الأربعاء 02 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

العالم

كاتب بريطاني: موجة العنف التركي تنحسر قبل فوات الأوان

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قال الكاتب البريطاني روجر كوهين إن العنف السوري قد انساب عبر الحدود إلى تركيا المحتقنة فبات يحدث في أنقرة ما لم يكن يخطر على بال أهلها من قبل.
ورصد -في مستهل مقال نشرته "الـنيويورك تايمز"- قيام عناصر من تنظيم داعش بذبح صحفيَين سوريَين شابين كانا قد لاذا بالفرار من مدينة الرقة التي باتت معقلا للتنظيم الإرهابي وكرّس الصحفيان وقتهما لإدانة جرائم الدواعش الوحشية، حتى ذبحهما عناصر من هؤلاء في مسكنهما بمدينة "أورفه" "الرها" جنوب شرق تركيا على مسافة 30 ميلا من الحدود السورية، وكتب القتلة على فيديو الذبح الذي نشروه مؤخرا قائلين إن أعداءهم "لن يكونوا أبدا بمأمن من شفرة داعش".
ونقل كوهين عن صاحب مطعم كان الشابان السوريان يسكنان في الطابق العلوي له القول "الأمر مرعب؛ فهو أول عملية ذبح بشري في تركيا .. نحن معتادون على الرصاص، لكن ذبح إنسان على غرار الحيوان لم يكن يخطر يوما على بالنا."
ونوه الكاتب عن أن تنظيم داعش بات الآن منخرطا في الصراع القديم بين الأتراك والأكراد، وقال كوهين إنه رصد على مدار أيام عديدة تواجَد فيها بمناطق قريبة من الحدود السورية تسكنها أغلبية كردية - رصد غضبا مستشيطا بين الأكراد وتوقعات بمزيد من التردّي في الأوضاع الأمنية هنالك.
ورأى أن إظهار الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، على نحو يدعو للقلق، تجاهلا للدواعش قد أتاح الفرصة لهؤلاء لتدشين شبكة عمل تركية.
وتساءل الكاتب "كيف يرى اردوغان الذي هو من الناحية النظرية حليف أمريكي يرأس دولة عضوة في حلف الناتو - كيف يرى تنظيم داعش؟" وأجاب كوهين قائلا إن اردوغان يعتبر داعش عنصرا مفيدا في مواجهة ألد أعداء تركيا: الأكراد الذين استولوا على قطاعات عريضة من شمال سوريا وأقاموا حكما ذاتيا في منطقة يطلقون عليها اسم "كردستان السورية"، الأمر الذي ضخّم شبح كردستان في كابوس الجمهورية التركية، على حد تعبير الكاتب.
وعزا كوهين إلى ذلك غض اردوغان الطرف وتقاعسه عن الرد على هجمات داعش في مدينة السروج الحدودية ذات الأغلبية الكردية في يوليو الماضي، وكذلك هجوم التنظيم في أنقرة في أكتوبر المنصرم.
ورصد الكاتب تصريحا أدلى به رئيس وزراء اردوغان، داوود أوغلو عقب هجوم أنقرة، مفاده بأن الحكومة كان لديها قائمة بأسماء انتحاريين من المحتمل أن ينفذوا عمليات لكن لم يتسن لها اعتقالهم لأنها "كدولة يحكمها القانون، لا يمكن أن تلقي القبض على مشتبه بهم لم يرتكبوا جرما بعد" .. وعلق كوهين قائلا إن هذه الكلمات قيلت على الرغم من اعتقال عدد لا يحصى من الأكراد في الفترة بين عمليتي الانتخابات في يونيو الماضي ونوفمبر الجاري.
ورأى كوهين أن اردوغان يعتبر حزب العمال الكردستاني هو التنظيم الإرهابي الأخطر الذي حارب تركيا في حقبة الثمانينيات والمرتبط بالميليشيات الكردية في سوريا والمصّنف تنظيما إرهابيا من جانب أمريكا .. وقد تعهد أردوغان المشبّع بروح النصر في الانتخابات الأخيرة بمحاربة عناصر حزب العمال الكردستاني حتى يلقوا بأسلحتهم أرضا "وتُصب خرسانة فوقها".. أما تنظيم داعش بالمقارنة، فليس موضوعا لمثل تلك اللغة أو الفعل الحازمين من جانب اردوغان.
ونقل الكاتب عن السياسية الكردية البارزة "غلتان كيزاناك" رئيسة بلدية مدينة "ديار بكر" في جنوب البلاد، وهي كذلك عضو في حزب الشعوب الديمقراطي الذي تراجعت نسبة حصيلته من الأصوات في انتخابات نوفمبر مسجلة 7. 10 من 1. 13 بالمئة كان أحرزها في انتخابات يونيو - نقل عنها القول "بات تنظيم داعش قوة كبرى بفضل سياسة الانفتاح التي تنتهجها أنقرة مع التنظيم.. الدواعش يخوضون حربا بالوكالة ضد عناصر "كردستان السورية" وهم يحصلون في حربهم تلك على كافة أنواع الدعم من أنقرة."
وأكد كوهين أن المسألة تتعلق باستهداف الأكراد، وأن حزب العمال الكردستاني ارتكب خطأ كبيرا عندما رد على هجمات مدينة السروج بقتل شرطيين تركيين؛ فالعنف سيصب في صالح اردوغان الذي شرع بدوره في سلسلة عنيفة من التفجيرات ضد معاقل حزب العمال الكردستاني في شمال العراق وفي داخل تركيا بنفس درجة العنف، كما أن ديار بكر وغيرها من المناطق ذات الأغلبية الكردية في الجنوب الشرقي تعرضت لفرْض حظر تجوال متقطع، علاوة على أن محاولات إقامة حكم ذاتي في مناطق بعينها قد باءت بالفشل.
ونقل كوهين كذلك عن المحلل والمحاضر السياسي التركي "سولي أوزيل" القول إن "اردوغان مرعوب ويتعامل مع الوضع عبر إرعاب الجميع أكثر منه."
وقال كوهين إن اردوغان بحاجة إلى أن يعود لطاولة التفاوض مع الأكراد، وأن يتعامل بجدية مع مسألة محاربة تنظيم داعش داخل تركيا وخارجها، وأن يؤّمن عملية تحقيق شفافة ونزيهة في عمليات القتل الوحشية التي شهدتها مدينتا السروج وأنقرة، وأن يوقف حملته القمعية على الصحافة.. ودعا الكاتب الرئيس الأمريكي أوباما إلى الضغط على حليفه التركي على كافة تلك الأصعدة.
ونبّه إلى أن تركيا هي أمّة مكونة من خليط فسيفسائي متجانس من الأعراق والمذاهب ولا يمكن اختزالها في مذهب اردوغان السُنّي.. وحذر كوهين من النتائج العكسية التي يأتي بها التعصب وعدم التسامح على غرار ما حدث في سوريا.
ونقل في هذا الصدد عن أحمد ترك رئيس بلدية مدينة ماردين الجنوبية، القول "إنهم ينكرون على الأكراد حقهم حتى في مجرد التنفس.. الأكراد لا ينزعون إلى العنف، لكن ما لم يتوقف اردوغان فإن الأوضاع قد تشهد مزيدا من التردي."
واختتم كوهين مقاله "إن موجة العنف التركي يجب أن تنحسر الآن قبل فوات الأوان".