الأحد 24 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

المصلوبون على حوائط الكراهية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رصاص لفظى، تخويفات وتحذيرات جمة، وتحريض سافر وغير مسبوق على أصحاب مُعتقد مُغاير باعتبارهم الخطر الأعظم تجاه الإسلام، فى بلد لم يتلون فى التاريخ أبدا، وحافظ على وسطيته وسماحة أبنائه قرونًا من الزمان.
عن الشيعة أكتب، هؤلاء المرجومون بُكل نقيصة، الملعونون على كُل منبر، المُخونون دائمًا وأبدا.
هل صار التشيع خطرًا عظيمًا على مصر لدرجة أننا نتحسس مُسدساتنا كُلما سمعنا لفظ «آل البيت»؟ هل يوجد مُخطط ماسونى صهيونى إيرانى لتشييع مصر ودفع أهلها لتغيير مُعتقدهم؟ ولو صدقنا ذلك، فهل مثل هذا المُخطط كفيل بالفعل بشرذمة المصريين وتقسيمهم وتغيير مسارهم عن صحيح الدين؟ الشيعة الآن فى مصر حائط السباب واللعن الأول، هُم الشيطان الأعظم، والخطر الدائم، والعدو الغادر، والفتنة الكُبرى، وكأن سبهم وحظرهم وقهرهم هو سلالم التقدم لمصر التى قضت قرونًا فى الوسطية والتمدن.
إننى أتعجب من حملات تشهير وتشوية متعمدة تصدر عن جهات المفترض أنها رسمية فى مصر تجاه الشيعة، وكأن كُل شيعى عميل لإيران، وكأن الدستور المصرى لم يكفل للمصريين حرية الاعتقاد، وكأن عقيدة السنة متلجلجة فى نفوس أصحابها لدرجة الانسلاخ منها لو دخل شيعى واحد إلى مصر.
أستغرب انسياق مؤسسات الدولة وراء صيحات المُتسلفنين غير العقلانية والتى تصُب صبًا فى بث الكراهية، ورفض الآخر، والتحريض على العنف.
لقد احتشد الغوغاء قبل أكثر من عامين حول حسن شحاتة أحد الدعاة الشيعة فى منزل بسيط بمحافظة الجيزة وشتموه ولعنوه، ثُم أخرجوه من بيته وأوسعوه ضربًا بالأيدى والأقدام ثُم جرجروه على الأرض وصبوا عليه العذاب حتى لفظ أنفاسه الأخيرة فى واقعة تُعادل همجية القرون الوسطى. وقتها كانت الدولة المصرية بأيدى الفاشية الدينية ولم تتدخل، مُهدية إلى المُتسلفنين جثة داعية شيعى باعتبارها جائزة كُبرى توجب الرضا عن نظام الحكم الإخوانى.
أما الآن فلا يصح بأى حال استمرار حملات التحريض والكراهية، وتكرار اشمئزاز مؤسسة الأزهر من الشيعة، وتحذيرات الخبراء الاستراتيجيين من خطر الشيعة الداهم، بل وإغلاق الحكومة لمشهد الحسين فى ذكرى عاشوراء. لقد صلبناهم صلبًا على حوائط الكراهية المُنزرعة فى نفوسنا قهرا. إن مصر يا سادة كانت دولة شيعية لأكثر من مائتى سنة إبان حكم الدولة الفاطمية فى الفترة من القرن العاشر إلى الثانى عشر الميلادى، ورغم ذلك ظل المصريون محافظين على وسطيتهم، وسماحتهم، ولم يتشيعوا أو يشاركوا حُكامهم فى معتقدهم، حتى جاء الوزير صلاح الدين الأيوبى، ليعلن انتهاء الخلافة الفاطمية تماما من مصر دون أن يعترض مواطن واحد. وفى الألفية الثالثة أتصور أنه لا يمكن لدولة مهما بلغ تدين قادتها أن تمنع مواطنًا ما من الاعتقاد فى أى عقيدة أو دين. والله أعلم.