الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

جابر عصفور "1"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هو لا يحتاج إلى تقديم فقد قدم نفسه كمفكر ومجدد شجاع يقول كلمته غير مبال باعتراض المتأسلمين أو المترددين أو الخائفين، الذين لا يجدون شجاعتهم إلا عندما يهاجمونه هو وغيره من المجددين.
وقد سبق لجابر أن قدم نفسه للقارئ فى مذكراته التى سماها «زمن جميل مضي» فالأب فقير ومتمرد ومستعصى على الخضوع لمتطلبات الحياة الأسرية، ولم يجد راحته فى أى عمل ومع أول قطرات الملل يتركه لعمل آخر ليلتقط رزقه يومًا بيوم.
ثم انتقل من موطنه بالمحلة إلى القاهرة، معتقدا أن فيها مستقرا حيث وجد بالعافية ما يضمن له وللأولاد الحد الأدنى من الرزق، وكان الأب على فقره وقلة تعليمه يدفع ابنه دفعا فى سلم التعليم متمنيا له أن يكون فى كفاءة وشهرة طه حسين وأن يكون عميدا مثله.. وقد كان وحقق بالفعل أمنية أبيه، ولم تكن مصادفة أن وضع فى صدر كتابه الموسوعة «التنوير والدولة المدنية» شعرا لعبدالرحمن الأبنود يناديه فيه:
يا عميد الأدب، هذا زمان العجب
اللى زمان كفروك، أهو كفروك تاني
سوق الجهالة انقلب ع اللى انقرا واللى انكتب
والجهل قال للعلم ماتجيش هنا تاني
وفى الجامعة يدخل الفتى المتفوق ليجد أستاذة تدفعه دفعا إلى التفوق فقد أشرفت الدكتورة سهير القلماوى، بعد تخرجه فى قسم اللغة العربية بكلية الآداب- جامعة القاهرة عام ١٩٦٥، على رسالتيه الماجستير والدكتوراه، وظل فى الجامعة مدافعا عن الأدباء الليبراليين وعن الاستنارة والتجديد حتى جاء السادات وسلم مفاتيح الجامعات والمدارس للقوى المتأسلمة من إخوان وجماعات واستخدمهم لتصفية حساباته وحساباتهم مع كل القوى التقدمية والليبرالية والمستنيرة وتمرد «جابر» مع من تمردوا وقرر السادات فصله ضمن ستين أستاذا جامعيا، فسافر إلى ستوكهولم، وعندما رحل السادات أعاد حسنى مبارك الأساتذة المفصولين، فعاد جابر إلى الجامعة ثم إلى جامعة الكويت (١٩٨٣-١٩٨٨) ثم عُين أمينا للمجلس الأعلى للثقافة فجعل منه حقلا ومنارة للاستنارة ومقاومة التأسلم، وظل جابر محتضنا حلم أبيه فبقى أيضا فى الجامعة حتى أصبح «أستاذ كرسى اللغة العربية فى جامعة القاهرة» فاستحق شعر الأبنودي، وأسس جابر «المركز القومى للترجمة» فصعد به محققا ترجمة العديد من الإبداعات المستنيرة حتى أحيل إلى المعاش، وحتى عندما كان جابر أمينا للمجلس الأعلى للثقافة لم يستطع أن يخفى رفضه وقرفه من فساد نظام مبارك ومن التحالف غير المعلن والغبى مع قوى التأسلم السياسي، بما أغضب منه أصحاب السلطة الذين وصفهم بـ«أنهم لا يقرأون وإنما يقرأ لهم الوشاة»، وجمع جابر مقالاته لينشرها فى كتاب سماه «مقالات غاضبة» ليزداد الغاضبون منه غضبا.. فقد دافع عن حرية الإبداع دفاعا أقلقه إذ يكتب مثلا عن أزمة رواية «وليمة لأعشاب البحر» أن هذا الهجوم يتجلى كأحد تداعيات تضخم نفوذ تيارات الإسلام السياسي».
والكتابة عن جابر عصفور ومعاركه التجديدية محيرة فالإبداعات كثيرة والهجوم على التأسلم بلا حصر.. كتب وأبحاث ومقالات لا تنقطع، لكننا نلتقط من كتابات جابر عصفور موسوعته التى سماها «التنوير والدولة المدنية» والتى أصدرها فى مجلد ضخم ٤٦٣ صفحة من القطع الكبير فى نوفمبر ٢١٠٣.. فإلى لقاء.