يتمُ الترويجُ منذ اندلاع ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ المجيدة لنظريةِ المؤامرة على الدولةِ المصرية؛ سواء داخليًا من جماعاتِ الإسلامِ السياسى من إخوانٍ وسلفيين وجماعةٍ إسلامية وتكفيريين وفصائلَ إرهابية، وخارجيًا من دولٍ تساندُ كلَ من يعملُ على إرباكِ الدولةِ المصرية وتمويلِ كلِ ما مِن شأنِه زعزعةِ الاستقرار فى هذا البلد.. ونحن لا ننفى «نظريةَ المؤامرة» التى تفوحُ رائحتُها من أفعالِ وتصرفاتِ بل وسياساتِ بعضِ الدولِ المعادية لنا بشكلٍ صريح أو من طرفٍ خفى، ولكن يجبُ أن ندركَ أن أوضاعَنا الحالية لم تكن فقط نتاجًا طبيعيًا لمؤمراتِ الخارجِ فقط.
يجبُ أن ندركَ أننا حين نشيرُ بإصبعٍ واحد إلى من يتآمرون علينا، فإننا نشيرُ بأصابعنا الأربعة المتبقية إلى أنفسِنا، يجبُ أن ندركَ أننا نشاركُ فى المؤامرة التى تُرْتَكَبُ فى حقِ مِصر طوالَ العاميْن الماضييْن.. نشاركُ فيها على مستوى الدولة والإعلام والأفراد، ولا شكَ أنه توجد دلائلُ كثيرة وواضحة على هذا لكلِ ذى عينيْن، ولكننا نُؤْثِرُ أن نتغاضى أو بالأحرى نتعامى عنها.
ولو عدنا لمشهدِ الأيامِ الأولى من ثورةِ ٣٠ يونيو، نجد أن الإخوانَ نجحوا منذ اللحظةِ الأولى فى الترويج خارجيًا لمظلوميتِهم الجديدة، فى حين فشلَ الإعلامُ المصرى الرسمى وغير الرسمى الناطقُ بالعربية أو غيرها وفشلت أجهزةُ الدولة الممثلة فى سفاراتنا بالخارج والهيئة العامة للاستعلامات والإعلام الخارجى التابع لها فى الدفاعِ عن الثورة المصرية وإرادة الشعب المصرى، وهكذا عانينا طويلاً بعد ثورة يونيو من فشلٍ مُريعٍ للإعلامِ وأجهزةِ الدولة فى مقابلِ نجاحٍ ساحق لجماعةِ الإخوان وتنظيمِها الدولى.. ومن حيث لا ندرى فإننا تآمرَنا على أنفسِنا بوضعِنا الدولةَ المِصرية وإرادةِ الشعبِ المصرى فى الثورة والتغيير فيما يشبهُ العزلةَ الدولية، لأن دولاً عديدة تبنت وجهةَ النظرِ الإخوانية فيما حدثَ فى ٣٠ يونيو، ولولا محاولاتُ الرئيسِ الحثيثة والمتعددة وأسفارِه هنا وهناك لكسرِ هذا الحصارِ المفروض على الدولة لكنا فى وضعٍ مؤسف وأكثرَ إيلامًا مما نحن عليه.
نضربُ مثالاً آخر بحالةِ التفاؤلِ والأمل فى غدٍ أفضل للمصريين بعدَ ثورةِ ٣٠ يونيو وإسقاطِ جماعةِ الإخوان، ذلك الأملُ الذى زرعَه الرئيسُ السيسى فى صدورِ الناسِ وقلوبِهم وعقولِهم، ذلك الأملُ الذى رقصَ الشعبُ من أجلِه فرحًا فى الانتخاباتِ الرئاسية الماضية.. وبدلاً من أن يُرَاكِمَ الإعلامُ هذا الأمل لننطلقَ جميعًا نحو مرحلةِ بناءِ الوطن، وجدنا الإعلامَ يلعبَ دورَ المثبطِ لنموِ الأمل، بل وعملَ على تآكلِه ببذرِ بذورِ التشكيك وعدمِ اليقين تارةً، وبالمبالغاتِ الحمقاء التى أدت إلى تحليقِ الناس فى خيالاتِ العَيْشِ الرغدِ دون أن يبذلوا مجهودًا حقيقيًا من أجلِ ذلك.. لقد قامَ الإعلامُ برفعِ سقفِ توقعاتِ الناس لما قد يطرأُ على حياتِهم من رخاءٍ بعدَ المؤتمرِ الاقتصادى فى شرمِ الشيخ، وبعدَ افتتاحِ قناةِ السويس الجديدة، وهو أمرٌ يعلمُ الاقتصاديون والمثقفون أنه غيرُ حقيقى وأن هذه مبالغاتٌ إعلامية ممقوتة للردِ بحُمْقٍ على تشكيكِ الإعلامِ الإخوانى فى قيمةِ هذه الإنجازات، وهو ما أوقعَ غالبيةَ الشعبِ من البسطاء فى هذه الغِوَايةِ الإعلامية التى أدت إلى إحلالِ اليأسِ مكانَ التفاؤل وإلى الإحساسِ بالإحباط بدلاً من الشعورِ بالأمل.. إن الإعلامَ هو المسئولُ الأول عن هذا التلاعبِ بالمِزَاجِ العامِ للمصريين.
وعِلاوةً على ذلك، فإننا لا يمكنُ أن نتجاهلَ أن الإعلامَ قد فاقمَ أزماتِنا التى واجهنَاها فى الفترةِ الماضية، فالإعلامُ هو من تبنى روايةَ الجماعاتِ الإرهابية فى سيناء فى المعركة التى خاضَتها القواتُ المسلحةُ المصرية الباسلة فى سيناء فى أول يوليو الماضى ضِدَ قوى الظلام، وبثَ الإعلامُ روحَ اليأسِ والقنوط بعدما بالغَ فى أعدادِ الشهداءِ الذين وقعوا فى صفوفِ الجيشِ المصرى، لندركَ بعدَ إعلانِ البيانِ الرسمى للقواتِ المسلحة أن كلَ ما روجَه الإعلامُ لم يكن سوى محضَ أكاذيب.. الإعلامُ أيضًا هو من استبقَ التحقيقاتِ المتعلقة بالطائرةِ الروسية المنكوبة وتبنى رواياتٍ غربية لا أصلَ لها من احتمالِ أن تكونَ الطائرةُ قد تعرضت لحادثٍ إرهابى، ونَشَرَ بيانَ «ولايةِ سيناء» تتبنى فيه تنفيذَ العملية، رغمَ عدمِ وجودِ أدلةٍ وبراهين تدعمُ هاتيْن الروايتيْن.
نأتى كذلك إلى أزمةِ تآكُلِ الاحتياطى النقدى وارتفاعِ سعرِ الدولار رسميًا وفى السوقِ الموازية، ألم نتآمرُ على أنفسِنا فى هذا الصدد، ألم نكن شرارةُ ارتفاعِ سعرِ الدولار فى السوقِ الموازية بعد سيطرةِ البنكِ المركزى عليها صادرةً عن أحدِ وزراءِ حكومةِ المهندس إبراهيم محلب الذى قالَ فى مؤتمرٍ اقتصادى مهم إن الدولةَ سوف تُخَفِضُ قيمةَ الجنيه، ولم يخرجُ من يكذبُ هذا التصريح، بل وكُوفئَ الوزيرُ بالاحتفاظِ بمنصبِه الوَزارى فى حكومةِ المهندس شريف إسماعيل، ألم يخرجُ علينا رجلُ أعمالٍ ذو شأن ليقولَ إن الدولار سيصلُ إلى ١٣ جنيهًا وأنه أغلقَ خمسة من مصانعِه لعدمِ وجودِ الدولار، ألم يخرجُ أحدُ مقدمى برنامج «صباح الخير يا مصر» فى تليفزيونِ الدولة عند عرضِ فقرةِ «الصحافةِ الخفيفة» وكان يقرأُ خبرًا عن انهيارِ سعرِ الدولار فى السوقِ الموازية بعد تعيينِ محافظٍ جديد للبنكِ المركزى والقبضِ على حسن مالك أحدِ أجنحةِ الإخوان وشركاتِ صِرافاتِهم التى تعملُ على تفاقمِ أزمةِ الدولار، فإذا بزميلِتِه تقولُ له «أنا باحلم إن الدولار يبقى بخمسة جنيه» فيردُ عليه المذيعُ قائلاً: « لا.. دى صحوة مؤقتة .. ده الدولار هيبقى بـ ١٣ جنيه خلال الستة أشهر القادمة»!.
صدقونى.. ليسَ أعداؤنا فى الخارج أو جماعاتُ الإرهابِ فى الداخل هم من يتآمرونَ علينا فقط.. بل نَحْنُ أيضًا مَنْ يَتَآمَرُ عَلَيْنَا!؟.
يجبُ أن ندركَ أننا حين نشيرُ بإصبعٍ واحد إلى من يتآمرون علينا، فإننا نشيرُ بأصابعنا الأربعة المتبقية إلى أنفسِنا، يجبُ أن ندركَ أننا نشاركُ فى المؤامرة التى تُرْتَكَبُ فى حقِ مِصر طوالَ العاميْن الماضييْن.. نشاركُ فيها على مستوى الدولة والإعلام والأفراد، ولا شكَ أنه توجد دلائلُ كثيرة وواضحة على هذا لكلِ ذى عينيْن، ولكننا نُؤْثِرُ أن نتغاضى أو بالأحرى نتعامى عنها.
ولو عدنا لمشهدِ الأيامِ الأولى من ثورةِ ٣٠ يونيو، نجد أن الإخوانَ نجحوا منذ اللحظةِ الأولى فى الترويج خارجيًا لمظلوميتِهم الجديدة، فى حين فشلَ الإعلامُ المصرى الرسمى وغير الرسمى الناطقُ بالعربية أو غيرها وفشلت أجهزةُ الدولة الممثلة فى سفاراتنا بالخارج والهيئة العامة للاستعلامات والإعلام الخارجى التابع لها فى الدفاعِ عن الثورة المصرية وإرادة الشعب المصرى، وهكذا عانينا طويلاً بعد ثورة يونيو من فشلٍ مُريعٍ للإعلامِ وأجهزةِ الدولة فى مقابلِ نجاحٍ ساحق لجماعةِ الإخوان وتنظيمِها الدولى.. ومن حيث لا ندرى فإننا تآمرَنا على أنفسِنا بوضعِنا الدولةَ المِصرية وإرادةِ الشعبِ المصرى فى الثورة والتغيير فيما يشبهُ العزلةَ الدولية، لأن دولاً عديدة تبنت وجهةَ النظرِ الإخوانية فيما حدثَ فى ٣٠ يونيو، ولولا محاولاتُ الرئيسِ الحثيثة والمتعددة وأسفارِه هنا وهناك لكسرِ هذا الحصارِ المفروض على الدولة لكنا فى وضعٍ مؤسف وأكثرَ إيلامًا مما نحن عليه.
نضربُ مثالاً آخر بحالةِ التفاؤلِ والأمل فى غدٍ أفضل للمصريين بعدَ ثورةِ ٣٠ يونيو وإسقاطِ جماعةِ الإخوان، ذلك الأملُ الذى زرعَه الرئيسُ السيسى فى صدورِ الناسِ وقلوبِهم وعقولِهم، ذلك الأملُ الذى رقصَ الشعبُ من أجلِه فرحًا فى الانتخاباتِ الرئاسية الماضية.. وبدلاً من أن يُرَاكِمَ الإعلامُ هذا الأمل لننطلقَ جميعًا نحو مرحلةِ بناءِ الوطن، وجدنا الإعلامَ يلعبَ دورَ المثبطِ لنموِ الأمل، بل وعملَ على تآكلِه ببذرِ بذورِ التشكيك وعدمِ اليقين تارةً، وبالمبالغاتِ الحمقاء التى أدت إلى تحليقِ الناس فى خيالاتِ العَيْشِ الرغدِ دون أن يبذلوا مجهودًا حقيقيًا من أجلِ ذلك.. لقد قامَ الإعلامُ برفعِ سقفِ توقعاتِ الناس لما قد يطرأُ على حياتِهم من رخاءٍ بعدَ المؤتمرِ الاقتصادى فى شرمِ الشيخ، وبعدَ افتتاحِ قناةِ السويس الجديدة، وهو أمرٌ يعلمُ الاقتصاديون والمثقفون أنه غيرُ حقيقى وأن هذه مبالغاتٌ إعلامية ممقوتة للردِ بحُمْقٍ على تشكيكِ الإعلامِ الإخوانى فى قيمةِ هذه الإنجازات، وهو ما أوقعَ غالبيةَ الشعبِ من البسطاء فى هذه الغِوَايةِ الإعلامية التى أدت إلى إحلالِ اليأسِ مكانَ التفاؤل وإلى الإحساسِ بالإحباط بدلاً من الشعورِ بالأمل.. إن الإعلامَ هو المسئولُ الأول عن هذا التلاعبِ بالمِزَاجِ العامِ للمصريين.
وعِلاوةً على ذلك، فإننا لا يمكنُ أن نتجاهلَ أن الإعلامَ قد فاقمَ أزماتِنا التى واجهنَاها فى الفترةِ الماضية، فالإعلامُ هو من تبنى روايةَ الجماعاتِ الإرهابية فى سيناء فى المعركة التى خاضَتها القواتُ المسلحةُ المصرية الباسلة فى سيناء فى أول يوليو الماضى ضِدَ قوى الظلام، وبثَ الإعلامُ روحَ اليأسِ والقنوط بعدما بالغَ فى أعدادِ الشهداءِ الذين وقعوا فى صفوفِ الجيشِ المصرى، لندركَ بعدَ إعلانِ البيانِ الرسمى للقواتِ المسلحة أن كلَ ما روجَه الإعلامُ لم يكن سوى محضَ أكاذيب.. الإعلامُ أيضًا هو من استبقَ التحقيقاتِ المتعلقة بالطائرةِ الروسية المنكوبة وتبنى رواياتٍ غربية لا أصلَ لها من احتمالِ أن تكونَ الطائرةُ قد تعرضت لحادثٍ إرهابى، ونَشَرَ بيانَ «ولايةِ سيناء» تتبنى فيه تنفيذَ العملية، رغمَ عدمِ وجودِ أدلةٍ وبراهين تدعمُ هاتيْن الروايتيْن.
نأتى كذلك إلى أزمةِ تآكُلِ الاحتياطى النقدى وارتفاعِ سعرِ الدولار رسميًا وفى السوقِ الموازية، ألم نتآمرُ على أنفسِنا فى هذا الصدد، ألم نكن شرارةُ ارتفاعِ سعرِ الدولار فى السوقِ الموازية بعد سيطرةِ البنكِ المركزى عليها صادرةً عن أحدِ وزراءِ حكومةِ المهندس إبراهيم محلب الذى قالَ فى مؤتمرٍ اقتصادى مهم إن الدولةَ سوف تُخَفِضُ قيمةَ الجنيه، ولم يخرجُ من يكذبُ هذا التصريح، بل وكُوفئَ الوزيرُ بالاحتفاظِ بمنصبِه الوَزارى فى حكومةِ المهندس شريف إسماعيل، ألم يخرجُ علينا رجلُ أعمالٍ ذو شأن ليقولَ إن الدولار سيصلُ إلى ١٣ جنيهًا وأنه أغلقَ خمسة من مصانعِه لعدمِ وجودِ الدولار، ألم يخرجُ أحدُ مقدمى برنامج «صباح الخير يا مصر» فى تليفزيونِ الدولة عند عرضِ فقرةِ «الصحافةِ الخفيفة» وكان يقرأُ خبرًا عن انهيارِ سعرِ الدولار فى السوقِ الموازية بعد تعيينِ محافظٍ جديد للبنكِ المركزى والقبضِ على حسن مالك أحدِ أجنحةِ الإخوان وشركاتِ صِرافاتِهم التى تعملُ على تفاقمِ أزمةِ الدولار، فإذا بزميلِتِه تقولُ له «أنا باحلم إن الدولار يبقى بخمسة جنيه» فيردُ عليه المذيعُ قائلاً: « لا.. دى صحوة مؤقتة .. ده الدولار هيبقى بـ ١٣ جنيه خلال الستة أشهر القادمة»!.
صدقونى.. ليسَ أعداؤنا فى الخارج أو جماعاتُ الإرهابِ فى الداخل هم من يتآمرونَ علينا فقط.. بل نَحْنُ أيضًا مَنْ يَتَآمَرُ عَلَيْنَا!؟.