الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

تتلعثم خطواتنا بالقوة اللزجة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعلم الإنسان أن بناء الدولة والحفاظ عليها يكون من خلال القوة أى بتكوين جيش يحمى ويدافع، وهو ما يطلق عليه الآن «القوة الصلبة»، ومع شدة الخسائر للدول الطامحة فى الاستيلاء على غيرها نظير استخدام القوة العسكرية، ظهر الجيل الرابع من الحروب الذى يستهدف إفشال الدولة وزعزعة استقرارها وتفتيت مؤسساتها وتفكيك وحدة شعبها من خلال آليات عديدة منها «القوة الناعمة» التى ابتكرها «جوزيف ناى» وتعنى كل الوسائل التى تحقق ما تستهدفه الدولة فى دولة أخرى بدون إكراه أو استخدام القوة العسكرية، فهى تعتمد على الجاذبية والقدرة على الاستقطاب والإقناع بدلا من الإرغام.. وبعد دراسة متأنية وعين راصدة وجدت أن هناك قوة ثالثة سميتها «القوة اللزجة» والتى تقوم على أكتاف أنصاف المثقفين أصحاب المظهر الراقى والفكر الضحل، والذين يعتمدون على الإلحاح بما يريدون وقدرتهم على جذب الانتباه حتى يتداوله غيرهم وتتسع الدائرة ويعتبرونها حقيقة رغم أنها قضايا وهمية أو لا منطقية، فيصيبون المجتمع بالتعثر والتذبذب وكثيرا ما تنزلق قدم الوطن بأفعالهم وآرائهم الجهولة.. هؤلاء يقتحمون آذاننا وأبصارنا ويبذلون طاقاتهم لتغييب عقولنا، تلك القوة اللزجة تملأ مجتمعاتنا العربية وتشوه أى إنجاز وتسبب تفاقم المشاكل مهما حاول الحكام وحكوماتهم الإصلاح.. تلك القوة التى تسبب الغثيان تعمل على تفتيت المجتمع إلى فئات وشحن كل فئة ضد الأخرى، هذه القوة اللزجة ليست وليدة الفوضى التى عمت الأمة العربية ولكنها أحد أهم العوامل التى ساعدت على بزوغها وتشعبها.. وسأذكر بعض الأمثلة خلال الأيام الماضية: بعد انتهاء المرحلة الأولى للانتخابات هب هؤلاء مستنفرين قوتهم اللزجة بدعواتهم السوداوية المغرضة أن الشعب اكتأب والشباب محبط وشعبية الرئيس تتهاوى!!.. لم ير هؤلاء أفراد الشعب من رجال القوات المسلحة والشرطة الذين لم تغفل أعينهم لأيام لإنجاز تلك المهمة بالشكل اللائق لمصر وعراقتها، أو رجالنا ونساءنا الذين حفر الزمان معالمه على وجوههم وأجسادهم ولكن تمتلئ قلوبهم بالأمل وعقولهم بالنورانية ويؤثرون على أنفسهم الأجيال القادمة، لم يروا السيدات الحوامل وأطفالهن أو الرجال والشباب الذين توافدوا على اللجان الكثيرة بلا تزاحم وبلا انقطاع أيضا يدلون بأصواتهم فى مظهر راقٍ وحضارى ولم يروا تشبث الرئيس بتسليم مهمة التشريع للبرلمان!!..
بدأت الحملة بالهمهمات من ذيول البرادعى والطابور الخامس الذين ينكمشون لفترة ثم يعودون، قالوا إن نسبة الحضور ضعيفة ليست كبرلمان الإخوان!!.. البرلمان الذى حرص المشير طنطاوى على إجراء انتخاباته فى ظل حالة سياسية متردية يستحيل إقامة انتخابات فى مناخها وأحداث محمد محمود واستهدافهم لضرب وزارة الداخلية التى كانت فى حالة ضعف ما بعد ٢٨ يناير، ولكن أصر المشير على خوض التحدى ونجح فى إجراء انتخابات حرة ومنظمة.. فاستيقظ الشعب المرعوب على بلده وولده ليجد القوات تملأ كل الشوارع واللجان، فتسابقت الجموع للإسراع للجان الانتخاب كى تلملم الوطن الجريح وأطرافه المتناثرة.. ولكن القوة اللزجة كانت لاهية فى ممارسة التحريض والهدم والدفاع عن الإخوان بأنهم فصيل وطنى أصيل فى ٢٥ يناير، فكان لهم فضل دحض القلق والخوف من المتأسلمين، وانبرى الإخوان والسلفيون فى تنظيم صفوفهم وحصدوا أغلب كراسى البرلمان بعد ملء الطوابير وبطء عملية التصويت عن طريق قضاة منتمين إليهم لتظهر الأعداد أضعاف حقيقتها، يضربون المثل بهذا البرلمان العار على الأمة متجاهلين نواب البرلمان الجدد من القوة الوطنية والنساء والشباب وذوى الاحتياجات الخاصة، تجاهلوا أن هناك ملايين المغتربين عن محافظاتهم لم يستطيعوا التصويت، وأن الشباب ليس مغرمًا بالأحداث السياسية كما يدعون، فعملت كتائب الإخوان الإلكترونية بجد ونشاط للتأثير بالنكات والحكايات المختلقة والصور المركبة لتصدير الصورة التى تشكك فى إنجازاتنا.. وبدأ زهو القوة اللزجة بسقوط حزب النور ويستنكرون عملهم بالسياسة ومع ذلك يلجأون إلى مشايخ أمثال مظهر شاهين وأسامة القوصى للتهجم عليهم والاستهزاء بهم وكأن هؤلاء ليسوا رجال دين أيضا ولا يجب إقحامهم فى السياسة!!.. وما يفعلونه إثارة لمشاعر السلفيين يحولهم إلى أعداء للوطن ومخربين بدلا من استقطابهم وتصحيح مفاهيمهم الخاطئة.. كذلك وجدنا تلك القوة تحارب أى محب لهذا البلد الأمين فتم الهجوم على حاكم الشارقة بعد إهدائه أعمالاً فنية بمناسبة أكتوبر بدعوى أن الشاعر دأب على الهجوم على الرئيس وهم يرفضون هديته لأن - مصر اتهانت يا رجالة - كذلك الهجوم على الفنانة الكبيرة أحلام التى جاءت متبرعة للغناء مع كورال أطفال مصر والمايسترو الإنسان سليم سحاب فيهلل هؤلاء بالمطالبة بمنعها من دخول مصر لأنها قالت على الطفلة ياسمينا - ويا للهول - أن صوتها مستعار وهى حقيقة لا ينكرها إلا جاهل وتناسوا أنها إمارتية عاشقة لمصر كباقى أهلنا فى الإمارات.. أيضا يحاولون تشويه السعودية وكيل الاتهامات لحكامها وإهالة التراب على سياساتها لصالح إيران وأمريكا!!.. نجد تلك القوة تهلل للأفلام التافهة والبرامج الإباحية وبرامج الأبراج والسحر والشعوذة، هؤلاء فاقدو البصر والبصيرة سبب نكبات الأمة، فيا إلهى «ما ألطفك بنا مع جهل بعضنا وما أرحمك بنا مع قبح أفعالهم بنا».