الأقربون دائما أولى بالمعروف داخل التنظيمات الدينية، خاصة إذا تعلق الأمر بمعاملات مالية، ولا تختلف طريقة إدارة الموارد المالية داخل هذه التنظيمات فى فسادها عنها فى الكيانات الأخرى والتى لا تكل قيادات تلك الجماعات من الهجوم عليها، فما نكشفه فى حلقة اليوم من المراسلات السرية لقيادات تلك التنظيمات يثبت أنها جماعات تقوم على الشللية وسياسة «المحاسيب».
يمثل «محمد شوقى الإسلامبولى» القيادى بالجماعة الإسلامية وشقيق خالد قاتل الرئيس السادات رمانة الميزان داخل الجماعة وحلقة الوصل فى هذه المراسلات السرية التى نشرت «البوابة» بعضها فى العدد السابق ويتمثل فى خبايا ورؤوس تلك الجماعات الإرهابية، وخطة حرق مصر بعد عزل مرسى، والسعى لاغتيال اللواء محسن حفظى مدير أمن الجيزة السابق.
الإسلامبولى الذى نتكلم عنه من أشد الإرهابيين خطرا على الأمن القومى، فالرجل له علاقات واسعة فى كل البلاد وكلمته مسموعة عند التنظيمات الدينية، وهو أكبر جامع أموال بالجماعة الإسلامية، وتأتى التبرعات من الخارج إلى التنظيم فى الداخل على اسمه، لم لا والفترة التى قضاها فى أفغانستان وإيران وتركيا خلقت له شبكة علاقات واسعة تكونت معها شبكة معاملات مالية.
الأقربون من الإسلامبولى كانوا ينادونه بحمادة، وهذا ما كشفته المراسلات بينه وبين «خالد أبوطينة» أحد جيرانه من مدينة ملوى بالمنيا الذى يسكن بجوار شقيقتيه الاثنتين، الظروف أجبرت خالد أبوطينة على اللجوء للشيخ الإسلامبولى، ولم يكن هناك علاقة سابقة له به، والإسلامبولى ذاكرته ضعيفة فقد عاش خارج مصر ٢٥ عاما هاربا.
يوم ١٣ إبريل ٢٠١٤ عرف أبوطينة نفسه للإسلامبولى: أنا خالد إبراهيم اسماعيل أبوطينة، ابن الحاجة محاسن يا عم حمادة، واستمر أبوطينة فى المحادثة مع الإسلامبولى ولم يتركه إلا بعد إرساله صور أبنائه وعائلته كنوع من التقرب إلى القيادى بالجماعة، وجد الإسلامبولى أن هناك استفادة محتملة من أبوطينة ويمكن الاعتماد عليه فى قريته، كما أن سكنه بجوار أهله وأبناء عائلته يجعله يستطيع أن يخبره بكل الأمور ويكون عينا له.
استغل الإسلامبولى الحالة المادية الصعبة لـ«أبوطينة»- على حد وصف أبوطينة نفسه - ففى يوم ٥ مايو ٢٠١٤، قال جار الإسلامبولى له إنه اشترى (سقف سيارة و٤ أبواب وشنطة و٢ اكصدام وعفشة وكاوتش، ودفع غرامة ١٨ ألف جنيه بجانب تكلفة ٦٠٠٠ جنيه مصنعية، وقال للإسلامبولى «أنا مليش غيرك بعد ربنا وده آخر طلب أطلبه منك»!.
رد عليه الإسلامبولى: خالد ابنى موجود فى مصر وهبعتلك بكرة معاه الفلوس.. والمذهل أنه فى أقل من ٢٤ ساعة وصل المال لـ «أبوطينة» وعاد مرة أخرى طلب فيها مبلغ ١٠٠٠٠ جنيه، وذلك قيمة (حقنة بنج) لأم إبراهيم زوجة الإسلامبولى، وقال فى المحادثة إنها تعانى من شرخ بالورك وانزلاق بالغضروف، والإسلامبولى لم يتأخر عن الرجل، وشاء القدر أن تتوفى والدة الإسلامبولى فى نفس الشهر «قدرية حسن البرنس»، والرجل لا يستطيع المجيء من تركيا خوفا من القبض عليه، فقام أبوطينة مشكورا بتغسيلها ودفنها واستقبال العزاء بدلا من ابنها مع الشيخ «أسامة حافظ» الأمير الحالى للجماعة الإسلامية الذى جاء بعد مقتل «عصام دربالة».
القصص المأساوية التى نسمعها عن الهاربين من السجون والمنتمين لتنظيم الجهاد كثيرة جدا، وأحدثها صرخات «أبوصفوت الكومى» المطلوب القبض عليه والهارب إلى السودان عام ٢٠١٤. الكومى كان يعمل مع القياديين بالجماعة الإسلامية «حسين عبدالعال» و«صفوت عبدالغنى» الهاربين بنفس العام أيضا للسودان، ويذكر أن الأخير فيهما صاحب أشهر واقعة هروب فى تاريخ السجون المصرية عام ١٩٩٢، لأنه فك الكلابشات الحديدية بقلم جاف بعد تحريضه على قتل فرج فودة!
يروى الكومى مأساته قائلا إن بعد هربه من مصر إلى السودان ساعده عبدالغنى وعبدالعال فى شراء سيارة يعمل عليها لأنه كببر السن وظروفه صعبة، لكن عبدالعال طالبه بعد أقل من ٩ أشهر ببيع السيارة بحجة شراء أخرى بديلة، فاضطر الكومى لبيع السيارة وأعطى المال لعبدالعال لكنه «استندل» معه ولم يسأل فيه بعد ذلك، والكومى ليس لديه وظيفة وكيف يصرف على نفسه وأبنائه؟!
لذلك اقترض مبلغ ٥٠ ألف جنيه لشراء سيارة، لكن المال لم يكف لهذا وأجبر على إدخال الأموال فى تجارة الملابس، فخسر جزءا منها ويحتاج حاليا على الأقل ٥٠ ألف جنيه لشراء السيارة.. الإسلامبولى بدوره لم يتأخر عن أحد لكنه طيب خاطر الرجل، وقال له مشكلتك ستحل فى أسرع وقت لكن بعد أخذ مشورة الجماعة، وكانت المحادثة بتاريخ ١٠ أكتوبر ٢٠١٥. ذاع صيت الإسلامبولى فى المساعدات وطلبت منه السيدة «زينب» وهى ابنة عمته وتستخدم بالـ«فيسبوك» حسابا اسمه (أم يسرا)، طلبت أن يسلفها مبلغ ٤٠٠٠ جنيه لشراء لوازم خطوبة ابنتها، وقالت له أرسل لى المبلغ، وأكتب على نفسى إيصال أمانة وأرد لك المال مع قبض الجمعية فى شهر أكتوبر، وأعطت أم يسرا للإسلامبولى رقم هاتفها، وأرسل لها المبلغ مع خالد ابنه فى ١٢ أغسطس ٢٠١٥، وطلب منها الدعاء لابنه أحمد المحبوس حاليا على ذمة قضية تظاهر.
«أحمد علاء» أحد الشباب المنتمين للجماعة الذين انتهزوا فرصة العمل للدراسة بتركيا والعمل بقناة الشرق مع «باسم خفاجى»، وهو من كبار المحرضين ضد مصر ولاحقا نعرض أسراره. الوظيفة التى حصل عليها أحمد فى تركيا بعد ثورة ٣٠ يونيو لا يهمه إن كان بها تحريض ضد مصر أم لا، فهو يرى أنه اغتنم الفرصة لتحقيق أحلامه، للدراسة والعمل وتوسط لتوظيفه بالقناة ابن خالته الشيخ «عاصم عبدالماجد» القيادى بالجماعة.
بعد وصول أحمد إلى تركيا تقرب من أعضاء الجماعة الكبار وتعرف على الإسلامبولى الذى أحبه كثيرا وتعلم منه استخدامات الفيس بوك والمواقع، وكان الشاب يقوم بمراسلة الإسلامبولى ببيانات الجماعة المختلفة وأخبارها على النت، اقترب الشاب من الإسلامبولى بدرجة كبيرة وكان يعتمد عليه فى حل مشاكله فى تركيا ودائما كان يقول للإسلامبولى (يا والدي) الذى كان يقول إنه يفتخر به مثل أبنائه. حدثت مشكلة لأحمد فى ٢١ مارس ٢٠١٥ وقال للإسلامبولى: والدى معى مشكلة كبيرة وهى أن صاحب البيت القديم يريد النصب علينا ويطلب ٥٠٠٠ ليرة لإصلاح البيت فى قبرص التركية، ودفعنا منها ٢٤٠٠ ليرة مع أن هذا لا يتكلف ١٠٠٠ ليرة، والرجل يستقوى علينا.
فرد الإسلامبولى لا تستسلم يا ابنى لأى ظلم واشتكى فى الجامعة وإدارة المدينة والبلدية وعرفنى الأخبار، ورجع أحمد بعده بأسبوع وقال إن الرجل أبلغ الشرطة وعاينت الشقة واصطحبوا الشباب إلى قسم الشرطة وسحب منهم الجوازات حتى يدفعوا ١٠٠٠ ليرة تأمينا للبيت وإذا لم يدفعوا سيتم تحويلهم للقضاء وحبسهم، وحرر محضر بذلك.
أكد أحمد أنه لم يكن معه أموال لكنه اتصل على شاب مصرى بتركيا واستلف منه المبلغ، فسأله الإسلامبولى هل تحتاج لأموال فرد أحمد أنها دبرت والحمد لله وأهله فى مصر سيرسلون له مالا قريبا لسد دينه، وفى ١٣ إبريل ٢٠١٥ طلب أحمد من الإسلامبولى تحويل ٢٠٠ ليرة له ووعده بأن يردها آخر الشهر لأن الشاب الذى استلف منه فلوس تأمين الشقة يطالبه بالمال الذى عليه، وأرسل أحمد رقم حسابه البنكى للإسلامبولى واستلم المال.
بالفترة الأخيرة كان الإسلامبولى يغيب عن الدردشة ولا يرد على أحمد الذى ناداه فى آخر محادثة بالأسد، فرد الأخير بعد فترة طويلة بأن الأسد العجوز خرج من الخدمة.
كمية رهيبة من الرسائل تم فتحها والرجل كان له طولة بال كبيرة فى الدردشة الطويلة والاستماع للناس، مع أنها خطر على صحته جدا لأن هذه الامور تسبب له ارتفاع الضغط، يبدو أنه ليس الإسلامبولى وحده الذى يعانى من ضغط أو سكر فى إسطنبول فالرجل كان متكفلا بشراء كميات كبيرة من الأدوية ثم توزيعها، كان يستغل فى هذا الأمر الشيخ محمد تيسير القيادى بالجماعة الإسلامية، وهو المسئول الإعلامى لحركة تجرد التى وقفت أمام حركة تمرد فى ثورة ٣٠ يونيو.
تيسير كانت مشاغله كثيرة وكان يهرب أحيانا من الإسلامبولى وقام بتوريط أحد الشباب الذى يعمله معه واسمه «خالد» فى توصيل الدواء وأيضا الدردشة مع الإسلامبولى فى هذا الأمر من حساب تيسير الشخصى، حساب تيسير اسمه (اليأس خيانة) على الموقع الاجتماعى. وفى ٧ إبريل ٢٠١٣ طلب من الإسلامبولى عددا من الأدوية وعلاج البرد والمغص والصداع كما طلب ٥ قطرة أمزين، وأيضا ٥ قطرة أمزين وركبة مقاس كبير، وحزام ظهر مقاس كبير أيضا، وهناك أدوية أخرى كثيرة لمرضى الضغط والسكر، وكان رد الإسلامبولى أن الأدوية سوف يرسلها مع الشيخ تيسير وبعدها قال إن الأدوية وصلت للجماعة، وخالد الذى يدير حساب تيسير كان يرسل للإسلامبولى أخبارا خاصة للمعتقلين فى مصر.
سياسة
بالأسماء.. كشوف البركة داخل "الجماعة الإسلامية"
"الإسلامبولي" يوزع أموال التبرعات على معارفه وجيرانه
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق