تسلم السادات حكم مصر فى السادس عشر من أكتوبر ٧٠ وكان الجو ينذر بالغيوم والضبابية فى كل شىء، فموعد انتهاء وقف إطلاق النار بموجب مبادرة روجرز سيحل فى السادس من نوفمبر، والشعب يريد الثأر بحرب شاملة تعيد لنا كرامتنا المفقودة وأرضنا المسلوبة، ولكن قواتنا المسلحة غير جاهزة لمثل هذه الحرب الشاملة، واختيار السلام فى هذه اللحظة يعنى إعلان الهزيمة والاستسلام، ولذا لا مناص عن المعركة، وما إن انتهى السادات من إجراءات حلف اليمين حتى عقد اجتماعا مع معاونيه أمسك فيها ورقة فى حجم الفولسكاب وذيلها بكلمة الحرب، ثم بدأ يكتب على كل سطر يعلو كلمة الحرب المشكلات التى تعوق الدخول فى هذه الحرب، ومن أهمها السلاح والوقود وضمان وقوف العالم معنا وسلامة الجبهة الداخلية وتوفير التموين اللازم والأغذية المهمة للشعب أثناء المعركة وتحديد الموقف المثالى لإنهاء المعركة، والوقت الملائم، وقال السادات لمعاونيه بالحرف الواحد «يعلم الله يا سادة أنه ليس حبًا فى الحرب، ولكنها الضرورة التى فرضت علينا هذا الأمر، إننى أعلم خطورة الحرب والدماء التى قد تراق والشهداء والضحايا ولكن لا سبيل أمامنا غير هذا الطريق»، وقال السادات أيضا «لكى ندخل المعركة لا بد أن نضمن الرأى العام العالمى فى جانبنا، وهذا لن يحدث إلا إذا عرضنا مبادرة مصرية للسلام ترفضها إسرائيل فنظهر أمام العالم دعاة للسلام، وبعد ذلك لا نلام إذا قمنا بحل عسكرى» وهكذا أعلن السادات فى الرابع من فبراير ٧١ أمام مجلس الأمة مشروعا مصريا للسلام، كانت شروطه انسحاب إسرائيل من كامل الأراضى التى احتلتها فى ٦٧ وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم ٢٤٢ ورفضت إسرائيل المبادرة المصرية تماما كما توقع السادات، لكن مبادرته تلك تسببت له فى مشكلات داخلية جمة، فطلاب الجامعة وبعض العمال تصوروا أن هذه خطوة للتراجع عن شعار عبد الناصر «ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة»، وراح السادات يواجه مظاهرات طلابية وعمالية تطالبه بالحرب وتتهمه بأبشع الاتهامات وصبر الرجل، وهو يدير أذكى خطة للخداع الاستراتيجى ويهيئ الدولة سرا للحرب، كانت أياما عصيبة تمر على السادات الإنسان، حيث تحولت الحياة عنده إلى مجرد أوراق وتقارير وتحاليل سياسية وعسكرية، وبدأ فى التنسيق مع الجانب السورى، وعندما قام بطرد الخبراء السوفيت من مصر ارتاحت إسرائيل، وتنفست الصعداء وظنت أنه لن يفكر فى الحرب، ولكن فى هذه الأثناء كانت قواتنا المسلحة تقوم باختيار الخطاطبة كموقع لإجراء التدريبات على عبور قناة السويس، واقتحام خط بارليف، ففى هذه البلدة ترعة صغيرة يتماثل عرضها مع عرض قناة السويس وتم بناء ساتر ترابى يشبه خط بارليف، وواصل أبناء الجيش استعدادهم للمعركة الحاسمة، ولم يتركوا شيئا للصدفة حتى سرعة الرياح وغياب القمر ونسبة المد والجزر وذلك وصولا لاختيار أنسب الأوقات للعبور، وفى يوم الجمعة الخامس من أكتوبر ٧٣ الموافق للتاسع من رمضان خرج السادات من بيته بالجيزة، مودعا زوجته وأولاده دون أن يخبرهم بالأمر.
كانت تعليماته محددة وواضحة، وهى إخفاء ساعة الصفر عن الجميع، وفى صلاة الجمعة كان السادات يجلس فى آخر صف شارد الذهن يفكر فى أمور كثيرة أهمها على الإطلاق، هل علمت إسرائيل بساعة الصفر وسوف تباغتنا بضربة مفاجئة؟ وكان المشير أحمد إسماعيل وزير الحربية آنذاك يجلس بجواره وهو ينتظر تسلم القرار السياسى ببدء المعركة فى اليوم التالى، وفى الساعة المحددة لها، وانتهت صلاة الجمعة وذهب السادات لقصر الطاهرة وهو الذى اختاره ليكون مقرا له أثناء المعركة، وتسلم المشير أحمد إسماعيل قرار العبور وفى اليوم التالى وتحديدا فى تمام الثانية عشرة ظهرا غادر السادات مكتبه بقصر الطاهرة متجها إلى مقر القيادة الرئيسى للعمليات بطريق السويس، وهناك ألقى نظرة أخيرة على الخرائط، وتقارير الكفاءة وبدأت الأنفس تحتبس فى الحلوق، فالساعة قاربت على الثانية وهو الموعد المحدد لبدء المعركة.
وللحديث بقية
كانت تعليماته محددة وواضحة، وهى إخفاء ساعة الصفر عن الجميع، وفى صلاة الجمعة كان السادات يجلس فى آخر صف شارد الذهن يفكر فى أمور كثيرة أهمها على الإطلاق، هل علمت إسرائيل بساعة الصفر وسوف تباغتنا بضربة مفاجئة؟ وكان المشير أحمد إسماعيل وزير الحربية آنذاك يجلس بجواره وهو ينتظر تسلم القرار السياسى ببدء المعركة فى اليوم التالى، وفى الساعة المحددة لها، وانتهت صلاة الجمعة وذهب السادات لقصر الطاهرة وهو الذى اختاره ليكون مقرا له أثناء المعركة، وتسلم المشير أحمد إسماعيل قرار العبور وفى اليوم التالى وتحديدا فى تمام الثانية عشرة ظهرا غادر السادات مكتبه بقصر الطاهرة متجها إلى مقر القيادة الرئيسى للعمليات بطريق السويس، وهناك ألقى نظرة أخيرة على الخرائط، وتقارير الكفاءة وبدأت الأنفس تحتبس فى الحلوق، فالساعة قاربت على الثانية وهو الموعد المحدد لبدء المعركة.
وللحديث بقية