يبكى فى مشهد تمثيلى كاذب، أولاند يكذب بصلف يقترب من عناد ميركل الألمانية وجبروت الوهابيين فى الجزيرة، ونهنهة بان كى مون فى الأمم المتحدة، إنها شبكة مترابطة تعمل على الخداع العالمي، تعمل على تكريس الإرهاب الموجه لتفكيك دول مغلوب على أمرها، وما نشر الديمقراطية فى ليبيا تحت قصف طيران الناتو إلا مثلًا على ذلك.
يتعامل الغرب مع بلداننا بخفة، ورأينا رئيس الوزراء البريطانى خارجًا عن الأعراف الدبلوماسية حيث يأمر بإجلاء رعايا دولته من مصر بينما الرئيس المصرى كان فى طريقه إليه، يرسل الطائرات لسحب رعاياه ليوحى إلى العالم أن مصر منطقة خطرة، رأينا فرنسا وأمريكا وغيرهما يقترحون اختيار حاكم لسوريا دون سؤال الشعب السورى صاحب المصلحة، رأينا البيت الأبيض مفتوحًا على مصراعيه لاستقبال القتلة الهاربين من تنظيم الإخوان والتعامل معهم وكأنهم مبعوثو سلام للأرض، وكأن أياديهم لم تُلطخ بدماء الجنود والضباط فى سيناء.
وبينما يحدث هذا كله تأتينا النكتة الفجة التى يقولها الغرب أكثر من مرة ولا تلقى منا أى ابتسامة، وبالرغم من ذلك يصر الغرب راعى الإرهاب على ترديدها على مسامعنا حيث تقول النكتة إن ترسانة الأسلحة التى تواجه النظام السورى، يمكننا اختيار بعض منها ونسميهم معارضة معتدلة لنخدع العرب من جديد، ذلك اللف والدوران الغربى جعل من الغرب ذاته لقمة سائغة لرصاصات الإرهاب الذى ندينه ونرفضه ونقاومه ولا نقبله حتى لخصومنا السياسيين، فالضحايا هم تلاميذ المدارس ومرتادو المسارح ومحبو سباق الماراثون، الضحايا هم عشاق الحياة والورود والتقدم.
سيقول عاقل، هذه الكتابة تأتى فى غير أوانها، فالجرح الفرنسى غائر والدماء لم تجف من على الطرقات، وللعاقل أقول.. تلك الكلمات هى التأبين والتضامن مع تلك الدماء فصديقك من صدقك، ومن حق الضحايا أن نفضح قاتليهم ونُدين من مهدوا الأرض للقتلة، من حقنا أن نصرخ الآن حتى لا تدور الدائرة من جديد، ونجد الحبل قد التف على رقاب أبرياء جدد.