من الظواهرِ المُمَيزَة للانتخاباتِ البرلمانية الحالية حربُ الفَتَاوى الطاحنة التى يخوضُهَا الإسلاميون ضدَ بعضِهم البعض التى تهدفُ إلى صرفِ الناخبين عن الإدلاءِ بأصواتهم؛ فهناكَ الفَتَاوى التى أصدرَها الإخوانُ ومناصروهم التى تؤثمُ المشاركةَ فى الانتخابات، وتحثُ الناسَ على مقاطعتِها، وهناك فتاوى الجبهة السلفية التى تستهدفُ عدمَ التصويت لحزبِ النور الذراعِ السياسية للدعوةِ السلفية، ولم تتوخَ الدولةُ المدنية بمؤسستِها الدينية الرسمية «الأزهر» وعلمائِها الوقوعَ فى هذا الفخ الذى نَصَبَهُ الإسلاميون، حيث صدرت عديدٌ من الفتاوى التى تحضُ على المشاركة فى الإدلاءِ بالصوت على أنه شهادة، ومن يكتمُها فإنه آثمٌ قلبُه.
ولم يتورعْ «حزبُ النور» والدعوةُ السلفية عن الاستعانة بالَفَتاوى السعودية لكبارِ شُيُوخِ السلفية بالمملكة لحثِ قواعدِهم على المشاركة، كما أصدرَ مشايخُهم بمصر فتاوى مماثلة، كما حاولَ الحزبُ إقناعَ الإسلاميين على اختلافِ توجهاتهم ومشاربهم بالتصويتِ لحزبِ النور على اعتبارِ أنه الحزبُ الأقربُ إليهم، وأنه حامى الشريعةِ الإسلامية فى ظلِ الهجمةِ الشرسة على الإسلام من قِبَلِ العَلمانيين والليبراليين والنَصَارى، رغمَ أن الحزبَ فى إطارِ براجماتيته السياسية البادية قامَ بترشيحِ نفرٍ من هؤلاء على قوائمه لإثباتِ أنه ليس حزبًا دينيًا، عملًا بمبدأ التقية.
ومن الغريبِ أن تدورَ رحى حربِ الفَتَاوى المُستعرة فى الانتخاباتِ الحالية بين السلفيين بعضِهم البعض؛ حيث أفتى الدكتور سعد فياض القيادى بـ«الجبهة السلفية» بحُرمةِ المشاركة فى الانتخاباتِ البرلمانية قائلاً: «مقاطعةُ الانتخابات البرلمانية فريضةٌ شرعية والتصويتُ على انتخاباتِ نظامِ الثالثِ من يوليو وحزبِ النور «كبيرةٌ من الكبائر» مستشهدًا بآياتٍ وأحاديثَ تدعمُ فتواه»، وأضافَ أن «مقاطعةَ هذه الانتخابات فريضةٌ شرعية، والمشاركةَ فيها إثمٌ وخطيئة وأن من يفعلُ ذلك شريكٌ فى الإثم»، مستشهدًا بقوله: «وتَعَاونوا على البرِ والتَقْوى ولا تَعَاونوا على الإثمِ والعُدْوَان».
وأوضحَ أنه «من المعلوم أن الحُكمَ على الشيء فرعٌ عن تصوره، والانتخاباتُ هى لتثبيتِ أركانِ نظامٍ سياسى قامَ على القتلِ والظُلمِ وخدمةِ مصالحَ الصهاينة، وكُلُ من يخرجُ عن هذا الخط يتعرضُ للاعتقالِ والتصفية، فالمشاركةُ فى هذه الانتخابات دعمٌ للظلم وتثبيتٌ له»، واستشهدَ فياض بحديثٍ آخرَ يقول «من أَعَانَ ظَالِمًا لِيُدْحِضَ بِبَاطِلِهِ حَقًّا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ الله وَذِمَّةُ رَسُولِهِ»، متابعًا «كما أن الأصلَ فى الديمقراطية كما كان حزبُ النور يقول أيامَ مبارك أنها كُفْرٌ، وكل من أجازَ ممارستَها من العلماء قَيَدَ ذلك بضوابطٍ شرعية لا تتحقق فى عهدِ السيسى».
وأضاف د. فياض «يكفى أن الإسلاميين حصلوا على أغلبيةٍ فى المجلسِ السابق، ولم يحققوا هذه الضوابط وتمَ حَلُه، ويَصْدُقُ على مِثْلِ ذلك قولُهُ تعالى:{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِى الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِى جَهَنَّمَ جَمِيعًا}، مختتمًا «المشاركةُ تكون من قَبيلِ الشهادة والتوكيل، والشرعُ حذرَ من شَهادةِ الزُور ومن توكيلِ الظالمِ وأعوانِه».
واتهمَ فياض حزبَ «النور» بأنه «يُدَلِسُ على الناس بحُجَجٍ واهية للحصولِ على أصواتِ المواطنين فى الانتخابات، وبعضُ البسطاء وضِعَافِ النفس يبدون تجاوبًا مع هذه التُرَهَات»، وأشارَ إلى أن «ما يُوافقُ أدلةَ الشَرع وفَهمَ الواقع أن التصويتَ لهم هو كبيرةٌ على أقل أحواله، وأنه يحملُ وِزْرَ أقوالِهم ومواقفِهم كاملةً؛ فإن التصويتَ هو شهادةٌ وموافقةٌ تجعلُ صاحبَها شريكًا لهم فى الوِزْرِ والإثم».
من جهته وصفَ الدكتور أكرم كساب عضو الاتحاد العالمى لعلماءِ المسلمين المشاركةَ فى الانتخابات البرلمانية بـ«الجريمةِ الكُبرى»؛ لأنها بحسب قولِه مشاركة ضِمنية لـ«عبدالفتاح السيسى» فى سفكِ الدماءِ البريئة فى «رابعة»، وأضافَ كساب «المشاركةُ فى الانتخابات مجرد موافقة للبُغاةِ المحاربين الذين خرجوا على أولِ رئيسٍ مُنتخب، وهى بذلك تؤسسُ لديكتاتوريةٍ جديدة».
إن فتاوى السلفيين ضِدَ بعضِهم البعض هى التى أدت إلى عدمِ قدرةِ «حزبِ النور» على الحشد، وإلى عزوفِ قِطَاعٍ كبيرٍ من السلفيين عن النزولِ للتصويت، بل إلى مقاطعةِ قواعدِ «حزبِ النور» نفسِه للانتخابات، وهى القواعدُ التى كانت منذُ ثورةِ ٣٠ يونيو أبعد ما تكونُ عن توجهاتِ قياداتِها، حيثُ كانت هذه القواعدُ تشاركُ فى اعتصاميْ «رابعة والنهضة» فى حين تشاركُ القيادات فى تحالفِ ٣٠ يونيو وإعلانِ بيانِ الثالثِ من يوليو.
يجبُ على «حزبِ النور» ألا يُلقى بتَبِعةِ فشلِه فى الانتخابات على الإعلامِ أو الدولة، بل يجبُ أن يعلمَ أن شيوخَ السلفية هم من أسقطوه، وجعلوا الإخوانَ يرقصون ابتهاجًا بذلك الآن على جثتِه الراقدة هناك.. بعيدًا عن صندوقِ الانتخابات، وإن كانت تستحقُ «التصويت».. فلترفعُ المنتقباتُ نِقَابِهِنَ لكى يُصَوتِنَ بصوتٍ مسموع على «حزبِ النور» الذى فقد كل طاقته «النُورانية» بعد أن أظلمت الصناديقُ فى وجهِه وقالت له «لا».. ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله!
ولم يتورعْ «حزبُ النور» والدعوةُ السلفية عن الاستعانة بالَفَتاوى السعودية لكبارِ شُيُوخِ السلفية بالمملكة لحثِ قواعدِهم على المشاركة، كما أصدرَ مشايخُهم بمصر فتاوى مماثلة، كما حاولَ الحزبُ إقناعَ الإسلاميين على اختلافِ توجهاتهم ومشاربهم بالتصويتِ لحزبِ النور على اعتبارِ أنه الحزبُ الأقربُ إليهم، وأنه حامى الشريعةِ الإسلامية فى ظلِ الهجمةِ الشرسة على الإسلام من قِبَلِ العَلمانيين والليبراليين والنَصَارى، رغمَ أن الحزبَ فى إطارِ براجماتيته السياسية البادية قامَ بترشيحِ نفرٍ من هؤلاء على قوائمه لإثباتِ أنه ليس حزبًا دينيًا، عملًا بمبدأ التقية.
ومن الغريبِ أن تدورَ رحى حربِ الفَتَاوى المُستعرة فى الانتخاباتِ الحالية بين السلفيين بعضِهم البعض؛ حيث أفتى الدكتور سعد فياض القيادى بـ«الجبهة السلفية» بحُرمةِ المشاركة فى الانتخاباتِ البرلمانية قائلاً: «مقاطعةُ الانتخابات البرلمانية فريضةٌ شرعية والتصويتُ على انتخاباتِ نظامِ الثالثِ من يوليو وحزبِ النور «كبيرةٌ من الكبائر» مستشهدًا بآياتٍ وأحاديثَ تدعمُ فتواه»، وأضافَ أن «مقاطعةَ هذه الانتخابات فريضةٌ شرعية، والمشاركةَ فيها إثمٌ وخطيئة وأن من يفعلُ ذلك شريكٌ فى الإثم»، مستشهدًا بقوله: «وتَعَاونوا على البرِ والتَقْوى ولا تَعَاونوا على الإثمِ والعُدْوَان».
وأوضحَ أنه «من المعلوم أن الحُكمَ على الشيء فرعٌ عن تصوره، والانتخاباتُ هى لتثبيتِ أركانِ نظامٍ سياسى قامَ على القتلِ والظُلمِ وخدمةِ مصالحَ الصهاينة، وكُلُ من يخرجُ عن هذا الخط يتعرضُ للاعتقالِ والتصفية، فالمشاركةُ فى هذه الانتخابات دعمٌ للظلم وتثبيتٌ له»، واستشهدَ فياض بحديثٍ آخرَ يقول «من أَعَانَ ظَالِمًا لِيُدْحِضَ بِبَاطِلِهِ حَقًّا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ الله وَذِمَّةُ رَسُولِهِ»، متابعًا «كما أن الأصلَ فى الديمقراطية كما كان حزبُ النور يقول أيامَ مبارك أنها كُفْرٌ، وكل من أجازَ ممارستَها من العلماء قَيَدَ ذلك بضوابطٍ شرعية لا تتحقق فى عهدِ السيسى».
وأضاف د. فياض «يكفى أن الإسلاميين حصلوا على أغلبيةٍ فى المجلسِ السابق، ولم يحققوا هذه الضوابط وتمَ حَلُه، ويَصْدُقُ على مِثْلِ ذلك قولُهُ تعالى:{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِى الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِى جَهَنَّمَ جَمِيعًا}، مختتمًا «المشاركةُ تكون من قَبيلِ الشهادة والتوكيل، والشرعُ حذرَ من شَهادةِ الزُور ومن توكيلِ الظالمِ وأعوانِه».
واتهمَ فياض حزبَ «النور» بأنه «يُدَلِسُ على الناس بحُجَجٍ واهية للحصولِ على أصواتِ المواطنين فى الانتخابات، وبعضُ البسطاء وضِعَافِ النفس يبدون تجاوبًا مع هذه التُرَهَات»، وأشارَ إلى أن «ما يُوافقُ أدلةَ الشَرع وفَهمَ الواقع أن التصويتَ لهم هو كبيرةٌ على أقل أحواله، وأنه يحملُ وِزْرَ أقوالِهم ومواقفِهم كاملةً؛ فإن التصويتَ هو شهادةٌ وموافقةٌ تجعلُ صاحبَها شريكًا لهم فى الوِزْرِ والإثم».
من جهته وصفَ الدكتور أكرم كساب عضو الاتحاد العالمى لعلماءِ المسلمين المشاركةَ فى الانتخابات البرلمانية بـ«الجريمةِ الكُبرى»؛ لأنها بحسب قولِه مشاركة ضِمنية لـ«عبدالفتاح السيسى» فى سفكِ الدماءِ البريئة فى «رابعة»، وأضافَ كساب «المشاركةُ فى الانتخابات مجرد موافقة للبُغاةِ المحاربين الذين خرجوا على أولِ رئيسٍ مُنتخب، وهى بذلك تؤسسُ لديكتاتوريةٍ جديدة».
إن فتاوى السلفيين ضِدَ بعضِهم البعض هى التى أدت إلى عدمِ قدرةِ «حزبِ النور» على الحشد، وإلى عزوفِ قِطَاعٍ كبيرٍ من السلفيين عن النزولِ للتصويت، بل إلى مقاطعةِ قواعدِ «حزبِ النور» نفسِه للانتخابات، وهى القواعدُ التى كانت منذُ ثورةِ ٣٠ يونيو أبعد ما تكونُ عن توجهاتِ قياداتِها، حيثُ كانت هذه القواعدُ تشاركُ فى اعتصاميْ «رابعة والنهضة» فى حين تشاركُ القيادات فى تحالفِ ٣٠ يونيو وإعلانِ بيانِ الثالثِ من يوليو.
يجبُ على «حزبِ النور» ألا يُلقى بتَبِعةِ فشلِه فى الانتخابات على الإعلامِ أو الدولة، بل يجبُ أن يعلمَ أن شيوخَ السلفية هم من أسقطوه، وجعلوا الإخوانَ يرقصون ابتهاجًا بذلك الآن على جثتِه الراقدة هناك.. بعيدًا عن صندوقِ الانتخابات، وإن كانت تستحقُ «التصويت».. فلترفعُ المنتقباتُ نِقَابِهِنَ لكى يُصَوتِنَ بصوتٍ مسموع على «حزبِ النور» الذى فقد كل طاقته «النُورانية» بعد أن أظلمت الصناديقُ فى وجهِه وقالت له «لا».. ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله!