الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

أنا غلطان يا "بتانة"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
صوت جهورى ينادى بأعلى صوته فى بئر السلم: «أمجااااد فهمييييييييى».. يكرر النداء وسط ضجيج يملأ الشارع الذى أقطنه فى إمبابة.
تلتقط أذناى صرخات المنادى فأرد عليه: «أيوااااااااااااااا..».
- «جواااااااب».
فى تلك اللحظة التى أمسكت فيها هذا الخطاب الذى كنت أنتظره على أحر من الجمر أصبح واجباً على الاعتذار لموقع «بتانة»
أنا آسف يا «بتانة»
■ ■ ■
جلست وفتحت الخطاب لأتصفح الكتاب الذى كان يحويه، والذى كنت قد اخترته من قبل عبر موقع «بتانة».. انتابتنى حالة من الضحك وأنا أتخيل صديقى الكاتب والأديب محمود الغيطانى يسخر منى عندما يعلم وصول الكتاب لمنزلى.
كانت البداية عندما تحدث الغيطانى معى عن مشروع ثقافى جديد اسمه «بتانة» الذى يتمثل فى موقع يقوم بتقديم الكتب مجانا كهدايا للمشتركين فيه.. بل وإرسال الكتب حتى باب المنزل شرط أن يقوم المشترك بالإجابة على بعض الأسئلة الثقافية، فيحصد نقاطا على كل إجابة صحيحة يقوم بعدها باستبدالها بالكتاب الذى يريده وفق عدد النقاط التى معه.
صديقى الغيطانى كان منبهرا من الفكرة ومعجبا بها جدا.. لكننى لم أكن كذلك.. فليس من المعقول أن يقوم موقع بتوزيع كتب مجانا بل وإرسالها لمنازلنا لمجرد إجابتنا على بعض الأسئلة.. هذا ما قلته للغيطانى، ولم أخفه شكى بأن الموضوع برمته عبارة عن «ضحك على الدقون» ومجرد وسيلة لجمع مشتركين للموقع يقضون أكبر وقت فى إجابة الأسئلة، فيأخذ الموقع مركزا متقدما قد يترجم ذلك لأموال فيما بعد.. فلا توجد كتب مجانية ولا يحزنون.. تحديت الغيطانى وأخبرته أننى سأكشف له زيف وكذب الموقع.. وبالفعل قبل التحدى.
فتحت موقع «بتانة» على الإنترنت، وقمت بالاشتراك فيه وفوجئت به يطلب معلومات كثيرة، منها رقم البطاقة الشخصية التى لا أعرف سببا لطلبه، وكذلك العنوان الذى سيتم إرسال الكتب المجانية عليه، ورقم الموبايل، وعدة أسئلة أخرى كنت أتعامل معها بحيطة وحذر.
أدخلت عنوان سكنى فى إمبابة ولم أضع عنوان الجريدة.. لربما يكون هناك كتب يتم إرسالها بالفعل فأتأكد هل تصل للمنزل فى أى مكان كما يروجون أم لا.
وبدأت فى معركة الإجابة على الأسئلة.. حيث كنت حريصا على إتمام التحدى فى أسرع وقت لأثبت صحة توقعاتى.. سؤال وراء آخر استطعت خلال يومين الحصول على ٥٠٣ نقاط.. فورا دخلت على الجوائز لأختار منها كتابا لاستبداله بالنقاط التى معى.
لم يكن يهمنى نوع الكتاب الذى سأختاره ولا كاتبه بقدر شغفى باستبدال أى كتاب بتلك النقاط لمعرفة هل سأحصل عليه ، وهل سيقومون بتوصيله لمنزلى أم لا؟
اخترت كتاب «بين المعداوى وفدوى طوقان» لرجاء النقاش واستبدلته بـ٥٠٠ نقطة من نقاطى.. وها أنا أنتظر اللحظة الحاسمة.. ظهرت رسالة تؤكد فوزى بالجائزة، وأن أحد مندوبى الموقع سيتواصل معى لتسليمى الكتاب.
كان ذلك يوم ١٢ أكتوبر، فناديت الغيطانى وأخبرته بأننى فى انتظار مكالمة المندوب التى بالتأكيد لن تتم.. ولم يفتنى «التريقة» قليلا عليه، مذكرا إياه بالتحدى الذى بيننا.. وكان كل يوم يمر دون جديد من موقع «بتانة» انتصارا لى.. حتى بعد أن وصلتنى رسالة على الموبايل بعدها بأربعة أيام نصها: «تم إرسال ١ كتاب لك مع تحيات فريق بتانة».. وهى الرسالة التى شجعتنى على التمسك برأيى فى الموقع.. فأنا لم أستلم شيئا، فأين تم إرسال الكتاب؟.. لكننى فضلت الانتظار.
يوم ١٧، أكتوبر تلقيت مكالمة من الموقع يبلغنى قيامه بإرسال الكتاب عن طريق البريد وأنه سيصلنى فى خلال أيام.. وطلبوا منى متابعة مكتب البريد التابع له عنوانى.. رسالة أخرى على الإيميل تؤكد نفس المعلومات.. انتظرت وقد تملكنى إحساس بقرب مشهد النهاية، التى تشير المعطيات الأولية إلى أنه لن يكون فى صالحى.
الأربعاء ١٩ أكتوبر كانت النهاية المأساوية عندما وصلنى الكتاب بالفعل على منزلى.. لكن وسط الشعور بالهزيمة فى التحدى كانت سعادتى بالغة بصدق «بتانة» والقائمين عليه.. وأحسست أن مشروعا ثقافيا فريدا من نوعه قد انطلق فى مصر بعد مشروع القراءة للجميع.
أشعر بضرورة الاعتذار للقائمين على موقع «بتانة» لسوء ظنى الذى تبدد بالتجربة العملية..
amgad_Fahmy@hotmail.com