الخميس 07 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

كاميرون.. مؤامرة الغلام الإنجليزى

عن الذئب الذى سيذهب إلى مزبلة التاريخ

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يمكن أن يزيد إعجابك أكثر به، لأنه أخذ قراره ضد مصر، والرئيس عبد الفتاح السيسى ضيفه لا يزال موجودًا على أرضه، كان يمكنه أن يؤجل الحوار ولو قليلًا، على الأقل من باب اللياقة السياسية، لكنك ستقطع الطريق علىّ، وتقول إن مصالح الدول لا لياقة فيها، وإن الرئيس عبد الفتاح السيسى، كان يجب أن يتخلى عن لياقته السياسية، ويقطع الزيارة، كما نصحه مستشاره ومرافقوه، فما كان له أن يظل في بيت الإنجليزى، وأهله يتعمدون هدم البيت المصرى على رأس أصحابه. 
هذا الإعجاب سيكون في محله تمامًا، لو أبداه مواطن إنجليزى بارد، يهتم بنفسه ولنفسه، حتى لو ذهب العالم كله إلى الجحيم، فالنار لم تصل إلى حجرته، بل أحرقت بيوت ٢٢٤ بيتًا روسيًا، لكن إنجلترا هي التي تحركت، هي التي بدت كرأس حربة، في حرب غير مقدسة على مصر وأهلها. 
ديفيد كاميرون درس الفلسفة والسياسة والاقتصاد، بمقاييس النجاح التقليدية، هو سياسي ناجح، فهو فعليًا أصغر رئيس وزراء في تاريخ بريطانيا، ولد عام ١٩٦٦، وقبل أن يصل عامه الثالث والأربعين أصبح رئيسًا للوزراء. 
سماته الشخصية، لا تضع أيدينا على رجل عظيم، فهو يتمتع ببرود أعصاب لا ينافسه فيه أحد، به أيضًا بعض من اللامبالاة والاستهتار، وحتى لو اعتبرته قويًا ومؤثرًا، لأنه نجح في فرض إقرار زواج المثليين رغم معارضة معسكره السياسي في حزب المحافظين، فإن ذلك في النهاية لا يعتبر انتصارًا كاملًا، فهو يلعب حتى بالأخلاقيات سياسة. 
ومن هنا تحديدًا يمكن أن نمسك بناصية الكلام عن ديفيد كاميرون، فهو براجماتى من الدرجة الأولى، ولأنه كذلك، وبسبب ضعفه وتردده، فإنه يترك قياده لآخرين، ينفذون من خلاله ما يريدون، يدفعون به في مقدمة الصورة، ويظلون هم خلف الستار يحركونه. 
لحقت بصورة كاميرون رتوش كثيرة، فمرة يتحدث عن صلة قرابة تربطه بنجمة تليفزيون الواقع الأمريكية كيم كاردشيان، ففى مقابلة تليفزيونية قال إنه ابن العم الـ ١٣ لكاردشيان، تسلسلًا عبر ٤٠٠ عام من ابنتى السير ويليام سبنسر، المولود عام ١٥٥٥ بإنجلترا، حيث ترك عام وفاته في ١٦٠٩ ابنين و٤ بنات من زوجته مارجريت بوير. 
تفاصيل نسب العائلة الكريمة ليس مهمًا أبدًا بالنسبة لى، لكن اللافت للانتباه، أن رئيس وزراء إنجلترا في لحظة بعينها يفاخر بقرابته من ممثلة رديئة بلا قيمة، اللهم إلا إذا كان تاريخها الجنسى من بين ما يسعد الشاب الوسيم.
فضائح كاميرون الجنسية نفسها، كانت سببًا في بعض الأرق الذي أحاط به، ففى كتاب «سيرة غير مرخص لها» تعرض المليادرير «لورد آشكروفت» النائب السابق لزعيم حزب المحافظين، لاتهام كاميرون بشكل مباشر بارتكاب تجاوزات خلال سنوات دراسته في جامعة أكسفورد، والمشاركة في حفلات ذات طابع جنسى. 
الضربة الاستباقية لكاميرون جاءته من جريدة «الديلى ميل». فقد عرضت لبعض تفاصيل الكتاب قبل صدوره، ومن بين ما جاء فيه، أن كاميرون داعب جنسيًا خنزيرًا نافقًا خلال سهرة أقامتها جمعية سرية في أكسفورد، تعرف باسم «بيرس جافيتسون» المتخصصة في الطقوس الغريبة والخلاعة الجنسية. 
تعاملت الصحف البريطانية مع كاميرون على أنه الصيد الذي دخل الشبكة بقدميه. 
صحيفة إكسبريس نقلت عن رفيق لكاميرون في أكسفورد اسمه «جيمس ديلنجبول» قوله إن ديفيد كان يفضل تدخين الماريجوانا. 
ستقول إن شيئًا من هذا لا يعيبه، فسلوك السياسي الشخصى، لا يدينه على الإطلاق، طالما أنه حقق نجاحًا ملحوظًا في حياته العملية، ولست محتاجًا لأن أقول لك، إننى لم أسع وراء هذه المعلومات عن كاميرون، حتى أدينه، أو أقول إنه منحرف، فهذا لا يشغلنى تمامًا، أنا فقط أحاول رسم صورة مقربة للرجل الذي كان سببًا في تفجير أزمة، فعليًا ليس له علاقة بها من قريب أو بعيد. 
فالطائرة التي سقطت روسية على أرض مصرية، التسجيل في أيرلندا، والتصنيع في ألمانيا، والتصميم في فرنسا، ما علاقة إنجلترا إذن؟ 
ستقول ببساطة إن رئيس الوزراء البريطانى يريد أن يحافظ على أرواح رعاياه، لا يريد أن يتركهم فريسة في أرض، يسقط الإرهابيون فيها الطائرات بدم بارد، وعنده الحق في ذلك، وساعتها سأقول لك: لو كان هذا ما أراده حقًا لما استبق الأحداث، وهذا إجمال يحتاج إلى بعض التفصيل. 
قبل أن يتحدث العالم بشىء، بدأت الآلة المخابراتية الإنجليزية في العالم، كانت أول من ألقى بحكاية ترجيح عملية إرهابية وراء سقوط الطائرة، وبدأ الإعلام الذي بدا في لحظة وكأنه إعلام بير سلم، يؤكد سيناريو الحادثة وكأنه يمتلك الدليل عليها. 
كان يمكن للسيد كاميرون أن يمرر المعلومات التي لديه، هذا إذا كانت لديه معلومات دقيقة وصحيحة، إلى جهة التحقيق المصرية، التي تباشر العمل في الحادث، كان يمكن أن يتشاور مع الجانب المصرى، الذي كان موجودًا على أرضه، لكن الطريقة التي أعلن بها قراره، تشير إلى مؤامرة كانت تحاك ضد مصر. 
المواطن الإنجليزى لم يكن الهدف الأسمى لكاميرون، فهو مواطن لا يرضى عن كاميرون ولا عن أدائه بدرجة كبيرة، فهناك عريضة يتم تداولها الآن لسحب الثقة منه. 
روسيا اليوم أشارت في تقرير نشرته مؤخرًا إلى أن بريطانيين بدءوا الدعوة للتوقيع على العريضة من ١ نوفمبر الجارى، كان المطلوب أن يوقع على العريضة ١٠٠ ألف بريطانى، فقط، لكن المفاجأة أن التوقيعات تجاوزت ١٢٠ ألفًا في أيام قليلة. 
اتهام كاميرون في العريضة واضح جدًا، فقد اتهموه بأنه تسبب في الدمار ووصول البريطانيين إلى أشد معدل فقر منذ توليه منصبه قبل خمس سنوات، ويقول رعايا الغلام الإنجليزى إنهم لا يمكنهم أن يتحملوا خمس سنوات أخرى من حكمه، خاصة بعد ما فعله في نظام الرعاية الاجتماعية، وبما خلفه وراءه من حالة فقر شديدة في المملكة المتحدة. 
كاميرون ليس المسئول المخلص لرعاياه إذن، وليس المنقذ الذي يحميهم مما يراد بهم، ولذلك فحديثه عن أرواح رعاياه أمر فيه شك. 
ستقولون: تانى نظرية المؤامرة؟ 
سأقول لكم تانى وتالت ورابع. 
والسبب بسيط جدًا، فإذا كنت ترى ما حدث في العراق من تقسيم، وما جرى في ليبيا من تفتيت، وما أحدثوه في اليمن من تخريب، وما ينتظر سوريا من تقطيع، فلا يجب أن تصم آذانك، وتقول إنهم لا يتآمرون على مصر، فهم يفعلون ذلك ومبكرًا جدًا. 
ولأنه لا شىء يتغير، فإن إنجلترا تلعب دور الغلام التابع لسيده، تأخرت أمريكا في إعلان ما عندها، لكنها بعد أن احتلت بريطانيا صدارة الصورة، بدأت ترمينا بما لديها، وتتحدث عن معلومات، ودردشات تم الاستماع إليها قبل تفجير الطائرة، وللمرة الثانية، طالما أن لديهم معلومات فلماذا لم يقدموها إلى جهات التحقيق؟ 
لكن من قال إنهم يريدون تقديمها، إنهم يريدون إحكام الخناق حول رقبة دولة، قرر أبناؤها أن يختاروا مصيرهم، ويحددوا شكل الدولة التي يحلمون بها، ويرفضون أي محاولات تقسيم أو تفتيت لوطنهم. 
■ ■ ■
ملامح المؤامرة واضحة تمامًا. 
مشاهد إجلاء المواطنين البريطانيين كان لها هدف واحد، أن يتم تصوير واحة السلام الكبرى في العالم «شرم الشيخ» على أنها أصبحت أرض حرب، أو على أقل تقدير، أرضًا تنتظر الحرب، وما يعقب ذلك من كسر ظهر البلد اقتصاديًا. 
ليس من عادتي أن أكرر كلامًا لا أقتنع به، لكنهم حاولوا تركيع مصر، حاولوا أن يدخلوها في فوضى عارمة، جاءوا بالإخوان المسلمين، الذين وقعوا على بياض، كانوا على استعداد كامل لأن يبيعوا أي وكل شىء، من أجل أن يبقوا، ولما أوقفت ٣٠ يونيو ما خططوا له، بدأت المؤامرة تبحث عن صيغة جديدة. 
ما الذي يمكن أن يفعلوه؟ 
بحثوا كثيرًا عن فرص جديدة لنشر الفوضى، دفعوا بالجماعات الإرهابية التي صنعوها على أعينهم، لتشتبك مع الجيش والشعب، ولما خاب مسعاهم، وبدأت الجماعات الإرهابية في التشتت وعلى رأسها داعش، ومن بايعها هنا في مصر، كان لابد من بحث عن مخرج جديد، فرأوا أن تجويع مصر، وحصارها وخنقها اقتصاديًا، هو ما يمكن أن يدفع الشعب إلى الثورة على النظام الجديد، معتقدين أنهم يمكن أن يشطروا الجيش والشعب نصفين، فتتحول مصر إلى غابة من الفوضى، فيسهل سقوطها. 
هذا ما يريدون فعله الآن، ولأن الذئب الإنجليزى يضع خدماته تحت أقدام أمريكا ومن يشايعها في مخططها ضد مصر، فقد بدأ كاميرون بنسج الخيط الأول من المؤامرة. 
الانحطاط ليس جديدًا على إنجلترا، فعلوها في العراق، تورط تونى بلير حتى أذنيه مع كفيله الأمريكى جورج بوش الصغير، وبعد كل هذه السنوات عاد ليعتذر معترفًا بتسبب الغزو في ظهور تنظيم داعش، ظل بلير مصرًا لأكثر من ١٢ عامًا على أنه لم تحدث أخطاء في غزو العراق، لكنه عاد ليقول إنه يعتذر عن المعلومات المخابراتية الخاطئة التي قادت إلى هذه الحرب. 
قال نصًا: أعتذر عن أننا تلقينا معلومات استخباراتية خاطئة، وأعتذر عن ارتكاب أخطاء في التخطيط، وتوقع ما سيحصل بعد إسقاط النظام القائم. 
وكما لعبت بريطانيا في العراق لعبت أيضًا في ليبيا، وطبقًا لتقارير صحفية نشرها موقع «إيلاف»، فإن بريطانيا مارست الخداع في ليبيا، وأعطى رئيس وزرائها ديفيد كاميرون موافقته على خطة أعدها جهاز المخابرات الخارجية البريطانية لتقسيم ليبيا، لكنه في الوقت نفسه كان قد أرسل دبلوماسيين وجواسيس في محاولة لحماية موقف بريطانيا في حالة دخول الثورة الليبية طريقًا مسدودًا، وترصد تقارير مخابراتية أمريكية أن جواسيس المخابرات البريطانية أجروا محادثات مع سيف القذافى بشأن العلاقات المستقبلية بين البلدين، إذا تسلم مقاليد السلطة من والده ونفذ إصلاحات. 
■ ■ ■
إننى لا أكشف مؤامرة هنا... أنا فقط أشير إليها، أنبه إلى ما جرى، وإلى ما سيجرى، فنحن أمام سياسي منحط، فاشل سياسيًا، يريد أن يعوض فشله السياسي على حساب أمة، تموت ولا يضيع تراب أرضها. 
ليتآمر الأمريكان والإنجليز كما يريدون... إنهم يعرفون جيدًا أن هذه الأرض مقبرة للغزاة، لكن يبدو أنهم لن يتأكدوا مما يعرفونه إلا بعد أن يذوقوه بأنفسهم... وليس هذا ببعيد.