الخميس 07 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

قضية الأستاذة صفاء عبدالمنعم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا أعرف الكاتبة والأديبة صفاء عبدالمنعم شخصيا، أعتبر نفسى واحدًا من قراء إبداعها، ومتابعى جهودها فى المدرسة التى تعمل بها، أشعر بأنها تحمل قدرا كبيرا من اسمها، تتعامل مع الحياة بصدر رحب وقلب متفائل وعقل راجح.. وكم تساءلت: متى أرى تكريما لهذه الكاتبة والمربية الفاضلة؟
لم أجد شيئا مما أنتظره، وجدت ما يمكن أن أضيفه إلى العبث الشديد الذى نعانى منه فى كل مكان يحيط بنا، لا أحتاج تعاطفا الآن، أحتاج فقط بعض الصبر، لنقرأ جانبا من قصة الكاتبة صفاء عبدالمنعم.
الحكاية بدأت منذ العام ٢٠٠٩، تمت ترقيتها إلى وظيفة مدير مدرسة، وكان هذا بناء على اختيار زملائها، كان هناك من هم أكبر وأقدم منها، لكن زملاءها وجدوا أنها الأنسب والأحق بالمنصب، تحملت عبء الإدارة فى إحدى مدارس بولاق أبوالعلا، وهى تحديدا المدرسة الموجودة بجوار مبنى وزارة الخارجية بشارع ٢٦ يوليو، وحدث بجوارها تفجير بولاق الشهير فى أول يوم دراسى العام الماضى.
لم تهتز صفاء عبدالمنعم فى هذا اليوم، أدارت الأمر بحكمة واقتدار، وبتعاون مع المدرسين، لم تحدث أى مشكلة لأى طالب، رغم محاولة اقتحام المدرسة من بعض المندسين لإحداث هرج ومرج فى الشارع وتخريج الطلاب بالقوة، وقفت صفاء كالوحش الكاسر، قررت ألا يقترب أحد من طلابها، وبالفعل خرج الطلاب جميعا بسلام، بتعاون مع بعض أولياء الأمور والمدرسين.
خلال السنوات التى قضتها صفاء عبدالمنعم فى المدرسة حولتها إلى واحة إبداع كاملة، أقامت ورشة لتدريب التلاميذ الموهوبين منذ ٣ سنوات لمراحل ابتدائى وإعدادى وثانوى، وكانت ورشة ناجحة بفض تعاون زملائها فى إدارة الموهوبين، واستضافت الورشة الكاتبتين ابتهال سالم ونجلاء علام، والكاتب عبده الزارع، وفنانة الكاريكاتير شويكار خليفة، ليحكوا عن تجربتهم الإبداعية وهم أطفال، وكيف نمت التجربة ومن ساعدهم من المعلمين، وقرأوا بعض أعمالهم، وسمعوا أعمال الأطفال وعلقوا عليها.
بعد هذه التجربة المتميزة تم اختيار صفاء عبدالمنعم لإدارة مدرسة فى منطقة الزمالك، رفضت الاختيار فى البداية، أرادت أن تكمل ما بدأته فى مدرسة بولاق أبوالعلا، لكن فى النهاية بعد الإلحاح والإقناع وافقت، وذهبت إلى هناك منذ حوالى شهرين فقط.
كانت أعمال الصيانة فى المدرسة الجديدة تتم وقتها بمعرفة هيئة الأبنية التعليمية، وفى يوم من الأيام فوجئت بأنها مطلوبة فى نقطة شرطة قصر النيل، أرسلت مندوبا من المدرسة، لتعرف أن مهندسة الحى حررت لها محضرا باسمها، وتم تغريمها ١١.٥ ألف جنيه، والسبب المعلن أنها لم تأخذ إذنا من الحى بترميم المدرسة، رغم أنها تسلمت العمل فى ١٦ أغسطس ٢٠١٥، وكانت هيئة الأبنية التعليمية هى التى تقوم بالعمل، ولا معرفة لصفاء بما جرى فى عهد المدير السابق للمدرسة.
كانت صفاء عبدالمنعم قد اتفقت مع مدير الإدارة التعليمية ومدير التعليم الإبتدائى على تقسيم التلاميذ على دفعتين، وتشغيل مبنى واحد فقط لحين الانتهاء من ترميم المبنى الرئيسى.
فى ١ أكتوبر ٢٠١٥ فوجئت بولى أمر طالب يتحدث معها فى الطابور، ويسألها: كيف تفتح المدرسة وبها إصلاحات؟ واتهمها اتهامات باطلة، مدعيا أنه ربما يسقط المبنى على التلاميذ، طلبت صفاء من ولى الأمر إما أن يترك ابنه فى الطابور، وإما أن يأخذه معه، وطلبت من المدرسين تشغيل الطابور.. فعلت ذلك لأنها أرادت ألا تحدث بلبلة فى المدرسة.
بعد شهر كامل وفى ١ نوفمبر ٢٠١٥، فوجئت صفاء عبدالمنعم بأن ولى أمر الطالب كتب فيها شكوى وأرسلها إلى مكتب وزير التعليم، وأرسلتها الوزارة إلى المديرية، وبدورها أرسلتها المديرية إلى الإدارة التى استدعتها للتحقيق فى الشكوى.
الغريب أن ولى الأمر كتب فى الشكوى أن صفاء عبدالمنعم قامت بسبه وقذفه، وطلبت من الأمن أن يخرجه من المدرسة بطريقة مهينة، مما سبب لابنه ألما نفسيا شديدا.
لا يمكن لأحد أن يصدق أن صفاء عبدالمنعم فعلت ما يدعيه ولى الأمر، فلسانها عف، وسلوكها راق، وأعتقد أنها أكثر حرصا على التلميذ من ولى أمره، ثم إن المدرسة لا يوجد فيها أمن، فكيف طلبت من هذا الأمن غير الموجود أصلا أن يخرج ولى الأمر بطريقة مهينة.
لقد نشر ولى الأمر شكواه فى إحدى الصحف فى ٢٨ أكتوبر ٢٠١٥، وأرفق المنشور مع شكواها، معتقدا أنه بذلك يعزز موقفه، رغم أن موقفه ضعيف جدا، فاتهامه باطل وكاذب تماما، فهو الذى هددها أمام المدرسين، وقال لها إنه سيشكوها، وفى لحظة انقلب الحق إلى باطل، وأصبحت السيدة الفاضلة المعتدى عليها هى المعتدية، والغريب أن ولى الأمر الشاكى عندما ذهب إلى المدرسة أعاد تهديده، وقال لهم إن الشكوى التى قدمها للوزارة هى أقل واجب يعمله.
لقد قضت الكاتبة الرائعة صفاء عبدالمنعم ٣٥ عاما من عمرها فى خدمة التعليم، ما بين مدرسة ومديرة مدرسة، وصاحبة تجربة رائدة وناضجة جدا فى تنمية مواهب التلاميذ، أعتقد أنه ليس من المناسب أن يتم التصرف معها بهذه الطريقة المشينة، أن تنحاز وزارة التعليم لولى أمر، دون التحقق مما جرى.
إننى أعرف أن الفاضلة صفاء عبدالمنعم منصفة، لا تريد أن تحصل على شيء ليس من حقها، وأعتقد أن على وزير التعليم أن يتدخل بنفسه، ليوقف هذه المهزلة، لقد تعرضت مديرة مدرسة لديك لظلم، فليس أقل من أن تتحقق من ذلك، وليس أقل من أن تستقبلها فى مكتبك، لتعرف منها بالحق اليقين ما جرى، اجعل معاونيك يذهبون إلى المدرسة ليقفوا على حقيقة ما جرى معها.
لديك يا سيدى الوزير، وأنا أعرف انحيازك لمديرة مدرسة تمثل إضافة حقيقية إلى العمل التربوى والثقافى فى مصر- لديك كاتبة لها إنتاجها وإبداعها المتميز، فلا أقل من أن تحافظ عليها وعلى حقها، فلا مستقبل لوطن يهدر قيمة وقامة أبنائه المخلصين، أنتظر منك ردا يا معالى الوزير على ما يجرى، وأتمنى ألا يطول انتظارى.