الخميس 04 يوليو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

حوارات

"البوابة نيوز" تحاور شاعر المقاومة في الذكرى 42 للانتصار على إسرائيل.. غزالي: شاركت الجيش في التعبئة المعنوية والنفسية في كل العمليات الفدائية بالسويس

 الكابتن غزالي شاعر
الكابتن غزالي شاعر المقاومة الشعبية بالسويس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
- الشعوب بطبيعتها طموحه ومن لا يؤمن بها لايؤمن بالبطوله
-لابد لوزارة الثقافة من تصحيح تاريخ مصر المعاصر وتسجيل شهادات أبطال الحرب وإلا اصبحت مشروع بلا هدف


جاوز من العمر الثمانين، بسيطا محبوبا تجده حينا مع الشباب الموهوب وأخرى على مقهى مع اصدقاء الدرب وصحبة الكفاح، شاعر، مقاوم، فيلسوف، وفدائى.
هكذا هو الكابتن غزالي شاعر المقاومة الشعبية بالسويس، ومؤسس فرقة أولاد الارض التي كان لها دور معنوى في صمود هذا الشعب حين رددت أغانية ليلة 25 أكتوبر 1973 بعد اقتحام القوات الإسرائيلية للمدينه، وظلت اغانيه سلاحا معنويا يجاور المدفع والبندقية خلال المقاومة، ويلازم حجارة الثوار وهتافاتهم عندما انطلقت شرارة الثوره من قلب المدينة الباسله.
إلتقينا بالشاعر غزالى الذي أستولد من قلب الألم والحزن والانكسار أغانى وأشعار دفع بها الزمان فأصبح من التراث الشعبى وثقافة المقاومه.




ما الذي دفعك لتأسيس فرقة ولاد الأرض ؟
يقول غزالى أن نظرية الحاجة ام الاختراع هي ما دفعتهم إلى تشكيل فرقة ( البطاطين ) والتي عرفت فيما بعد بأولاد الارض، يتذكر يوم 5 يونيو 1967 حين فوجئت السويس بالحرب وفى غضون 24 ساعة كانت الهزيمة دون تمهيد أو مقدمات، وعلية كانت المفاجئة بوصول القوات الإسرائيلية للضفه الشرقية من القناه، وبدوأ بضرب القذائف والمدفعية على المدينة وسكانها الأمنين وعلم المواطنين أن القوات المسلحة إنهزمت في هذه الحرب، فقام أبناء السويس بفطرتهم وحسهم الوطنى ليعلنوا رفض الهزيمة والاستسلام وتكونت في أعقاب ذلك مجموعات من الشباب تبحث عن السلاح للدفاع عن الأهالي، الذين لم يستسلموا ويرتضوا بقبول وجود القوات الإسرائيلية، لذا كان عليهم تدبير وسائل حمايتهم، ومن تلك التجمعات خرجت تنظيمات شعبية من العمال والفلاحين والشباب طلاب الجامعات تقدمهم الادباء والمثقفين بابحث عن وسيلة لحماية الوطن ورد الهزيمة وايقاف المد الاسرائيلى.

كيف كان المناخ العام والحالة المعنوية مع كتابة الاشعار ؟
حينها ابتدع مجموعة من الشعراء والمثقفين وسيله متاحه وشكلوا فرق استهدفت توعية المواطنين ومن ضمنها برزت فكره ( ولاد الارض ) التي كان يتولى قيادتها غزالي واتسمت تلك الفرقه بالتصدي لمواجهة العدو الإسرائيلي على ضفة القناه وهو ما ولد الدعوة للصمود.
ويشير غزالي إلى أن ذلك دفعه إلى كتابة اغاني واشعار مستوحاه من قلب الظروف التي تعايشها السويس ومن أضلع معاناة الشعب، لم تكن هذه الفرقة قد اخترات اسم لها بعد، ولم يكن فكره فنية أيضا بل ركزت على الدفاع عن النفس والوطن واشتهرت المجموعة بين الشعب السويسى، وأطلق عليها "فرقة البطاطين"، على سبيل السخرية من النظام القائم آن ذاك، حيث افترش اعضائها البطاطين وسط الجماعات يتحدثون إليهم ويشرحوا لهم الظروف القائمة ويطالبوهم بالصمود الثبات من خلال الاغانى والشعر والسويس بطبعها مدينة مصرية اشتهر عن اهلها منذ القدم بحبهم للفنون والغناء، وبالتجرية أكتشف أن ذلك سلاح مهم ويشد من ازر المناضلين إلا أن قرار التجهير صدر في نهاية أكتوبر 1967.

كيف أثر التهجير على الفرقة وفكر المقاومة؟
أعقب ذلك مرحلة جديده من المقاومة بالكلمة والوتر ووصل عدد الفرقة إلى 20 شخصا بقيادته وعندما انتشرت الاغانى وشملت على المتواجدين بالسويس يشرعون في كلماتها بطعم الامل المنتزع من الهزيمة أطلق عليها أولاد الارض.
يتحدث غزالى عن تلك المرحلة قائلا: بعد التجهير تحولت أولاد الارض إلى عمل سياسي يوازي في الساحة الداخلية العمل العسكري وخرج من الفرقة مجموعات من الفدائيين وقدمت الفرقة العديد من الشهداء.
ويقول غزالي أن الكلمات والاشعار التي كتبت عقب النكسة وحتى فترة حرب أكتوبر والمقاومة الشعبية كان لها دور عظيم، وقد رافق الكلمات التي كتبها عزف السمسمية تلك الآله البسيطة التي يستطيع أي شخص أن يعزف عليها.
وخلال حرب الاستنزاف، وأيام المقاومة كان للكلمة دور مهم طوال الوقت، فتكتيكات الحروب كانت تملى في أحيان كثيرة إيقاف القتال، لكن الفن والادب والشعر وأوتار السمسمية لم تتوقف وحافظت على تجييش الشعب المصرى كله من خلال الاغانى والاشعار والتي ارتفعت بروحهم المعنوية طوال فترة الحرب حتى نصر أكتوبر.



وهل ترى أن الدولة وثقت تلك المرحلة المهمة ؟
الملاحظ الآن هو تغييب هذا التراث من فنون المقاومة التي لازمت الحرب وقت سقوط المدافع، وعبأت وحشدت كل وجدانيات الشعب وقادتهم إلى النصر والاستشهاد وهم يتغنون وفرحون بتضحياتهم في سبيل الوطن، لكن بتعنت شديد وواضح وساذج غيبت الحكومات هذا التراث من النشاط الغنائى وانتجت اغانى هابطة زيفت على الاجيال تاريخهم، وفرضت عليهم أسلوب حياة انهزامى حتى اصبحوا في غيبوبة عن علاقتهم بالوطن، وقد غيبت فنون المقاومة وابداعاتها.

لماذا صدر قرار بتهجيرك من السويس ؟
يتذكر الكابتن خلال حديثه أنه أجُبر على التجهير والخروج من السويس في قضية سياسية يوم 7 مارس عام 1973 وذلك لأصراره على استمرار تشكيلات المقاومة الشعبية والسلاح في ايدي الشعب لمواجهة، حيث عارض قرار تسريح المقاومة الشعبية وسحب الأسلحة.
وقال أن حرب أكتوبر جرت دون مشاركة شعبية حقيقيه وذلك ما دفعه ليطالب بأهمية وضروره اعادة تصويب التاريخ وتصحيحه حتى ترى فيه الاجيال القادمه مدى عظمة التضحية بالارواح في سبيل مصر.

اذن لم تشارك في معركة السويس 24 أكتوبر فماذا كان دورك في المقاومة ؟
يقول الكابتن غزالي أنه كان مشاركا بالتعبئة المعنوية والنفسية في كل العمليات الفدائية التي جرت على الجبهة، ونقل رواياتها إلى كل ربوع الوطن في الوقت الذي منع فيه بشكل رسمي نقل الاحداث التي تدور على يد الفدائيين، ويرى أن مسئوليته ومن معه كانت نابعة من كونهم المصدر الوحيد للمعلومات وللوقائع على الضفة الغربية للقناه بما يحتم عليهم نقلها للشعب، وكان ذلك من خلال الاغانى والاشعار السياسية التي تضمنت تلك المشاهد والمواقف بشكل غير مباشر فكانت تعرف إنجازات الفدائيين مع كل اغنية جديده، وتذكر الكابتن بعض من تلك الاغانى وردد قائلا:
" بينا يلا بينا، نحرر أراضينا، عضم اخواتنا نلمه نلمه، نسنه نسنه، نعمل منه مدافع وندافع، ونجيب النصر هدية لمصر نكتب عليه اسامينا " وهي إحدى القصائد التي كتبها نهاية 1967، وقد لازمت تلك الكلمات هتافات ثوار السويس خلال ثورة 25 يناير.

لماذا ردد الشباب في السويس كلمات اغاني ولاد الارض في الثورة ؟ 
رد قائلا: بشكل غير مباشر ردد شباب السويس بعض الاشعار والاغاني التي كتبتها لانهم وجدوا فيها أجابات على كل ما كانوا يرجوه، فضلا عن كونهم ورثوا جينات المقاومة عن أبائهم وأجدائهم الذين حاربوا، وردد بعض ما كتبة خلال الثوره (يا دم الشهداء يا طاهر، يا معطر في الحواري، يا محني تراب بلدنا، يا منور في العلالي، صامدين يا سويس صامدين، بايسين قهر السنين ومدوبنا الحنين واشتقنا بالاحضان يا سويس).



وهل هناك منهج للتفكير وفلسفة خاصة بالمقاومة ؟
يصمت شاعر السويس قليلا ثم يقول أن الشعوب لها فلسفاتها الدئوبه والمستمره وهي درء الظلم والفساد والعبث، وعلى هذا يدور الصراع المستمر ويظل في وجدانها ولا ينسى أبدا وكل ما خرج شئ جديد ببارقة أمل يتجدد معه طموحات المواطنين وأفكارهم.
يقول الكابتن غزالي أن مصر لم تشهد تغيير كمي وكيفي منذ حرب أكتوبر يجعل الشعب هادئا وراضيا وسعيدا، اقاطعة قائلا ولا حتى ثورتى يناير و30 يونيو، فيرد "الأمل معقود على المستقبل"، نتمنى أن يتم تعويض الفدائيين ورجال المقاومة عن ما فاتنا من حقوق طوال 42 سنة، ضاعت فيها بطولات أكتوبر، وايجابيات أكتوبر، وعاش الشعب المصرى مطحونا بين شقي الرحى، واستاثرت القله القليله من الداهية والانتهازيين المزيفيين الذين عاشوا يزيفوا التاريخ وتضحيات الشعب المصرى
ونامل أن تعوضنا الاجيال القادمة خيرا عما فات، بتصويب التاريخ لتصحيح قدرات الشعب المصرى وبطولاته، فنحن في اشد الحاجة لذلك في المستقبل، لكن يبقى أن الشعوب بطبيعتها طموحه إلى الافضل الارقى وتظل متربطه بالعابثين بأقدارها ولاتعرف المهادنه، فالذين لايؤمنون بالشعوب لا يؤمنون بالبطوله.

كيف تري وزارة الثقافة الآن ؟
" مشروع بلا هدف " هكذا وصف غزالى وزارة الثقافة مؤكدا على أنه من الواجب الآن أن يكون لها مشروعها القومي وهو تصحيح تاريخ مصر المعاصر، وتسجيل شهادات أبطال الحرب ومحو أمية الشعب الابجدية والفنية والثقافية فهي مهمة قومية فهل يستطيع وزير الثقافة أن يقوم بها.
ويشير غزالي أن وزارة الثقافة كانت أحد المشروعات المهمة لثورة يوليو 1952، لكن بعد ضربة يونيو 1967، جاءت انظمة ما بعد حرب أكتوبر لتتجاهل الانشطة الثقافية وتعطل المشروع الثقافى، وجاءت حكومات لا تؤمن بحق الشعب في المعرفة وتحولت الثقافة وإمكانياتها العظيمة، وقدراتها إلى منشأت ملأى بالموظفين وبلا امكانيات حقيقية لدعم النشاط الثقافي، وضاعت حقوق الشعب في المعرفة واكتشاف قدرات الموهوبين.
وجاءت الايام وتولت الوزارة قيادات ثقافية كبيرة القامة لا تعرف أن مصر أكبر من القاهرة والمدينة المحيطة بها، وان للمصريين في الارياف والمحافظات الاخرى لهم حقوق مثلهم مثل القاهريين في الثقافة والمعرفة
ولم يهتم احدأ من القيادات بالثقافة أو الفنون في الاقاليم، اللهم إلا التجمعات في المناسبات واحداث ضجه، وحديث في غاية الجهل والتخلف واحيل بين الادباء والفنانين والمبدعين بسبب جهل الكوادر وفتور الحماس.
وطالب بالحرص على دعم واستمرار وتمكين قصور الثقافة في المحافظات لاستئناف النشاط الثقافى مره أخرى فهذا من حق الشعب.

هل هناك فرق بين فكرة المقاومة والقائد والفدائى ؟
يقول غزالي متحدثا عن فكرة المقاومة وفكرة القائد والرمز أن عدد الذين استمر تواجدهم بالسويس بالتهجير قارب خمسة آلاف مدنيا بدون حسابات كلهم أبطال ومقاومون لكننا نسيناهم بمرور الوقت، أما تكريم الرموز الشعبية خلال احتفالات ذكرى 24 أكتوبر فهو تكريم رمزى لتضحيات آلاف من الشهداء الذي سقطوا في المقاومة والمدنيين العزل الذين ماتوا بفعل الضربات الغادرة من إسرائيل.