الجمعة 20 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

قراءة في الصحف

"ثورة" الشتاء تضرب الشرق الأوسط والعالم

ظاهرة "النينو" مستمرة حتى ديسمبر

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يشهد الشرق الأوسط والعالم موجة عاتية من الرياح الشديدة وهطول أمطار وسيول غزيرة، وكأن شتاء ٢٠١٥-٢٠١٦ قرر أن يثور ويتسبب فى خسائر بالغة، سواء فى البنى التحتية للمدن والمنشآت أو الأرواح، فخلال النصف الثانى من فصل الخريف وطوال شهرى نوفمبر وديسمبر نشهد موجة غير مسبوقة من الأمطار الغزيرة التى لم يرها العالم خلال الـ٢٠٠ عام الماضية.
ويكشف غضب الطبيعة عدم قدرة العديد من الدول على مواجهة تلك الكوارث، وهو ما حدث فى عدة مناطق، منها الإسكندرية التى تحول بعض شوارعها إلى ما يشبه البحيرات المائية، وأدت إلى قتل خمسة أشخاص رجل وولدين صعقا بالكهرباء بعد سقوط سلك الترام عليهم، والرابع صعقا عندما سقط فى حفرة امتلأت بمياه الأمطار وبها أسلاك مكشوفة، والخامس مات غرقا فى سيارته التى غمرتها المياه وجرفتها ولم يستطع الخروج منها.
ويضرب الإعصار تشابالا الأسبوع الجارى -بحسب تقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية- عدة مناطق فى الخليج العربى منها اليمن وسلطنة عمان، والذى قد يتسبب فى فيضانات وانهيارات أرضية وضرر بالبنية التحتية، خصوصا أن المنطقة لم تستعد لأحوال المناخ الصعبة من قبل.
ووفقا لصحيفة «هافنجتون بوست» الأمريكية فإن الإعصار ستصاحبه رياح تصل سرعتها إلى ١٤٣ كيلومترا فى الساعة أى عاصفة تعادل إعصارا من الفئة الرابعة، وأوضحت كلير نوليس المتحدثة باسم المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة أن خطورته تنبع من أنه يضرب منطقة غير معتادة، على أن تشهد مثل ذلك الطقس، مضيفة أن الرياح تمثل خطرا كبيرا، وهطول الأمطار قد يصل لأكثر من أمطار عام خلال يومين.
وشهدت عدة مدن فى المنطقة والعالم طقسا ومشاهد مماثلة للتى شهدتها مدينة الإسكندرية منها العاصمة اللبنانية بيروت التى تحولت طرقاتها إلى أنهار مائية، بعد أن غمرتها مياه أمطار غزيرة، وقام نشطاء «طلعت ريحتكم» بأنفسهم بجمع وفرز نفايات فى نهر بيروت جرفتها الأمطار الغزيرة.
كما ضربت موجة من الأمطار عدة مناطق فى العراق، وتعطلت الدراسة الأسبوع الماضى بعد غرق العديد من الشوارع الرئيسية والفرعية فى معظم مناطق بغداد، فيما حولت الأمطار الغزيرة شوارع مدينة حلب فى سوريا إلى برك وبحيرات مائية.
وفى الولايات المتحدة ضرب إعصار باتريشيا ولاية تكساس الأمريكية، وتسببت الأمطار الغزيرة فى حالة شلل تام بشوارع الولاية، فضلا عن حدوث فيضانات بسبب الإعصار الذى ضرب جنوب غرب المكسيك أيضا، ويقول ريان موى، الخبير الأمريكى فى الأرصاد، إن الساحل الشرقى من الولايات المتحدة يشهد كارثة حقيقية.
بدورها حذرت إدارة الأرصاد الجوية التايلاندية سكان الأقاليم الجنوبية، التى تعانى بالفعل من فيضانات غامرة، من هبوب رياح قوية وهطول أمطار غزيرة، مع اقتراب وصول بقايا عاصفة جانجمى الاستوائية للمنطقة، كما أصدرت وزارة الوقاية من الكوارث والتخفيف من آثارها تحذيرات شديدة بشأن إمكانية حدوث انهيارات أرضية وأمواج عاتية.
وضربت أمطار غزيرة وفيضانات ٥ مخيمات تأوى نحو ٩٠ ألف لاجئ صحراوى فى منطقة تندوف بالجزائر، مما أحدث أضرارا كبيرة، وفقا للمفوضية العليا للاجئين فى الأمم المتحدة.
وأودت الفيضانات الناجمة عن الأمطار الغزيرة غربى إيران، بحياة ستة أشخاص على الأقل، فيما اعتبر آخر مفقودا حيث ضربت الفيضانات محافظتى «إيلام» و«لورستان»، اللتين شهدتا هطول أمطار غزيرة العام الجارى، وألحقت أضرارا جسيمة بالمنشآت.
ويعزو العلماء ذلك الطقس الكارثى إلى خلل فى ظاهرة النينو التى أدت إلى عواصف وأعاصير وبرد شديد وحر شديد خلال السنوات الماضية فى كل العالم، وتتوقع النشرات الجوية مزيدا من العواصف الرعدية الأسبوع المقبل.
لم يستقل أحد
ولم تسفر الكوارث الطبيعية فى العالم عن استقالات للمسئولين، فمثلا عندما ضرب إعصار ساندى فى ٢٠١٢ الولايات المتحدة وجامايكا، وكوبا، وجزر البهاما وسواحل كندا الشرقية وهاييتى وجمهورية الدومينيكان لم تتم إقالة مسئول واحد فى تلك الدول، ولم يتقدم أحد باستقالته، رغم أن مدينة نيويورك سجلت رقما قياسيا فى ارتفاع الفيضانات، حيث بلغ ارتفاع المياه أربعة أمتار، وأغلقت الكثير من المحال والمنشآت والشوارع ووصلت الأضرار التى خلفها الإعصار إلى ما قيمته ٢٠ مليار دولار أمريكى، وتم إغلاق بورصة نيويورك لمدة يومين وإلغاء ٦١٠ آلاف و٨٠٠ رحلة جوية، وقد بلغت قوة الرياح ٢٨٠ كم فى الساعة.
وأثر الإعصار على ٢٤ ولاية على الأقل، من فلوريدا إلى نيو إنجلاند، وأدت الزوابع إلى فيضانات عديدة فى الشوارع والأنفاق وقنوات المترو فى مانهاتن السفلى وكونى آيلاند وجزيرة ستاتن، وحدثت أضرار شديدة فى نيو جيرسى.
وراح ضحيته فى الولايات المتحدة حوالى ١٣١ شخصا ووصلت قيمة الخسائر إلى ٦٣ مليون دولار، وفى هاييتى راح ضحيته ١١٤ شخصا، وفقد حوالى ١٥ ووصلت قيمة الأضرار إلى ١٠٠ مليون دولار، وفى كوبا راح ضحيته ١١، ووصلت قيمة الأضرار والخسائر إلى ٢ مليار دولار، وفى جزر الباهاما راح ضحيته شخصان، ووصلت قيمة الخسائر إلى ٣٠٠ مليون دولار، وفى كندا توفى شخصان ووصلت قيمة الأضرار إلى ١٠٠ مليون دولار، وفى الدومينيكان قتل شخصان ووصلت الخسائر إلى ٣٠ مليون دولار، وفى جامايكا راح ضحيته شخص واحد وخسائر وصلت قيمتها إلى ٥٥.٢٣ مليون دولار.
المواجهة بالتكنولوجيا
ومن ضمن الطرق التكنولوجية التى تحاول الدول بها الحد من الخسائر التى تخلفها الفيضانات التى يتسبب فيها الطقس غير المتوقع، الأسفلت الذى يمتص الماء والذى قامت شركة «توبميكس» البريطانية باختراعه، وهو مصنوع من خرسانة مسامية يمكنها مص ما يصل إلى ٤٠٠٠ لتر من الماء فى أول ٦٠ ثانية، وبمعدل ٦٠٠ لترا فى الدقيقة الواحدة للمتر المربع ويتم توصيلها مع شبكة الصرف التى ترتبط مع خزانات المياه الجوفية فى المدينة، وفى البرازيل تم ابتكار أنواع من المواد المصممة لامتصاص مياه الفيضانات والحفاظ على الطرق مفتوحة وآمنة أثناء هطول الأمطار الغزيرة، وفى أستراليا تم تطوير أنواع ذكية من بالوعات صرف المياه على الطرق، مزودة بأجهزة استشعار دقيقة للغاية يمكنها التنبؤ بالأمطار قبل هطولها وتحديد قوتها وحجمها، وبمجرد أن تبدأ فى الهطول تقوم البالوعات بفتح جزء منها من أجل تسريب المياه مباشرة وإغلاق نفسها مرة أخرى عند انتهاء فترة الأمطار، وربما تكون جاهزة للتداول خلال الأعوام المقبلة.